خزعبلات ( صوت صفير البلبل)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلنا قد سمع بالقصيدة التي نسبت إلى الأديب الكبير واللغوي الجهبذ الأصمعي الذي تربى في ديار هذيل وتعلم اللغة من أفواه قبيلتنا العريقة ......
وقصة القصيدة كما تعلمون أن الخليفة المنصور كان يحفظ القصيدة من أول مرة وعنده غلام يحفظ القصيدة من المرة الثانية وعنده جارية تحفظ القصيدة من ثالث مرة .
وكان الخليفة إذا أتاه شاعر فألقى قصيدة قال له : هل القصيدة من قولك أو من منقولك ؟
فإذا قال هي من قولي . قال له الخليفة : هذه ليست لك وأنا قد سمعت بها من زمان ... فأنا أحفظها والغلام يحفظها والجارية تحفظها ثم يلقونها عليه , والشاعر متعجب من ذلك .
فسمع الاصمعي بذلك وقال : والله إن في الأمر مكيدة , ثم نظم قصيدته ( صوت صفير البلبل ) فألقاها على الخليفة فلم يستطع حفظها وكذلك الغلام والجارية , وكان الشرط أن القصيدة التي تكون من نظم الشاعر يأخذ وزنها من النقود كجائزة . وكان الأصمعي قد كتبها على عمود من الرخام فوزنوه وأعطوه مقبلها كل مافي الخزانة ,
فقال المنصور للأصمعي أزح اللثام عن وجهك والله إنك الأصمعي فلما عرفه قال له :
ولم خدعتني
فقال : لقد منعت الشعراء من المال بعبقريتك , فإن منهم الفقير وذو الحاجة ...
ثم أعاد الأصمعي النقود , وقد أخذ عهدا على الخليفة أن يعطي كل الشعراء من المال ....
والقصيدة تقول :
صوت صفير البلبل000هيّج قلب الثمل
الماء و الزهر معاً000مع زهر لحظ المقل
وأنت ياسيد لي000وسيدي وموللي
فكم ،فكم تيمّلِ 000غُزيّلٌ عقيقلِ
قطفته من وجنةٍ000من لثم ورد الخجل
فقال :لالا..لالالا000وقد غدا مهرول.
والخود مالت طرباً000من فعل هذا الرجل
فولولت و ولولت 000 ولي ولي ياويللي
فقلت لا تولولي 000وبيني اللؤلؤ لي
قالت له حين كذا 000انهض وجُد بالنُقَلِ
و فتيةٍ سقونني 000قهوة كالعســلــلِ
شممتها بأنَفَي 000 أزكى من القرنفــلِ
في وسط بستانٍ حُلي 000بالزهر والسرورِلي
والعود دندن دن لي000والطبل طبطب طب لي
طبطب طب طبطب طب000طبطب طب طبطب لي
والسقف سقسقسقلي 000 والرقص قد طاب لي
شوا شوا وشاهِشو 000 على ورق سفرجـلِ
و غرد القمريُّ يصيـــح مللٌ فـــي مللِ
ولو تراني راكــباً 000 على حمارٍ أهـــزلِ
يمشي على ثلاثـــةٍ 000 كمشية ِ العرنجـلِ
والناس ترجم جملي 000 في السوق بالقلقـلـلِ
والكــل كعكع كعيكع 000 خلفي و من حويللي
لكن مشيت هارباً 000 من خشية العقنقــلِ
إلى لقاء ملـكٍ 000 معظّـــمٍ مبجّلِ
يأمرُ لي بخلـــعةٍ 000 حمـــراء كالدَمْدَمَلِ
أجرُّ فيـها ماشـياً 000 مبـغـدداً للذّيَـــل
أنــا الأديـب الألمعي 000 من حي أرض الموصـلِ
نظمـت قـطعاً زُخرفت 000 يعجز عنها الأدبلِ
أقــول في مطـلعها 000 صوت صفير البلبل
وقد عجبت كثير كثيرا من رواجها ،
وسر عجبي هو :
ما هي القيمة الأدبية التي تذوقها الناس من هذه القصيدة التي تشبه قعقعة حفارات الطرق ؟؟؟؟؟؟؟
فأنا في الحقيقة يصيبني الدوار من جراء قراءتها .
من الذي روج بين الناس أن هذه القصيدة للأصمعي ؟؟؟؟
وهل هي حقيقية فعلا؟؟؟؟؟؟؟
أسئلة لا بد من طرحها ولابد من الإجابة عنها ؟
وإذا أردتم رأيي الشخصي :
فأنا أكاد أجزم أن الأصمعي منها براء ، وأقول ذلك لأنها فعلا تهمة للأصمعي ، ربما أكون مخطأ في هذا الرأي لكن إليك الأسباب التي جعلتني أقول به .
أولا : الأصمعي رجل معروف بالفصاحة والبيان ، وبمعاشرته المستمرة في رحلاته لأهل البادية الذين كانوا أهل الفصاحة والبيان مما جعله حجة في مفردات اللغة ومعانيها واستعمالاتها .
ثانيا : إذا علمنا هذه المنزلة التي وصل إليها الأصمعي ، من الفصاحة والبيان ، ثم رأينا ما احتوته هذه القصيدة من الخزعبلات :
طب طب طب طب ،
لالالاللالالالا ،
كعكعكعكعكعكعكعكع ،
حويللي ،
ولي ولي ولي ولي ،
والتي هي أشبه ما تكون برقى السحرة يبين لنا وجه الافتراء على الأصمعي ،إذ لا تصدر من عاقل فضلا عن عالم حجة .
ثالثا : وعلى فرض أن الأصمعي قالها !!! هل يعقل أن يكافئه المنصور على مثل هذه الفيروسات!!!!!!! والمنصور في المنزلة التي يعرفها الجميع فصاحة وقدرة على تمييز السقيم من الصحيح ،
ولو قالها الأصمعي في مجلس المنصور لجرده من ملابسه ، ولألقاه على وجهه في الرمضاء ، ولجعل وجهه مثل قفاه من الضرب .
رابعا :المنصور رجل قوي داهية أرسى قواعد الدولة العباسية ، وهو الذي قتل أبا مسلم الخراساني ذلك الداهية الشجاع الجبار ،هل يعقل أن يتحايل عليه الشعراء بمثل هذه التمثيليات الطفولية التي هي أشبه ما تكون بحكايات ميكي ماوس .
خامسا : والله لوكان شعراء ذلك الزمان بمثل هذا العقل يكتب القصيدة بنفسه ثم يضحك على المنصور فيظن أنها لغيره ، لأحرقت ما وصلت إليه يدي من كتب الأدب ، لأن معنى ذلك أننا نتلقى الأدب عن حمقى !!!!!!!!!!!!
سادسا :ماهو المصدر الذي نقلت منه هذه القصيدة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بحثت طويلا في كتب الادب المعتبرة ولم أجدها !!!!!ولا تتعبوا أنفسكم في التوثيق ، لأنه لو نشر الأصمعي من قبره وقال أني قلتها لقلت له كذبت !!!!! فأنا لي عقل أفكربه ، والأصمعي أجل شأنا من أن يقول مثل ذلك
أخيرا : حين يكون تدارسنا للأدب فكاهة!!!!!!!!!! . وحين ننقل عن كتب الأدب الممسوخة !!!! تخرج لنا مثل هذه الروايات التي تصلح لمهرجي السيرك ، لا لعلماء جهابذة نفاخر بهم الأمم!!!!!!!!!!
تحياتي للجميع .
|