من تغدأ بحيلة ما تعشأ بها
من تغدأ بحيلة ما تعشأ بها
أخذ الشيخ بتلابيب غلام ،ودخل على الأمير وقال: أعز الله الأمير ،أني ربيت
هذ الغلام ، مذَ دبً إلى أن شب ، واتخذته لي عُمدة وعُدة ،في كل رخاء وشدة0
واستأمنته في كل كلمة على كل مهمة فلما كان في بعض الأيام المواضي أرسلته بمديح إلى حضرة القاضي ،
فا ستبدل القوافي ،وحول مافي الأبيات من المديح الصافي إلى الهجاء الجافي ،فحكم القاضي عليّ بالحبس ،وقال : المال ُ
فِداء النفس !
فخرجتُ لادرهم معي ، ولا فلس
فَمُر الغلامَ
أن يعوضني عما دفعته أوخسرته بلا جدال ولا خصام ! فقال الأمير وماذا كتبت من الأبيات ؟!وكيف بدل الحسنات بالسيئات ؟!
قال الشيخ العجوز أما المديح المكتوب ،فعلى هذا الإسلوب
أرى القاضي أبا حسن == إذا استقضيته عدلا
فإذا جاءته مسألة == لطالب رِفده بذ لا
إمام لا نظير له == تراه بيننا جبلا
قد اشتهرت خلا ئقه== فأصبح بالورى مثلا
وأما التبديل الذي طرأ فهو كما ترى
أرى القاضي أبا حسن = =إذا استقضيته ظلما
وإن جاءته مسألة = = لطالب رفده لؤما
إمام لا نظير له = = تراه بيننا صنما
قد اشتهرت خلائقه = = فأصبح في الورى عدما
قال الامير للغلام : أيصح هذا الكلام ، تجزيه عن تربيتك جزاء سنمار، ولا تخاف من العار ؟
قال : يامولاى ، إن هذا الشيخ قد استخدمني بضع سنين ،وهو لايطعمني ولا يسقين ، فلما أتيت القاضي بكتابه ،شكوته الى بعض حجابه فقال :
وما من يد إلا يد الله فوقها= ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم
وأخذ الأبيات فحرفها 0فإن شئت فمُربسجني ،لعلي أملأ بطني ! فقال :الشيخ :بل فا سجنا جميعا فإني أشد منه جوعا وكان بينهما فتاة فقالت :يامولاي أرى ان تدفع إليهما ماستنفقه في السجن
عليهما ،واغتنم الراحة من كليهما قال الأمير :
لاجرم إن ذالك أجزم 0 وأعطى كل واحد منهما مئة درهم وخرجت
الفتاة ومعها الشيخ والغلام فلما انصرفوا إذ بالشيخ ينشد
هذا أبو ليلى وهذه ليلاه ==يحوم في طلاب رزق مولاه
فلما وصل المسجد قال : يابني ذاك المسجد ان كنت خطيبا وإلا فلا
تداو طبيبا واعلم أن الصيد لايؤخذ إلا بالختل ولا يدرك إلا بالنبل
والفرصة لاتضاع والتعنت لايطاع ، فراع المصادر والموارد ،
وكن ماردا على كل مارد ،ودع الناس تضرب في حديد بارد0
|