يمتاز الحجاز بمناظره الطبيعية الخلابة، ومن ضمنها وادي السيل الذي سبق وأن أفردنا له الموضوع السابق ،،، رحلة الخضرة والشلال وأكبر شجرة معمرة في السعودية (صور* فيديو) ،،، حيث يعتبر من المناظر الجميلة بديار قبيلة هذيل والذي يحوي على طبيعة بكر ساحرة تخلد مشاهدتها في الذاكرة وبعيدة عن يد البشر العابثة
تقع الجميزة العملاقة (الإبراءة) على ضفاف ماء جاري طوال العام (نجل) في وادي السيل بحوية نمار في تهامة هذيل، وتقع الجميزة بين جبلي البريز من الشرق و أبو عتان من الغرب (الوادي في أيام الربيع من أجمل الأماكن حيث ترى الجبال وقد كساها الاخضرار وتدفق مياه الأمطار على الوادي من الجبال المحيطة به بمنظر خلاب).
وذكر لي أكثر من شخص قابلته في الوادي وهم من كبار السن أنها من حياة أجداهم وان التحاكم بين القبائل يعقد تحتها ،،، وتعطي مساحة من الظل أكبر من ظلها الحالي، مما يدل على إن فروعها في السابق كبيرة
إحداثية الشجرة
N 20 58 01
E 40 11 30
الارتفاع 57
وهنا مقارنة بين جذعها والبشر ،،، سبحان الله
حقيقة لم أرى أكبر منها ومن جذعها هنا في المملكة، يتضح من المقارنة أن جذعها أكبر من عرض السيارة
ويبلغ محيط جذعها 12 مترا ( تم أخذ المقاس من ارتفاع 60 سم عن الأرض) ،،، غالب الأشجار التي شاهدتها أثناء رحلاتي لا تزيد عن 8 أمتار
ومن (هنا) أستقيت هذه المعلومات والصور عن شجرة الجميز Ficus sycomorus
أماكن انتشار شجرة الجميزة حول العالم
صورة مأخوذة من نفس الموقع
وأورد أن مقاس ورقها 10x14، وبقياس ورقة من شجرة الإبراءة وجدت أنها تتطابق مع مدونه أعلاه
ومن كتاب النبات في جبال السراة والحجاز الجزء الأول ص 188-193
للدكتور / أحمد سعيد قشاش (أرسلت له رسالة عبر بريده الموضح في كتابه) ،،، استقيت لكم هذه المعلومات
الجُمَّيْز ،،، Ficus sycomorus
الفصيلة التُّوتيَّة Moraceae
قال أبو حنيفة ( من أجناس التِّين تين الجُمَّيْز، وهو تين حلوٌ رطب له معاليق طوال ويزبب قال وضربٌ آخر من الجُمَّيز له شجر عظام يقال للواحدة منها جُمَّيزة و جُمَّيزى على فُعَّيلى، تحمل حملاً كالتين في الخلقة، ورقها أصغر من ورق التين، وتينها أصفر صغار وأسود، تكون بالغور تسمى التين الذكر، والأصفر منه حلو، والأسود يدمى الفم، وليس لتينها علاقة، وهو لا صق بالعود)
قلت: الجمَّيزة شجرة ضخمة معمرة تنبت في تهائم جبال السراة وأصدارها، في بطون الأودية وشطأنها، قريباً من الينابيع الجارية أو المياه الجوفية القريبة من السطح، على علو 600- 1500م، وربما تنبت في بطون الأودية الرطبة المفضية إلى نجد
تقوم الجميزة على ساق أبيض أملس يصل ارتفاعه إلى نحو 20- 30م، إذا جرح هريق سائلاً كثيراً كاللبن، ما يلبث أن يجف فيؤخذ علكاً، وأوراقها كبيرة بحجم راحة اليد أو أكبر قليلاً، تشبه ورق التوت، مع خشونة يسيرة، ولها ثمار أكبر بنحو الضعف من ثمر الحماط ( التين البري) تخرج بكثافة على الساق والفروع القديمة، يحملها كما ذكر أبو حنيفة معاليق طوال، وليس منها ما هو لاصق بالعود، كما ذكر في صفة الضرب الآخر من الجميز، وسماه التين الذكر، بل هذه صفة ثمر الُّرقع، أما ثمار الجميزة فتظهر في الغالب على أغصان صغيرة دائمة يتكرر ظهور الثمر عليها، ولعلها مراد أبي حنيفة بالمعاليق الطوال
وأما الثمرة نفسها: فلها كثمر التين معلاق قصير، طوله نحو3سم يزول مع زوال الثمرة، وتلك الثمار تظهر صلبة خضراء اللون مغبرة، ثم خضراء مصفرة، وعند تمام نضجها تتحول إلى اللون الوردي المحمر وتلين، وفي داخلها حبوب كحبوب التين، إلا أنها جافة غير مستساغة، وربما سال منها ما يشبه الدبس عند زيادة الخصب والرواء
وكان الناس في أزمنة المحل والإملاق يأكلونها، وربما تسابقوا إليها، واختصموا عليها، أما اليوم فقليل من يأكلها، وتأكلها الطيور والقرود والأغنام بنهم شديد
