فرقة الأصحاب..
* روي عن أبي العيناء الشاعر أنه قال: حصلت لي ضيقة شديدة فكتمتها عن أصدقائي. ودخلت يومًا على يحيى بن أكتم القاضي فقال: إن أمير المؤمنين المأمون قد جلس للمظالم ورد الحقوق إلى أهلها فهل لك في الحضور؟ فقلت: نعم فمضيت معه إلى دار أمير المؤمنين. فلما دخلنا عليه أجلسه وأجلسني ثم قال: يا أبا العيناء حللت أهلا ووطئت سهلاً، ما الذي جاء بك في هذه الساعة؟ فأنشدته:
لقد رجوتك دون الناس كلهم
وللرجاء حقوق كلها تجب
إن لم تكن لي أسباب أعيش بها
ففي العلا لك أخلاق هي السبب
فقال لخازنه: يا سلام: انظر ماذا تجد في بيت مالنا دون مال المسلمين.
قال: بقية من مال، فقال المأمون: ادفع له مائة ألف درهم وابعث له مثلها في كل شهر، فلما كان بعد أحد عشر شهرًا انتقل المأمون إلى الرفيق الأعلى فبكى عليه أبو العيناء حتى تقرحت أجفانه. فدخل عليه بعض أولاده فقال: يا أبتاه: ماذا ينفع البكاء بعد ذهاب العين؟ فأنشد أبو العيناء هذين البيتين:
شيئان لو بكت الدماء عليهما
عيناء حتى تؤذنا بذهاب
لم تبلغا المعشار من حقيهما
فقد الشباب وفرقة الأحباب
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغيناالعزة في غيره أذلنا الله