الجواهري وتأبين المعري
قِفْ بِالْمَعَـرَّةِ وَامْسَحْ خَدَّهَا التَّرِبَـا
وَاسْتَوْحِ مَنْ طَوَّقَ الدُّنْيَا بِمَا وَهَبَـا
وَاسْتَوْحِ مَنْ طَبَّـبَ الدُّنْيَا بِحِكْمَتِـهِ
وَمَنْ عَلَى جُرْحِهَا مِنْ رُوحِهِ سَكَبَـا
وَسَائِلِ الحُفْـرَةَ الْمَرْمُـوقَ جَانِبهُـا
هَلْ تَبْتَغِي مَطْمَعاً أَوْ تَرْتَجِـي طَلَبَـا؟
يَا بُرْجَ مَفْخَـرَةِ الأَجْدَاثِ لا تَهِنِـي
إنْ لَمْ تَكُونِي لأَبْرَاجِ السَّمَـا قُطُبَـا
،،،
أَبَا العَـلاءِ وَحَتَّـى اليَوْمِ مَا بَرِحَتْ
صَنَّاجَةُ الشِّعْرِ تُهْدِي الْمُتْرَفَ الطَّرَبَا
يَسْتَـنْزِلُ الفِكْـرَ مِنْ عَلْيَا مَنَازِلِـهِ
رَأْسٌ لِيَمْسَـحَ مِنْ ذِي نِعْمَـةٍ ذَنَبَـا
وَزُمْـرَةُ الأَدَبِ الكَابِـي بِزُمْرَتِـهِ
تَفَرَّقَتْ فِي ضَلالاتِ الهَـوَى عُصَبَـا
تَصَيَّـدُ الجَـاهَ وَالأَلْقَـابَ نَاسِيَـةً
بِـأَنَّ فِـي فِكْـرَةٍ قُدَسِيَّـةٍ لَقَبَـا
وَأَنَّ لِلْعَبْقَـرِيّ الفَـذِّ وَاحِـدَةً
إمَّـا الخُلُـودَ وَإمَّا المَـالَ والنَّشَبَـا
،،،
مِنْ قَبْلِ أَلْفٍ لَوَ أنَّـا نَبْتَغِـي عِظَـةً
وَعَظْتَنَا أَنْ نَصُـونَ العِلْـمَ وَالأَدَبَـا
عَلَى الحَصِيرِ.. وَكُـوزُ الماءِ يَرْفُـدُهُ
وَذِهْنُهُ.. وَرُفُـوفٌ تَحْمِـلُ الكُتُبَـا
أَقَـامَ بِالضَّجَّـةِ الدُّنْيَـا وَأَقْعَـدَهَا
شَيْـخٌ أَطَـلَّ عَلَيْهَا مُشْفِقَاً حَدِبَـا
بَكَى لأَوْجَـاعِ مَاضِيهَا وَحَاضِـرِهَا
وَشَـامَ مُسْتَقْبَـلاً مِنْهَـا وَمُرْتَقَبَـا
وَلِلْكَآبَـةِ أَلْـوَانٌ، وَأَفْجَعُــهَا
أَنْ تُبْصِرَ الفَيْلَسُوفَ الحُـرَّ مُكْتَئِبَـا
،،،
تَنَـاوَلَ الرَّثَّ مِنْ طَبْـعٍ وَمُصْطَلَـحٍ
بِالنَّقْـدِ لاَ يَتَأبَّـى أَيَّـةً شَجَبَـا
وَأَلْهَـمَ النَّاسَ كَيْ يَرضَوا مَغَبَّـتَهُم
أَنْ يُوسِعُوا العَقْلَ مَيْدَانَاً وَمُضْطَرَبَـا
وَأَنْ يَمُـدُّوا بِـهِ فِي كُلِّ مُطَّـرَحٍ
وَإِنْ سُقُوا مِنْ جَنَاهُ الوَيْـلَ وَالحَرَبَـا
،،،
لِثَـوْرَةِ الفِكْـرِ تَأْرِيـخٌ يُحَدِّثُنَـا
بِأَنَّ أَلْفَ مَسِيـحٍ دُونـهَا صُلِبَـا
،،،
إنَّ الذِي أَلْهَـبَ الأَفْـلاكَ مِقْوَلُـهُ
وَالدَّهْرَ.. لاَ رَغَبَا يَرْجُـو وَلاَ رَهَبَـا
لَمْ يَنْسَ أَنْ تَشْمَلَ الأَنْعَـامَ رَحْمَتُـهُ
وَلاَ الطُّيُورَ .. وَلاَ أَفْرَاخَـهَا الزُّغُبَـا
حَنَا عَلَى كُلِّ مَغْصُـوبٍ فَضَمَّـدَهُ
وَشَـجَّ مَنْ كَانَ، أَيَّا كَانَ، مُغْتَصِبَـا
سَلِ المَقَادِيـرَ، هَلْ لاَ زِلْتِ سَـادِرَةً
أَمْ أَنْتِ خَجْلَى لِمَا أَرْهَقْتِـهِ نَصَبَـا
،،،
تَلَمَّسَ الحُسْنَ لَمْ يَمْـدُدْ بِمُبْصِـرَةٍ
وَلاَ امْتَـرَى دَرَّةً مِنْهَـا وَلاَ حَلَبَـا
وَلاَ تَنَـاوَلَ مِـنْ أَلْوَانِـهَا صُـوَرَاً
يَصُـدُّ مُبْتَعِـدٌ مِنْهُـنَّ مُقْتَرِبَـا
لَكِنْ بِأَوْسَـعَ مِـنْ آفَاقِـهَا أَمَـدَاً
