كل عام ومهندس هذا البرج الأستاذ الغالي وحكيمنا أبو فهد بألف خير
ـ
سألتها وهي الأرملة التي تعول ستة أطفال أكبرهم في الثالثة عشرة: هل أكل هؤلاء لحمة حمراء طوال هذا الصيف المتخم باللحوم؟ كانت تهرب من السؤال ولسانها يلهج بشكر من أعماق صادقة لله لا تعرفه الألسنة الحمراء التي ماتت من التخمة. تجيب الصغيرة منهن بكل البراءة بالنفي. تذكرت أن صالة الأفراح القريبة من هؤلاء المسحوقين قد استهلكت في ثلاثين ليلة فقط ما يقارب الألف خروف وتذكرت أن مئات المدعوين إلى هذه الأفراح يتجنبون اللحوم الحمراء ويعودون إلى منازلهم من أجل وجبة من برجوازية ثمار البحر. تذكرت أنني شاهدت مساء ما قبل البارحة مقطع بلوتوث لجمال باركة على الموائد ومن حولها الخراف وكأنها صحون حلوى متناثرة. بكيت لهذا الفارق المخيف وحزنت لأننا بعيدون جداً جداً حتى عن ملامسة هذا الفارق ناهيك عن استشعاره أو الشعور به. شاهدت بأم عيني تلك الثلاجة المنزلية خلف باب المنزل فارغة تماماً وساخنة حين فصلت عنها الكهرباء توفيراً لفاتورة استهلاك. من يشاهد حياة مثل هؤلاء سيطرح عشرات الأسئلة: لماذا نسمي هذا الجهاز العجيب ثلاجة منزلية؟ لماذا نسمي هذه المدن (مدناً) رغم بعدنا المخيف عن دلالة الأحرف الثلاثة؟ لماذا نسمي هؤلاء بالفقراء وهم الأغنياء لله بالحمد والشكر؟ لماذا يعيشون معنا في ذات الشوارع رغم أنهم خبروا جوارنا بالتجربة؟ لماذا نسمي قطعة اللحم في جوفنا (قلوباً) وهي مجرد أجهزة بيولوجية لضخ الدم إلى عقول وبطون لا تحمل الاسم؟
والله لقد زدت حزننا ياأبا أحمد .........ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم .