رد: الخصائص اللغوية لقبيلة هذيل ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تابع خصائص لغة هذيل :
وأيًّا ما كان فالواو صوت انتقالي عند المحدثين ( ) يبدأ تكوينه من موضع صوت اللين ثم ينتقل اللسان بسرعة إلى موضع صوت لين آخر؛ ولذا تسمى عندهم ( نصف ساكن ) أو (ساكن ضعيف) لأننا نسمع لها نوعًا ضعيفًا من الحفيف. كما تتميز الواو بانفتاح يقربها من الحركات، لذلك تعتبر (نصف حركة semi vowel ) وهذه الخاصية تجعلها كثيرة الحذف والتغير، ومن أجل هذا فإننا لا نستطيع رسم حركة مستقلة عن الحرف، وكان من الضروري أن تعتمد الحركة على حرف وكان هذا الحرف الهمزة؛ لأنها من أشد الأصوات وأجلدها فهو صوت شديد فيه ينحبس الهواء عند المزمار انحباسًا تامًّا ثم ينفرج دفعة واحدة محدثًا هذا الصوت .
وحسب النحاة الأقدمون وعلماء العربية قاطبة أن ذلك من باب الإعلال والإبدال، وليس من ذلك في شيء - من وجهة نظرنا - فلا إعلال ولا إبدال، كما ظن القدماء ونفر من المحدثين، وإنما حدث حذف للواو مع بقاء الحركة، ولما كانت العربية لا ترسم الحركات وحدها مستقلة عن الحروف، فقد اعتمدت الحركة على حرف هو الهمزة - واللجوء إلى الهمزة لتعتمد عليها الحركة سنة إنسانية عامة تعرفها جميع اللغات - فظن القدماء أن الواو قلبت وأبدلت همزة، وليس كذلك إلا إذا اعتبرنا قول القدماء نوعًا من التعليم أو التبسيط، والأمر لا يعدو أن هذيلاً تؤثر تتابع الحركات؛ ولهذا لجأت إلى نبر المقطع الأول فكانت الهمزة الموجودة في أول الكلمات التي أشرنا إليها آنفًا .
والقدماء وعلى رأسهم سيبويه يرون في الظاهرة ( إبدالاً ) ( )، والباقون يجدون لها مكانًا في باب (الإعلال)( ). يقول سيبويه:"وليس حرف أقرب إلى الهمزة من الألف ... والواو والياء شبيهة بها أيضًا مع شركتهما أقرب الحروف منها " ( ). ويعلق السيرافي على قول سيبويه بقوله: " يعني بذلك أن الألف هي شبيهة بالهمزة، والواو والياء أيضًا شبيهة بالهمزة مع شركة الواو والياء لأقرب الحروف منها، أعني من الهمزة .. وأراد بهذا تقريب أمر هذه الحروف الثلاثة من الهمزة ليبين أنه سائغ إبدالهن منها( ) ، فسيبويه يرى علاقة بين الهمزة والواو ليصح عنده الإبدال، والحقيقة أنه لا علاقة مخرجية أو وصفية بينهما تسوغ هذا الإبدال، بل بين الصوتين مفارقات كثيرة منها:
أ- أن الهمزة من أقصى الحلق، والواو من أقصى اللسان وليس من الشفتين كما رأى سيبويه .
ب - أن الهمزة صوت انفجاري شديد، والواو صوت انتقالي نصف حركة.
ج والهمزة صوت مهموس، والواو صوت مجهور .
فلا علاقة إذن تسوغ هذا الإبدال كما توهم أكثر علماء العربية وعلى رأسهم سيبويه.
وأرى أنه لبعد العلاقة بين الواو والهمزة فلا نستطيع أن نقول بالإبدال بينهما، بل هما من المترادف في حالة اتفاق الكلمتين في المعنى، فإذا اختلف المعنى بينهما رجحت أن كل صيغة منهما أصل مستقل. من ذلك ما نقله السيوطي ( ) عن القالي في أماليه: " قرأت على أبي عمر المطر قال: حدثنا أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي قال: الورث في الميراث والإرث في الحسب " .
على أن كثيرًا من علماء العربية - باستثناء الفراء وعلماء القراءات كانوا يرون وقوع الإبدال بين الحرفين مع اختلافهما مخرجًا وصفة ( )، وهنا يجب أن نشير إلى تلك اللفتة الذكية من ابن سيده حيث يرى: أن مالم يتقارب مخرجاه البتة فقيل على حرفين غير متقاربين فلا يسمى بدلاً، وذلك كإبدال حرف من حروف الفم من حرف من حروف الحلق.
يتبع .................
|