الضغط النفسي
[grade="a0522d ff1493 800080 ff0000 dc143c"]
...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الضغط النفسي يعتبر داء العصر ويقع اليوم في أعلى قائمة مسبّبات الأمراض العضوية والنفسية؟ ما السبيل إلى التعايش مع الضغط النفسي بانسجام في ظلّ عدم القدرة على تفاديه؟
يقال إنالضغط النفسي مسؤول عن كل داء يصيبنا، من التيبّس العضلي إلى التعب والأمراض الحميدة وغير الحميدة. يجعلنا التعرّض لأدنى مشكلة تحت رحمة هذا الضغط المشؤوم، فنستسلم للغضب والخوف والتعب. مع ذلك، يطرح إلقاء اللوم على الضغط النفسي بعض التساؤلات، فداء القرحة المعوية، مثلاً، يصيب ضحايا الضغط النفسي، لكن ليس لهذا الداء أن يظهر من دون بكتيريا.
توجّه أصابع الاتهام الى الضغط النفسي أيضاً عند الإصابة بجلطة دماغية وارتفاع ضغط الدم أو حتى عند ظهور بعض أنواع السرطان، لكن هذه الاتهامات في غير مكانها، لا سيما أن تأثير الضغط يختلف بحسب الأشخاص وبحسب العمر. أثبت بعض الدراسات أن نسبة الكريات البيض تنخفض لدى البعض بعد فقدان شخص عزيز أو وظيفة، علماً أن هذه الكريات ضرورية جداً لجهاز المناعة وهي التي تكافح الاعتداءات عبر صنع الأجسام المضادة لها. بالتالي لا عجب في أن تتعرض عند التوتّر للرشح والتهاب الحلق بسرعة.
تحديده
يختلف معنى الضغط باختلاف المجال الذي ينطبق عليه. جسدياً، يعني ردة الفعل التي تصدر عنا نتيجة تعرّضنا لقيد أو خوف أو هجوم. يرتبط غالباً بالأدرينالين الذي يرتفع نتيجة الانفعال أو الخوف. كذلك يشكّل حافزاً لدى فئة من الناس ويمهّد السبيل أمامها لتحقيق أهدافها الشخصية أو المهنية بعكس الذين يصعب عليهم مقاومته فينهارون بسرعة، بالتالي فإن القدرة على التحمّل في هذا المجال مرتبطة بإرثنا الجيني وبتاريخنا وطفولتنا.
مؤشّراته
من الطبيعي أن نشعر بصعوبة في التنفّس عندما يعترضنا موقف صعب، فيبدأ قلبنا بالخفقان أو نتصبب عرقاً ونشعر بقلق شديد يمنعنا من النوم. ليس ما يدعو إلى الخوف، فالجسم يشعر بالإعياء في هذه الحالة، ثم يستعيد عافيته وعاداته بسرعة كبيرة، إلا إذا تكررت الحالة المسبّبة للضغط يوماً تلو آخر، لذا فإن الإرهاق مهنياً الذي يسبب الإنهاك يبعث على القلق الشديد.
تطوّره
يمر الضغط النفسي بمراحل عدة:
التفاعل مع العدوان
تتبدّل وتيرة دقات القلب، ثم تتحرك الغدد الصماء فتصنع الكورتيزون. يعتقد الأطباء أن ردة فعل جهاز المناعة قد تكون سيئة إزاء هذه التغيرات.
مقاومته
يتفاعل الجسم بشكل طبيعي فيستعمل قدرات الرد التي يملكها.
الإنهاك
يفقد الجسم القدرة على الرد بفاعلية وتظهر النتائج عليه، ما يستوجب إسعاف المريض بسبب الخطر الذي يهدد حياته.
تسري هذه المراحل على حالات الضغط المعنوي أو الضغط الناتج من سبب طبيعي كالبرد والعطش والحر.
علاقته بالتعب
لا شك في أن الضغط النفسي مرتبط مباشرة بالتعب فهو يمنعنا من النوم الهنيء، فنستيقظ بمزاج سيئ يوماً تلو آخر. قد تحدث تغيرات فجائية في المزاج، ما يؤدي الى الانهيار. الحقيقة أن هذا التعب مردّه الأساسي إلى قلة النوم التي تفقدنا القدرة على التركيز وتولّد حالة إعياء تامة تحول دون قيامنا بنشاطاتنا الاعتيادية. قد يتسبب هذا التعب بمشاكل زوجية وعدم القدرة على تحمّل الضجيج والأولاد.
وبالنوم
كثيراً ما يتسبب الضغط النفسي بالأرق فنستيقظ في منتصف الليل، واضعين همومنا نصب أعيننا. من هنا أهمية الخروج من هذه الحلقة المفرغة واستعادة القدرة على النوم قبل المباشرة بالحلول الأخرى.
عندما تشعر بانزعاج ما، تناول كوباً من الحليب الساخن أو مغليّ إحدى الأعشاب قبل النوم. لا شك في أنها تهدئ الأعصاب، لكنها غير كافية. يمكن الاستعانة في هذا المجال أيضاً بالعلاجات المكمّلة كوخز الإبر والطب التجانسي وتناول الفيتامينات والمعادن.
مكافحته
لا تستخفّوا بأعراض هذا التعب، فعدم القدرة على النهوض من الفراش صباحاً ينذر بالخطر. قد تخالونها أزمة عرضية، لكن الوضع يزداد سوءاً مع الأيام.
لا يشكل المتقدمون في السن أكثر فئة تذمراً من التعب، بل الشباب والفئة الناشطة في المجتمع، لا سيما النساء المشتتات بين مسؤوليات ونشاطات عدة. يُذكر أن التعب يتسبب بحوادث على الطرقات مردّها إلى قلة التركيز والتعب.
كما هي الحال بالنسبة الى الأمراض كافة، ينبغي التوصّل إلى تحديد أسباب الضغط النفسي بغية مكافحته بالشكل الصحيح.
لا فائدة من تناول كمية كبيرة من الأدوية التي قد يتبيّن أنها غير مفيدة، فأسباب الضغط الأساسية هي التالية:
- الإفراط في العمل.
- سوء التنظيم.
- القلق غير المبرر.
- المرض.
تم التعرّف إلى أسباب أخرى كالتعرض لمضايقات وشجارات عائلية والطلاق ومرض أحد الأبناء أو وفاة قريب أو فقدان وظيفة...
عند تحديد الأسباب، نستطيع التخلّص من هذا الوضع من دون اللجوء إلى مساعدة طبية من خلال اتخاذ قرارات تحدث تغيراً ملموساً في حياتنا وتزيل الضغط النفسي جزئياً. يمكن الاستراحة قليلاً من العمل مع الخضوع لعلاج قبل الانطلاق مجدداً.
خطوات
: حدّدوا أولوياتكم: أعيدوا تنظيم وقتكم وحددوا اهتماماتكم. باستثناء الأحداث التي تطرأ عليكم فجأة، يجب أن تكونوا قادرين على تحديد الضروريات القصوى في حياتكم.
ابتعدوا عن الأحداث: هذا لا يعني أنه عليكم التخلي عن أعمالكم فجأة والذهاب في عطلة. .
قولوا «لا»: التفوّه بهذه الكلمة مفيد جداً لتجنّب حالة الإعياء والإرهاق. ليس الهدف من ذلك التمرّد على كل ما يحيط بكم، بل رفض الأمور غير المبررة وغير المنطقية والمبالغ بها في العمل والمنزل.
الضغط ليس مرضاً مميتاً إنما ينبغي بذل الجهود للتخلّص منه فور تشخيصه.
لا تعتمدوا الحلول الجاهزة الخاصة بالأصدقاء بل اصغوا إليهم واختاروا المفيد من اقتراحاتهم.
فضلاً عن ذلك، لا تنسوا أننا قد نتعايش مع الضغط النفسي من دون الإصابة بمرض أو العيش بتعاسة. قد يؤثر الضغط فينا إيجاباً، فمعروف أن البعض يحتاج إلى الشعور بالتوتّر لتحقيق الأفضل. لكن في حال كنتم غير مهيئين لتحمّل هذه المصاعب، لا مجال لانتهاج أسلوب يقلب شخصيتكم رأساً على عقب، فالهدف هو العيش بهناء على رغم الضغوط والمشاكل.
مارسوا الرياضة أو زوروا أحد الأصدقاء للتخلّص من الضغوط. لا تلجأوا الى التدخين لأنه قد يساعدكم في الاسترخاء، لكنه ينهك رئتيكم وكبدكم.
يبقى أن الضغط النفسي ليس مسؤولاً عن كل داء، فمعظم أمراضنا يعود الى بعض الفيروسات. ليس الضغط النفسي سوى عامل من بين عوامل أخرى تؤدي إلى إصابتنا بالأمراض، كالغذاء السيئ وتناول الأدوية بمبادرة شخصية ومن دون انتظام.
م/ن واعتذر عن الاطاله
احتراماتي وتحياتي
...
[/grade]
التوقيع |

|
|