قراءة لقصيدة أسرفت في تأنيبه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وضاح اليمن : الأديب المجهول في سماء المنتدى، هل هذا هو قدر المبدعين، لقد صاغ لنا هذه التحفة الفنية في مجلس الأدب وفنونه، ومرت علينا بسلام، دون أن نقدرها حق قدرها، أو نقف
لحظات أمام هذا الكنز الأدبي النفيس، فقد كانت قصيدة غاصة
حد الثمالة بالتوهج والتألق والألحان الشجية العذبة، المنبعثة من شاعر مطبوع.
وإنني لأتعجب من افتتان النقاد بالأسماء الرنانة، فهب أننا
نسبناها لنزار قباني أو عمر أبو ريشة لأصبحت من الشعر
السائر الذائع الذي يشهره النقاد بحثاً وإشادةً،
ولكن زامر الحي لا يطرب.
[line]
(نص القصيدة) :
أسرفت ِ في تـأنيبــه فدعي
عنك الملامَ وسَـورَة الورَع ِ
إلـْـفُ السهـاد كـأن مقـلتـه
شرقت بملح البحر كالودَع ِ
ما نام في ليل الشقا مـُزَعـاً
إلا تـدثــَّر باللأواء والجـزع ِ
فكأن عـذب المـاء في فمـه
سـمٌّ حسـاهُ بكأس مـُجتـرع ِ
وكـأنَّ في كفيـَّـه مـن قـلـق ٍ
شوك القتاد أبى على النزع ِ
وكـأنَّ تحت الجـِلد من ولـَع ٍ
سيف ٌ بكفِّ مـُقاتل ٍ مَـصِـع ِ
،،،
هـو ذا وذاك.. وانت ِ يا أملي
طِـبّ المشوق و بؤرة الوجـَع
هو ذا وذاك.. وانـت مـاثـلـة
ملء العيون ومَـفـزع الفـَزع ِ
ِهو ذا وذاك.. وأنت صـاخبة
أطنبتِ.. أمـّا الان فاستمعـي
سأتناول بعضا من جوانبها اللفظية ، التي بها تميزت،
وسمت، وسمقت :
فأول ما يلفت الانتباه عند قراءتها عدم وجود الألفاظ المبتذلة
العادية، فالكلمة وإن كانت صحيحة من ناحية المعجم إلاّ أن
كثرة استعمالها وابتذالها يجعلانها من البضاعة الرخيصة،
التي تأباها الأُذنْ، ولا يقتحمها النظر، فتكون من الألفاظ
المنهوكة الواهية من كثرة الاستخدام، بل إن أول ما يلفت
نظرك الموسيقى اللفظية المتناغمة السلسة، ولا أدل على
ذلك من قراءاتها وترنيمها ليتضح ذلك.
وإن القصيدة لتزخر بكلمات نخبوية مثل : (سورة ، إلـْـفُ ، كالودَع ِ، مـُزَعـاً ، تـدثــَّر ، باللأواء، والجـزع ِ، حسـاهُ ، مـُجتـرع ، مَـصِـع ِ)،
وهذا على طريقة الشعراء الفرنسيين أمثال : بودلير، رامبو،
فرلين، مالارميه، من حيث استعمال الألفاظ التي لا يمكن أن
تقع في أفواه العامة إلاّ في القليل النادر، وقد اختار بهذا نمطاً
معيناً من القراء؛ وهم الأدباء الذين يقدرونه فنياً على الأكثرية
الكاثرة، ولعل عذره في ذلك تعدد مواهبه وتقديمه لعدة ألوان
تراثية أخرى تطرب كافة المتابعين وتنم عن مواهب متنوعة.
وللقصيدة جوانب عديدة من الجمال من النواحي البلاغية
والتشبيهات لعل الوقت يسعف بتناولها في مواضيع قادمة.
ولكم تحياتي الطيبة ،،،،
|