سحاب غيابي

أتمنى أن تكفر شيئا من ذنوب غيابي

عنت, ففزَّ لها قديمُ شبابي
في لهفةٍ وتمردٍ وتصابي

وتراقصت خيلُ الترقبِ في دمي
وانزاح عن صبحِ اليقينِ حجابي

الراحلون إلى غياهبِ حيرتي
كتبوا الضياعَ على تخومِ يبابي

حتى ظننتُ بأن عيشي بعدهم
عبثٌ وأن حقيقتي كسرابي

فلبثتُ أشربُ من سلافةِ ريبتي
دهراً وأستجلي سحابَ غيابي

حتى أتتْ وأشارَ فجرُ زمانِها
أن تطويَ الأحلامُ سِفْرَ عذابي

فعجبتُ كيف تمردتْ قدسيتي
ونما إلى سمعِ الزمانِ خطابي

ليتَ الأُلى زعموا بأن مواسمي
جدبٌ، تراءَوا قبلَ ذاك سحابي

أو ليتهم كشفوا غطاءَ عيونِهم
كي يشربوا غدقاً سطورَ كتابي

أو ليتهم نظروا سنابكَ خيلِهم
إذْ يمموا صلفاً نقاءَ ترابي

أو ليت من خطرت تقدمَ عهدُها
حتى أريقَ دمَ البرودِ ببابي

وتضيءَ ليلَ النازحين قصائدي
وأوزعَ النجوى على الأغراب

أختَ النقاءِ: طبيعةً وتكلفاً
ما زالَ في غيي محلُّ عتاب

بحرٌ أنا من لهفتي وترقبي
هل تجرؤين وتمخرين عبابي؟