قديم 11-17-2005, 05:20 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

قلم بلا قيود غير متواجد حالياً


افتراضي رساله للشباب

)







* كان تاجراً كبيرا ، وكانت تجارته بين العراق و سورية ، و يبيع الحبوب في سورية ، و يستورد منها الصابون و الأقمشة ، و كان رجلاً مستقيماً في خلقه ، قوي التدين ، يزكي ماله و يغدق على الفقراء مما أفاء الله به عليه من خير ، و كان يقضي حاجات الناس ، لا يكاد يرد سائلاً ، وكان يقول : " زكاة المال من المال وزكاة الجاه قضاء الحاجات " .







و كان يعود مرضى محلته و يتفقدهم كل يوم تقريباً ، وكان يصلي المغرب و العشاء في مسجد صغير قرب داره ، فلا يتخلف عن الصلاة أحد من جيرانه إلا وسأل عنه ، فإذا كان مريضاً عاده ، وإذا كان محتاجاً إلى المال أعطاه من ماله ، وإذا كان مسافراً خلفه في عياله .







وكان له ولد وابنة واحدة ، بلغا عمر الشباب ، وفي يوم من الأيام ، سأل ولده الوحيد أن يسافر إلى سورية بتجارته قائلاً له : " لقد كبرت يا ولدي ، فلا أقوي على السفر وقد أصبحت رجلاً و الحمد الله ، فسافر على بركة الله مع قافلة الحبوب إلى حلب فبع ما معك ، واشتر بها صابوناً وقماشاً ثم عد إلينا ، و أوصيك بتقوى الله ، واطلب منك أن تحافظ على شرف أختك .







وكان ذلك قبل الحرب العالمية الأولى ، يوم لم يكن حينئذ قطارات ولا سيارات ....







* و سافر الشاب بتجارة أبيه من مرحلة إلى مرحلة : يسهر على إدارة القافلة ، ويحرص على حماية ماله ، و يقوم على شؤون رجاله ، وفي حلب الشهباء ، باع حبوبه ، و اشترى بثمنها من صابونها الممتاز و قماشها الفاخر ، ثم تجهز للعودة أدراجه إلى الموصل الحدباء .







وفي يوم من الأيام قبيل عودته من حلب ، رأى شابة جميلة تخطر بغلالة من اللاذ في طريق مقفر بعد غروب الشمس ، فراودته نفسه الأمارة بالسوء على تقبيلها ، وسرعان ما اختطف منها قبلة ثم هرب على وجهه وهربت الفتاة ، وما كاد يستقر به المقام في مستقره إلا واخذ يؤنب نفسه وندم على فعلته ولات ساعة مندم ، وكتم أمره عن أصحابه ، ولم يبح بسره لاحد ، وبعد أيام عاد إلى بلده .







وكان والده الشيخ في غرفته يطل منها على حوش الدار ، حين طرق الباب السقاء ، فهرعت ابنته إلى الباب تفتحه له ، وحمل السقاء قربته وصبها في الحب ، وأخت الفتى تنتظره على الباب لتغلقه بعد مغادرة السقاء الدار ، عاد السقاء بقربته الفارغة ، فلما مر بالفتاة قبلها ، ثم هرب لا يلوي على شئ ، ولمح أبوها من نافذة غرفته ماحدث ، فردد من صميم قلبه : " لا حول ولا قوة ألا بالله " . ، ولم يقل الأب شيئاً ، ولم تقل الفتاة شيئاً ...







وعاد السقاء في اليوم الثاني إلى الدار الرجل كالمعتاد ، وكان مطأطئ الرأس خجلاً ، وفتحت له الفتاة الباب ، ولكنه لم يعد إلى فعلته مرة أخرى ، لقد كان هذا السقاء يزود الدار بالماء منذ سنين ، كما كان يزود دور المحلة كلها بالماء ، ولم يكن في يوم من الأيام موضع ريبه ، ولم يحدث له أن ينظر إلى محارم الناس نظرة سوء ، وكان في العقد الخامس من عمرة وقد ولى عنه عهد الشباب وما قد يصحبه من تهور وطيش وغرور ...







* وقدم الفتى الموصل ، موفور الصحة ، وافر المال .







ولم يفرح والده بالصحة و لا بالمال ، لم يسأل ولده عن تجارته ولا عن سفره ، ولا عن أصحابه التجار في حلب .







" لقد سأل الفتى يسرد قصة تجارته ، فقاطعه أبوه متسائلا : " هل قبلت فتاة ؟ ، ومتى وأين " فسقط في يد الشباب ، ثم أنكر ، واحمر وجه الفتى وتلعثم ، واطرق برأسه إلى الأرض في صمت مطبق كأنه صخرة من صخور الجبال لا يتحرك ولا يريم ، وكان الصمت فترة قصيرة من عمر الزمن ، ولكنه كان كأنه الدهر .







* وأخيراً قال أبوه : لقد أوصيتك أن تصون عرض أختك في سفرك ، ولكنك لم تفعل ، وقص عليه قصة أخته وكيف قبلها السقاء ، فلا بد إن تلك بتلك القبلة وفاء لدين عليك (( و نهار الفتى ، واعترف بالحقيقة )) .







وقال له أبوه مشفقاُ عليه وعلى أخته وعلى نفسه : (( أني لاعلم إنني لم اكشف ذيلي في حرام ، وكنت أصون عرضي حين كنت أصون أعراض الناس ، ولا اذكر أن لي خيانة في عرض أو سقطة من فاحشة ، أرجو ألا أكون مديناً لله بشيء من ذلك ، وحين قبل السقاء أختك تيقنت انك قبلت فتاة ما ، فأدت أختك عنك دينك ، لقد كانت "دقة بدقة " ، وان زدت زاد السقا .....











و هنا نقول ( من تعقب عورات الناس ، تعقب الله عورته ) .







( ومن تعقب الله عورته ، فضحه ولو كان في جوف رحم )







ومن كان يحرص على عرضه ، فليحرص على أعراض الناس







ومن أراد أن يهتك عرضه ، فليهتك أعراض الناس







لذة ساعة تجعلك في عذاب إلى يوم الساعة







و الذين يفرحون باللذة الحرام قليلاً ، سيبكون على ما جنت أيديهم كثيراً







و الذين يخونون حرمات الناس ، يخونون حرماتهم أولاً ، ولكنهم غافلون عن أمرهم ، لأنهم آخر من يعلمون ، ولو علموا الحق ، لتواروا عن البشر خجلاً وعاراً















(( إن ربك لبالمرصاد )) ،، وانه أعدل العادلين .







(( فما كان الله ليظلمهم ، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )) .






رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل