قديم 07-05-2007, 01:32 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

صاحب الامتياز غير متواجد حالياً


افتراضي علم الأنساب مابين الإفراط و التفريط

الحديث عن علم الأنساب حديثٌ ذو شجون ، وبحر متلاطم عجز عن إدراك قاعه الباحثون ، وتهيّب في خوض لجته العارفون ، وتهاون في الإفتاء فيه الجاهلون ، حتى استحال من كونه وسيلة إلى غاية تتناهى العقول والأفهام في البحث عن دقائقه ، والتفتيش في رواياته بغض النظر عن جودة فهم القارئ ، وعن التثبت في صحة المروي، و عن الاستفصال عن عدالة الراوي .

وانقسم الناس في هذا الزمن في هذا العلم إلى طرفين وندر الوسط ، أما الطرف الأول فقومٌ اتخذوا هذا العلم ذريعة للطعن في الأنساب ، وإحياء النعرات القبلية ، وهذان مزلقان خطيران حذر منهما النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : (( أربعٌ في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن الفخر بالاحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة )) ، وقلّ للآسف في هذا الزمن من يسلم من هذين المزلقين ، فانبروا لأنساب الناس طعناً وتقسيماً وتحقيرا ، دون النظر في الغاية العظمى والأسمى لهذا العلم المتمثلة في قوله صلى الله عليه وسلم : (( تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم )) ، وكأنهم لم يعلموا أن الخوض في أعراض الناس من الكبائر ، والطعن في أنسابهم أكبر وأخطر ، فلماذا نورط أنفسنا في أمور لن نسأل عنها يوم القيامة ؟ أليس السكوت أسلم ؟ فإن دعت الضرورة إلى الجرح والتعديل فلا بد من التثبت الشديد في النقل ، وعلى العاقل ألا يغتر بالكلام المتناقل بين الناس .يقول الدكتور مصطفى السباعي - رحمه الله - : والجماهير دائماً أسرع إلى إساءة الظن من إحسانه ، فلا تصدق كل مايقال ولو سمعته من ألف فم ، حتى تسمعه ممن شاهد بعينه ، ولا تصدق من شاهد بعينه حتى تتأكد من تثبته فيما شاهد ، ولا تصدق من تثبت فيما يشاهد حتى تتأكد من براءته من الهوى والكذب ، ولذلك نهانا الله عز وجل عن الظن ، وعدّه إثماً لا يغني من الحق شيئاً .

ويقابل الطرف الغالي المتعصب طرفٌ آخر تكاسلوا عن معرفة أنسابهم القريبة فضلاً عن أصولهم البعيدة ، ومفاخر قومهم وأيامهم ولغتهم ومواطنهم ، وحينما أذكر المفاخر والأيام فإنني لا أعني به الفخر الأعمى بالأحساب بل حفظ تراث قومهم من الضياع ، وتسديد انجازات اباءهم ، السير على خطى الصاحين والعظماء منهم ، ولكن للأسف ضعفت همة البعض عن إدراك هذه المعاني السامية ، ولله درّ القائل : لو لم يكن في معرفة الأنساب إلا اعتزازه بقبيلته من صولة الأعداء ، وتنازع الأكفاء ، لكان تعلمها من حسن الرأي و أفضل الثواب ، ألا ترى إلى قوم شعيب عليه السلام حين قالوا : (( ولولا رهطك لرجمناك )) فأبقوا عليه لرهطه . ا.هـ ، فليت شعري من يدرك أهمية هذه المعاني ، ويدرك أهمية ما غفل عنه .

وأما الطرف النادر وهم القلة ، وكذا المعدن الثمين يندر في كل زمان ، قومٌ سلموا من التعصب المذموم ، وسلموا من الجهل في إدراك أمور أنسابهم ، فلهم مني ومن كل غيور لهذا العلم أعطر سلامٍ وتحية ، وإني لأرجو أن يكون هذا المنتدى قبلة لهذه النخبة ، ومنارة لهذا المنهج المعتدل الوسط ؛ كي يرقى المجتمع بفكره ، وتتسع آفاق أفراده بفكرٍ مستنير متجدد لايضره من شذّ عنه ، ولامن خالفه فقد اقتضت سنة الله أن الناس لاتتفق مذاهبهم ولا أمورهم .

أخيرا : ارجو ألا أكون ارتقيت مرتقىً صعباً لست له بأهل ، ولكن شفيعي في ذلك التأسي بنبي الله شعيب في قوله لقومه : (( إن أُريد إلا الإصلاح ما استطعت )) ، فما كان من صواب فلله الحمد ولي كل نعمة ، وله الحمد والمنة ، وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان ، والعذر موصول لكل من قرأ هذه السطور .


ودمتم لي بود






آخر تعديل صاحب الامتياز يوم 07-05-2007 في 01:34 AM.
رد مع اقتباس
 

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:37 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل