الاشتراك اللفظي.

الإخوة الفضلاء ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لغة القرآن من اللغات الغنية لفظياً .. بل هناك جانب رائع جدير بالبحث والغوص في عجائبه ..ونوادره وشوارده اللطيفة .. وهو مجال خصب لأهل الأدب وللشعراء في إخفاء بعض المعاني ..
وقد تباينت آراء علماء اللغة حيال إيجابية أن يشترك متضادان في لفظ واحد، فمنهم من اعتبر ذلك دليلاً على ضعف اللغة وافتقار رصيدها التعبيري عن كافة المعاني والأغراض .. ومنهم من اعتبر الغموض في النصوص خاصة الشعرية منها صفة سلبية ويرى أن خير الكلام ما كان مباشراً، لكن أهل البلاغة يجعلون للاشتراك اللفظي مكانة سامقة لأنه دليلٌ على ثراء اللغة ومرونتها .. كما أن الكثير من فنون البلاغة قائمة عليه كالجناس والتورية والترصيع، ويستدل عليه من خلال السياق النصي ..

ومن الأمثلة المشهورة على هذه (الأضداد): ما يقصد بها الفأل ، أو التأدب والاحتراز في الكلام :
//// السليم يطلق على السالم وعلى الملدوغ على التفاؤل بنجاته.
//// البصير يطلق على الأعمى أو لمن ذهب بصر إحدى عينيه تأدباً.
//// المهلكة من صحراء وخلافها يطلق عليها مفازة تفاؤلاً بفوز مجتازها ونجاته.
//// يسمى العطشان رياناً تفاؤلاً.
//// يسمى الأسود أبو البيضاء تأدباً وتفاؤلاً.
//// كانت العرب تطلق على عبيدها أسماء يتفاءلون بها : ميمون ، ميسرة ، مبروك.
//// كانت العرب تقول لفاقد الحاجة واجد تفاؤلاً بأنه سيعثر عليها.
وقد أبدل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الأسماء، وحث على التسمي بأخرى تفاؤلاً. قال صلى الله عليه وسلم: ( لا طيرة وأحب الفأل الصالح)رواه البخاري.والطيرة ضد الفأل ,وأثبت الإسلام التفاؤل لما فيه من حسن الظن بالله، وأبطل الطيرة ونهى عنها.

وقد تشترك معانٍ كثيرة في لفظ واحد مثل كلمة العين تطلق على: (النظر، الماء، المطر الدائم الغزير، نفس الشيء وذاته، الدينار).
ومن الطريف في هذا الباب أن المعلم بطرس البستاني صاحب معجم « محيط المحيط » نظم قصيدة تصل إلى
(30) بيتاً تنتهي كل أبياتها بكلمة (الخال) بمعان مختلفة . ولهذا سميت بالقصيدة الخاليِّة، ومنها :
فسح من الأجفان دمعك الخـال //////////(السحاب الممطر)
أمن خدها الوردي أفتنك الخال //////////(الشامة في الوجه)
لعينيك أم من ثغرها الومض الخال //////////( البرق)
تلاعب في أعطافه التيه والخـال //////////(الغرور أو التكبر)
وإن لام عمي الطيب الأصل والخـال //////////(أخو الأم)
ولكم خالص تحياتي ،،،