"الدنيا بالوجيه والآخرة بالأعمال"
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
غيب الثرى أحد أعز الأصدقاء ، وكان معروفا على نطاق واسع في إدارتي ؛ لحساسية عمله ، وحاجة منسوبي الإدارة ـ الماسة ـ إليه ، وكان المسئولون على مكتبه زرافات ووحدانا ، فهذا يتبسط معه ويلطف الجو معه بفكاهة ، وهذا يتودد له بابتسامة ، ووهذا يقول يا شيخ "الحروب" .. إلى آخر هذ الجوقة المتنوعة من الألقاب والكنى ؛ فقد كان يصرف الرواتب كاشاً قبل نظام الإيداع في الحساب البنكي، وقد يسلمك راتبك خلال ساعة أو بعد أربع ساعات بعد حساب المبلغ الإجمالي وتوزيعه على الموظفين .. ، الشاهد في الموضوع وعند جلوسي مع ابنه في العزاء قال لي بحسرة مرتسمة على عينيه ، أنه لم يأت لعزاء والده الكثير من مدعي الصداقة والمعرفة الذين كانوا يملئون مكتبه آخر كل شهر !! وقد علمت أن الكثير منهم قال لماذا أذهب للعزاء وأنا لا أعرف ابنه !! كنت أسرد الموضوع بألم لصديق حميم ، ونحن نحتسي الشاي ، فتبسم وقال وما الغرابة في هذا الفعل !! ألم تقرأ في كتب التراث عن أحد الأمراء الذي توفيت جاريته الأثيرة لديه، فأتاه أهل بلدته أجمعين معزين وباكين، فلما توفي الأمير ، لم تسكب عليه دمعة، ولم يهتم لشأنه أحد ، فقلت له صدقت وبررت ، ولقد كان لي أحد الأقرباء لديه من الضأن والغنم الكثير ، وكانوا يطلقون عليه الأمير .. جاء الأمير ، ذهب الأمير ، .. والسبب أن قدره مخضبة بالسواد ، من كثرة الذبائح والعزائم ، وقد أسرف في أغنامه من جوده وكرمه، والناس لا يفارقون مجلسه المجاور لأغنامه ، ويا أبا فلان ، والآخر يقول والنعم ، والثالث يقول بيض الله وجهك ، إلى آخر "البلبغندة" الهزلية الممجوجة التي نادرا ما تخرج من القلب وبالصدق ، فلما عضه الدهر بنابه وباع غنمه ، انفض الناس من حوله ، وسُحب منه لقب الأمير ، وصار اسمه فلان "حاف" : ) ، وصار الكثير يمر من أمامه وكأنه لا يراه ولا يجود عليه بسلام المسلمين.
عذرا على الاستطراد وأعود لأخي المتوفى وأقول رحمك الله يا أبا وليد ، رحمك الله يا محمد بن رابح بن عيد الحازمي ، وسيظل لساني لاهجا بالدعاء لك والترحم عليك فقد كنت نعم الصديق ، ولقد عرفت معنى الصداقة الحقيقية برفقتك وأنت الحريص علينا المحب لنا ، وسيظل رقم جوالك في ذاكرة الجوال وفي ذاكرة أخيك ، لأقرأ اسمك وأدعوا لك ، وأسأل الله أن يجمعني بك وبجميع أحبابنا وأهلينا في دار رحمته ومستقر كرامته.
|