وإن كنت سأسميها ( أوراق شاعر ) لما كانت تمثله من حديث للنفس أداره الشاعر بكلمات عذبة وسهلة ساعدتني كثيراً للوصول إلى عمق هذه الباذخة .
ومع أنها لم تتجاوز التسعة أبيات إلا أنها بالفعل كانت ( أوراق شاعر ) .
بدأت من حيث بدأ فوجدت الصورة الواضحة واللفظ السلس والتركيب المتماسك فالشاعر بدأ أولاً بجمع ( نفسه ) المبعثرة والتي وجدها على ( مدارات الهوى ) وكم هو جميل هذا الوصف للهوى حينما صوره شاعرنا بهذه الضخامة ليصور لنا في المقابل الراحة والطمأنينة ( النجمة ) ليصل بنا إلى أن ( الهوى ) على كبره ولكنه يفتقد لمقومات الحياة وكانت ( سكن ) أبلغ كلمة للوصول لهذا المعنى .
فحياة الهوى لديه ما هي إلا ( الحزن / الفرحة ) مجتمعتان يدفع ثمنها ( نفسه ) التي جمعها أخيراً بعد أن أفتقد الصبر روحه ( مال / خوى ) التي يحيى بها ويعود ليؤكد لنا فقده للطمأنينة ( ما أشوف فـ الخضراء بلاد ولا مدن ) .
ولم تكن هذه السوداوية جهلاً منه وإنما هي قمّة الذكاء حينما لا تجد من حياة الهوى إلا أحد جوانبه ( الحزن ) والذي عاشه في ( غابه ) - ولنلاحظ هنا الترابط في الفكرة ودقة التعبير عنها - فقمّة الذكاء أن تتنازل عن ( الخضراء ) لتسكن النجمة .
خصوصاً أنه ( العزيز ) وهنا نمسك بأولى خيوط كشف المعنى الحقيقي ( المال / يرفع / ما لها وطن ) نعم هي أولى الخيوط هنا عرفنا أن ( مدارات الهوى ) هي منزل الباحثين عن الحياة المادية و ( النجمة ) هي منزل الباحثين عن النقاء .
واكتفى هنا ( الحر ) من صيد ( المصايب / المحن ) فبحث شاعرنا عن ( النجمة ) ليسكنها وتركنا نبحث أين نحن الآن وعلى أي سكن نحن ( مدارات الهوى ) أم ( النجمه )
وهناك بيت كان غاية في الروعة تعمدت تأخيره حينما يقول شاعرنا :
فالحزن هنا يخطأ التسديد ويخطأ الاختيار وكأن البيت يقول لا تبحثون كثيراً فأنا أوجز لكم المسألة بين قافيتين المسألة أن الحياة المادية لا يوجد بها مفاضلة بين بيرق لا وطن له وبين بيرق لها وطن أو بمعنى أخر رجل نقي ورجل مادي .
صح لسان الشاعر عبدالله الشمعي الهذلي ودام بهذا النقاء