من ديوان الهذليين
وقد ورد ذكر هذه البطون أو غالبها في أشعار الهذليين ، وديوان الهذليين مليء بذكر هذه البطون ، وإن أدنى نظرة عابرة في هذا الديوان تجعل الناظر على يقين من هذه الحقيقة .
وقد عني الدكتور عبد الجواد الطيب([1]) بتتبع الشواهد الشعرية من التراث الهذلي لهذه البطون والعشائر ، فمن ذلك قول مالك بن خالد الخناعي الهذلي في ذكر لحيان :
فدًى لبني لحيان أمي فإنهم
أطاعوا رئيساً منهم غيرَ عُوَّق
وفي ذكر عمرو ، وقرد ، ومازن ، ولحيان قول صخر الغي
الهذلي :
أبتْ لى عمرو أن أضامَ ومازنٌ
وقردٌ ولحيانٌ وسهْمُ فسلمِّ
وفي ذكر خناعة يقول صخر الغي :
لو أن أصحابي بنو خناعهْ
أهلُ النَّدى والجود والبراعهْ
وفي ذكر بني سهم ، وجريب ، وخثيم ، وعشرق يقول حذيفة بن أنس الهذلي :
وفرَّت بنو سهمٍ يجرُّون ساهِفاً
وفرت جُريب بعدما قال رجلهم
وفرت خُثَيم يحطمون وعِشْرِقٌ
وفي ذكر تميم يقول صخر الغي :
أبا المثلّم إني غيرُ مهتضمٍ
إذا دعوتُ تميما سالت المسُلُ
وفي ذكر كبير بن هند بن طابخة بن لحيان يقول المتنخل الهذلي :
لكنْ كبيرُ بن هندٍ يوم ذلكم
فُتْخُ الشمائل في أيمانهم رَوَحُ
وفي ذكر كاهل وقرد يقول أبو ذؤيب الهذلي :
وقائلةٍ ما كان حِذوةُ بعلها
غداتئذ من شاء قردٍ وكاهلِ
وفي ذكر كاهل وعمرو قول أبي قلابة الهذلي اللحياني :
يصاحُ بكاهلٍ حولي وعمروٍ
وهم كالضارياتِ من الكلابِ
وفي ذكر بني زليفة وبني صبح يقول أبو جندب الهذلي :
من مبلغٌ ملائكي حُبْشيّا
أخا بني زليفة الصُّبحيّا
وفي ذكر بني قريم يقول أبو بثينة الهذلي :
ألا أبلغ لديكَ بني قُرَيمٍ
مغلغلةً يجيء بها الخبير
وفي ذكر خثيم ومطرود وريشة يقول أمية بن أبي عائذ :
متى رجلٌ آسادُ نعمانَ دونه
خثيمٌ ومطرودٌ وريشةُ مُبْسْلُ
ومطرود هو ابن مازن بن عمرو بن الحارث .
وفي كعب وخثيم وسيَّار يقول تأبط شراً :
إذا وقعَتْ بكعبٍ أو خُثَيْمٍ
وسيَّارٍ يسوغ لها شرابي([2])
وسيار هو ابن مطرود بن مازن بن عمرو بن الحارث .
وهناك أفخاذ وبطون أخرى ذكرها بعض أفاضل الباحثين منها
آل طرفة ، والطلحيون ، ومخزوم ، وزبيد ، ومؤمل ، وبنو خالد ، وظاعنة ، وبرد ، وعاترة ، وصرمة ، وبعجة ، وبنو نوفل ، وآل محرق ، وبنو زيد ، وصريم ، وبنو ضبيس ، وبنو الملجم ، وبنو مرمض ، وبنو المقعد ، وبنو حنيف ، وبنو المعترض ، وبنو أضبس ، وبنو دهمان ، وغيرهم([3]) .
هذا ومما ينبغي أن يشار إليه أن في شعر الهذليين ذكراً لبطون أخرى أو أفخاذ كثيرة أعرضنا عن ذكرها طلباً للاقتصار على ما تواتر واستقر واشتهر من تلك البطون الهذلية .
وهذا ما حدا بباحث محقق كالدكتور عبد الجواد الطيب أن يقول في نظرة ناقدة :
ولكن ينبغي لنا أن نقف وقفة أخرى عند هذه القبائل الهذلية التي فصلنا القول فيها ، والتي وردت إشارات إليها في الشعر الهذلي ،
أو طالعتنا بها المصادر القديمة ، فقد بلغت هذه البطون المختلفة حداً من الكثرة يلفت النظر ، وإن كانت هذه المراجع تختلف فيما بينها فيما تمدنا به من هذه البطون كثرة وقلة ، فمنها ما يقتصر على الفروع الكبرى للقبيلة ، ومنه ما يمعن في تعداد البطون والأفخاذ والفصائل الصغيرة ، ولكن هذه المراجع في مجموعها تعطينا عدداً كبيراً من هذه البطون الهذلية .
... فالحق أن معظم هذه البطون يرجع بعضها إلى بعض في صورة هينة سهلة لا غموض فيها ، ولا التواء ، فهي تنتهي إلى بطون أكبر
منها ، ثم تنتهي هذه وتلك إلى عمائر كبرى تدلي بنسبها رأساً إلى هذيل الجد الأكبر لهذه القبيلة الأم ([4]) .
ويلخص هذا ويجليه بكلمة جامعة الدكتور أحمد كمال زكي بقوله : ولا أكاد أرى مع ذلك كله تناقضاً يمس الصميم وبحسبنا أن تكون هذيل من مضر ، وأن لها سعداً ولحيان بطنين كبيرين سكنتا الحجاز وشغلتا الناس بما كان لهما من تراث شعري ضخم ومجد حربي
كبير ([5]) .
([1]) هذيل في جاهليتها وإسلامها ص 17 - 21 .
([2]) انظر هذه الأبيات : شرح أشعار الهذليين 1 / 266 ، 269 ، 350 ، 471 ،
2 / 538 ، 552 ، 718 ، 726 ، 847 ، 3 / 1279 .
([3]) انظر : هذيل أصولها ومنازلها القديمة للأستاذ راشد بن حمدان الأحيوي المسعودي ، مجلة العرب ح 3 ، 4 س 23 ، 1408هـ .
([4]) هذيل في جاهليتها وإسلامها ص 37 .
([5]) شعر الهذليين ص 8 .
منقول من احد المنتديات
|