إكرام الضيف (الجزء الأول)
(إكرام الضيف : الجزء الأول)
الأخوة الفضلاء ..
أسعد الله أوقاتكم باليمن والمسرات ..
فإن من أنبل صفات العرب إكرام الضيف، وإن تاريخهم
ليروي لنا أخبار كرمائهم من أمثال حاتم الطائي
وكعب بن مامة وهرم بن سنان،
وقد بلغ بهم الكرم أن يمتنع أحدهم عن الطعام
حتى يجد من يشاركه فيه؛ فهذا قيس بن عاصم
يخاطب زوجته وقد أحضرت له طعاماً:
أيا ابنة عبدالله، وابنة مالك=ويا ابنة ذي البـُرْدينِ والفرسِ الورِد
إذا ما صنعتِ الزاد فالتمسي له=أكيلاً فإني لستُ آكـِلـَهُ وحدي
أخاً طارقاً، أو جار بيتٍ فإِنني=أخاف ملامات الأحاديث من بعدي
وكان السيد يأمر عبده بإيقاد النار ليستضيء بها التائه
وعابر السبيل ويجعل نجاح العبد في جلب
ضيفٍ ثمناً لتحريره من ربقة الرق.
أوقد فإن الليل ليل قَـرُّ=والريـحَ، ياغُلام، ريح صـرُّ
عَـلّ يَـرى نارَك من يـَمرُّ=أن جـَلـَبـْتَ ضيفاً فأنت حُـرُّ
ولم يكن أكبرهم مقاماً، وأعزهم شأناً يترفع
عن خدمة الضيف والقيام على شأنه:
وإني لعبد الضيف ما دام ثاوياً،،،،وما شيمة لي غيرها تشبه العبدا
ومع التفاخر بخدمة الضيف، كان أحدهم يفتخر بمضاحكة
ضيفه والتودد إليه، والهش في وجهه:
أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله=ويـُخـْصب عندي، والمحل جـَديب
وما الخـِصب للأضياف أن يكثر القرى=ولكنما وجه الكريم خصيب
وكانت الشعراء تمدح أهل الكرم:
المطعمين الشحم فو=ق الخبز شحماً كالأنافحْ
نُقلِ الجفانِ مع الجفا=ن إلى جفانٍ كالمناضحْ
للضيف ثم الضيف بع=د الضيف والبسط السلاطحْ
لكرامهم فوق الكرا=م مزيـّةٌ وزن الرواجحْ
كتثاقُل الأرطال بال=قسطاسِ في الأيدي الموائحْ
وقد أقرهم الإسلام على الكرم لما فيه من مكارم الأخلاق ،
ولكنه عدَّلَ النية من ابتغاء السمعة والفخر .. إلى ابتغاء مرضاة الله تعالى قال جل من قائل: ( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً . إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرةً وسروراً وجزاهم بما صبروا جنةً وحريراً )
روى البخاري عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه).
قال ابن حبان ـ رحمه الله ـ: من إكرام الضيف طيب الكلام ، وطلاقة الوجه، والخدمة بالنفس، فإنه لا يَذِلُّ من خدم أضيافه، كما لا يَعِزُّ من استخدمهم أو طلب لقِرَاه أجراً [أي طلب لهذه الضيافة مقابلاً].
(للحديث بقية)
|