وفي تهامة هذيل يسمون هذه الثمار ( القَمْهَد) وبعض جهينة يسمونها ( العَجْر) كالأثأب وبعض أهل ورقان (الزمغد) كثمر العُتُم وسمعت أهل الجُنُش من ديار بني عمر يسمونها ( الفَوْشل)
والجميزة شجرة معمرة، ضخمة الساق، فارعة الطول، أغصانها كثيرة منبسطة، تأوي إليها أنواع من الطيور، وتبني أعشاشها، وأوراقها كثيفة وارفة الظلال، يستظل تحتها المئات من الناس
وفي كثير من تهائم السراة وأصدارها يقتلعونها وهي لا تزال نبتة صغيرة، فيعيدون غرسها في الأماكن التي يحتاجون فيها إلى الظل، كأفنية البيوت، والأسواق والمساجد، ويغرسونها في أطراف المزارع قريباً من الآبار للظل، أو لصد السيول الجارفة
وكانوا يجتردون اللحاء من بعض أغصانها فينقعونه حتى يتعفن ويسهل عليهم تفكيك أليافه وتقسيمها إلى جدائل، ثم يبرمونها خيوطاً يصنعون منها الأوكية والعقل والشُرُّك وغير ذلك، وقد يصنعون منها الأرشية، ولكنها أقل جودة من تلك التي يتخذونها من أوراق الخَزَم أو السلب كما أن عودها رديء لا يصلح للوقود، وربما اتخذوا منه الخلايا، وكذلك الصحاف بأحجام مختلفة، وهي أخف من صحاف الغَرَب وفي تهامة زهران وبني عمر رأيت من يفضلها لذلك على صحاف الغَرَب ويبالغون في أثمانها
وهي شجرة شديدة التحسس، وأصحاب الخبرة من أهل السراة وتهامة يتعاملون معها عند قطف ثمارها أو قطع شيء من أغصانها وأوراقها بعناية فائقة، إذ أن أي ضرر زائد ينالها ربما انتهى بها إلى الموت، بخلاف أختها الرُّقعة التي تحتمل قسوة التعامل. وكانوا يفسرون هلاكها بسبب التعامل الخشن، بقولهم ( خَرِعَت) أي ارتاعت من القطع، فيبست، أو ( نَقَزَت) بلغتهم الدارجة وتفسيرهم هذا إدراك سابق لما توصل إليه العلم حديثاً من أن النبات يعتريه ما يعتري الإنسان من مشاعر الحب والكره والخوف والأمن
وإلى عهد قريب كان أهل بني جُرَّة من سراة غامد يحمون الجميز النابت في أصدارهم، ويعزرون الذي يقطع شيئاً منه بذبح ثوره، أو بدفع قيمته من المال
وإذا ناهزت الجميزة الهرم تجوَّف من النخر جذعها، وأصبحت مأوى لأنواع من الثعابين والحشرات، ومنها النمل الأسود المعروف في السراة بـ ( الشَّقَح) وهو صغير الحجم لكنه سرعان ما يلوث بمتسلق الجميزة بأعداد كبيرة، يحامي عن مسكنه بقرصاته المؤلمة، وربما كان يحامي عن الجميزة نفسها، في معيشية تكافلية، إذ توفر له المسكن وهو يوفر لها الحماية
وأهل السراة يسمونها ( الإبراءة) و ( الإبراية) بالهمز والتسهيل، والجمع (الإبراء) و( الإبرى) بالقصر، وكذلك سمعتها في تهامة هذيل. وتنطق في سراة بني عمر بفتح الهمزة وتفخيم الراء . وأهل الجُنش من عمر ينطقونها بضم الهمزة. وسمعت أهل شدا الأسفل ينطقونها مكسورة الهمزة مرققه الراء، وكذلك تنطق في نواح من تهامة زهران، وجبال حيدان الخولانية شمال صعدة
وفي ديار ثمالة جنوب الطائف يلتقي الاسمان الجميز والإبرى، فتعرف بهما على السواء و(الإبرى) لغة يمانية قديمة، قد تفرد بذكرها أبو عمرو الشيباني
وهي ( البراية) في جبال فيفا و( البُرَّاة) والجمع (البُرَّى) في جبال باجل اليمنية ومنطقة الضحَّي شرق الحديدة وفي العدين من محافظة إب يسمونها ( الخَنَس) وهي ( السُّقَم) في الضالع ونواح أخرى من جنوب اليمن وفي جبال ظفار تسمى ( الغِيْضَة) وآخرون ينطقونها ( الغِيْضِيْت) بتاء مفتوحة قبلها ياء
ومن جبال رضوى جبل يسمونه جبل الإبرى ولم أقف على هذا الجبل، ولعله يُنبت هذه الشجرة، فسمى بذلك، ولا سيما أن سكانه من جهينة، وهي قبيلة قضاعية يمنية، وهم اليوم يعرفون هذه الشجرة باسم الجُمَّيز، ولا يعرفون الإبرى. ويظهر أنها تسمية قديمة، ثم نُسيى مدلول تلك التسمية، وبقي اللفظ علما على ذلك الجبل، وهو في مثل هذا جبل البلس وجبل الرَّنْف وجبل التَّنضب، وهي من جبال رضوى التي تنبت أشجار الرنف والتنضُب والبلس، وهو الحماط ،،، أنتهى
تم تنظيف المكان وجمع الأوساخ من حولها
هكذا أصبح المكان ،،، أدعو الجميع للمحافظة على المكان
في الختام أهديكم هذا الفيديو عن ملكة الأشجار وما حولها