إن الأعمال الصالحة التي تنفع الناس ترتقي إلى مستوى العبادات. فإذا أدخلت السرور على أخيك المؤمن فهذه واحدة من أرقى العبادات؛ قد تسره بكلمة أو بابتسامة أو بعطاء أو بقرض أو حتى بتلبية دعوته لك. فأي وجه من أوجه إدخال السرور على المؤمن له عند الله شأن كبير.
بل إن من موجبات المغفرة إدخال السرور على أخ مسلم كعيادته إذا مرض أو تلبية دعوته إلى طعام أو تهنئته
في الفرح أو تعزيته في الحزن.
فعن عبد الله بن عمر ما أن رجلاً جاء إلى رسول الله فقال: "يا رسول الله أي الناس أحبُ إلى الله؟" فقال عليه الصلاة والسلام:
"أحَبُ الناس إلى الله أنفعهم للناس. وأحَبُ الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربةً أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً. ولأن أمشي مع أخ في حاجةٍ أحبُ إلى الله من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً. ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضاً. ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضِيَها له ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام."
وعن ابن عباس ما أن النبي قال:
"إن أحب الأعمال إلى الله تعالى بعد الفرائض إدخال السرور على المسلم."
وعن أنس قال: قال عليه الصلاة والسلام:
"من لقي أخاه المسلم بما يحبُ ليَسُرَهُ بذلك سَرَهُ الله عز وجل يوم القيامة."
وعن عمر : "أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن: كسَوتَ عورته أو أشبعتَ جوعته أو قضيتَ له حاجة."
فالمؤمن إذا خدم الناس ومسح دموعهم وأزال عنهم كربهم وأعانهم وأمسك غضبه عن من هو أضعف منه وسترهم (ومن أسماء الله الحسنى "الستار") أصبح من أحب الناس إلى الله، لأن كل شيء يقوم به محفوظ عند الله: مواقفه وعطاءاته وابتساماته وحتى زياراته. فكل هؤلاء الناس من حولنا هم خلق الله، فإذا خدمتهم تقربت إلى خالقهم بخدمتهم وجزاك الله عنهم في الدنيا قبل الآخرة.
فأن يحبك الله عز وجل، خالق الكون ومن إليه المصير ومن تؤول إليه إلى الأبد، فإن ذلك منتهى الآمال.
عبدي رجعوا وتركوك وفي التراب دفنوك ولو بقوا معك ما نفعوك ولم يبقى لك إلا أنا وأنا الحي الذي لا يموت
***
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يسمعون القول فيتَبعون أحسنه وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين. آمين