رَحْبَاً، وَأَرْهَـفَ مِنْهَا جَانِبَا وَشَبَـا
،،،
رَأْسٌ مِنَ العَصَبِ السَّامِي عَلَى قَفَصٍ
مِنَ العِظَـامِ إِلَى مَهْزُولَـةٍ عُصِبَـا
أَهْوَى عَلَى كُوَّةٍ فِي وَجْهِـهِ قَـدَرٌ
فَسَدَّ بِالظُلْمَـةِ الثُقْبَيْـنِ فَاحْتَجَبَـا
وَقَالَ لِلْعَاطِفَـاتِ العَاصِفَـاتِ بِـهِ
الآنَ فَالْتَمِسِـي مِنْ حُكْمِـهِ هَرَبَـا
الآنَ قُولِي إِذَا اسْتَوْحَشْـتِ خَافِقَـةً
هَـذَا البَصِيـرُ يُرِينَـا آيَـةً عَجَبَـا
هَذَا البَصِيرُ يُرِينَـا بَيْـنَ مُنْـدَرِسٍ
رَثِّ الْمَعَالِمِ، هَذَا الْمَرْتَـعَ الخَصِبَـا
زُنْجِيّـَةُ اللَّيْلِ تَرْوِي كَيْفَ قَلَّـدَهَا
فِي عُرْسِهَا غُرَرَ الأَشْعَارِ.. لاَ الشُّهُبَـا
،،،
يَا عَارِيَاً مِنْ نَتـاجِ الحُـبِّ تَكْرمَـةً
وَنَاسِجَـاً عَفَّـةً أَبْـرَادَهُ القُشُبَـا
نَعَوا عَلَيْكَ - وَأَنْتَ النُّورُ- فَلْسَفَـةً
سَـوْدَاءَ لا لَـذَّةً تَبْغِـي وَلا طَرَبَـا
وَحَمَّلُـوكَ - وَأَنْتَ النَّـارُ لاهِبَـةً
وِزْرَ الذِي لا يُحِسُّ الحُـبَّ مُلْتَهِبَـا
لا مَوْجَـةُ الصَّدْرِ بِالنَّهْدَيْنِ تَدْفَعُـهُ
وَلا يَشُقُّ طَرِيقَـاً في الهَـوَى سَربَـا
وَلا تُدَغْـدِغُ مِنْـهُ لَـذَّةٌ حُلُمَـاً
بَلْ لا يُطِيقُ حَدِيـثَ اللَّـذَّةِ العَذِبَـا
،،،
حَاشَاكَ، إِنَّكَ أَذْكَى في الهَوَى نَفَسَاً
سَمْحَاً، وَأَسْلَسُ مِنْهُمْ جَانِبـَاً رَطبَـا
،،،
وَهَـؤُلاء الدُّعَـاةُ العَاكِفُـونَ عَلَى
أَوْهَامِهِمْ، صَنَمَـاً يُهْدُونَـهُ القُرَبَـا
الحَابِطُـونَ حَيَاةَ النَّاسِ قَدْ مَسَـخُوا
مَا سَنَّ شَرْعٌ وَمَا بِالفِطْـرَةِ اكْتُسِبَـا
وَالفَاتِلُـونَ عَثَـانِينَـاً مُهَـرَّأَةً
سَاءَتْ لِمُحْتَطِبٍ مَرْعَـىً وَمُحْتَطَبَـا
وَالْحَاكِمُونَ بِمَا تُوحِـي مَطَامِعُهُـمْ
مُؤَوِّلِيـنَ عَلَيْهَـا الجِـدَّ وَاللَّعِبَـا
عَلَى الجُلُودِ مِنَ التَّدْلِيـسِ مَدْرَعَـةٌ
وَفِي العُيُونِ بَرِيقٌ يَخْطَـفُ الذَّهَبَـا
مَا كَانَ أَيُّ ضَـلالٍ جَالِبـاً أَبَـدَاً
هَذَا الشَّقَاء الذِي بِاسْمِ الهُدَى جُلِبَـا
أَوْسَعْتَهُـمْ قَارِصَاتِ النَّقْـدِ لاذِعَـةً
وَقُلْتَ فِيهِمْ مَقَـالاً صَادِقَـاً عَجبَـا:
،،،
"صَاحَ الغُرَابُ وَصَاحَ الشَّيْخُ فَالْتَبَسَتْ
مَسَالِـكُ الأَمْـرِ: أَيٌّ مُنْهُمَا نَعَبَـا"
،،،
أَجْلَلْـتُ فِيكَ مِنَ المِيزَاتِ خَالِـدَةً
حُرِّيَّـةَ الفِكْـرِ وَالحِرْمَانَ وَالغَضَبَـا
،،،
آمَنْتُ بِالله وَالنُّـورِ الذِي رِسَمَـتْ
بِهِ الشَّرَائِـعُ غُـرَّاً مَنْهَجَـاً لَحِبَـا
وُصْنْتُ كُلَّ دُعَاةِ الحَـقِّ عَنْ زِيَـغٍ
وَالْمُصْلِحِينَ الهُدَاةَ، العُجْـمَ وَالعَرَبَـا
وَقَدْ حَمِدْتُ شَفِيعَاً لِي عَلَى رَشَـدِيَ
أُمّاَ وَجَدْتُ عَلَى الإِسْـلامِ لِي وَأَبَـا
آخر تعديل وضّاح اليمن يوم 02-29-2008 في 09:13 PM.
|