الأعلــــــــــم الهذلي
حكى الأثرم عن أبي عبيدة أنه حدث عن عبد الله بن إبراهيم الجمحي قال: كان الأعلم
أخو صخر الغي أحد صعاليك هذيل وكان يعدو على رجليه عدواً لا يلحق واسمه(( حبيب بن
عبد الله ))فخرج هو وأخواه صخر وصخير حتى أصبحوا تحت جبل يقال له السطاع في يوم من
أيام الصيف شديد الحر وهو متتأبط قربة لهم فيها ماء فأيبستها السموم وعطشوا حتى لم
يكادوا أن يبصروا من العطش فقال الأعلم لصاحبيه: أشرب من القربة لعلي أن أرد الماء
فأروى منه وانتظراني مكانكما وكانت بنو عدي بن الديل على ذلك الماء وهو ماء
الأطواء يتفيئون بنخل متأخر عن الماء قدر رمية سهم. فأقبل يمشي متلثماً وقد وضع
سيفه وقوسه ونبله فيما بينه وبين صاحبه فلما برز للقوم مشى رويداً مشتملاً فقال بعض
القوم: من ترون الرجل فقالوا: نراه بعض بني مدلج بن مرة. ثم قالوا لبعضهم: الق
الفتى فاعرفه فقال لهم: ما تريدون بذلك الرجل هو آتيكم إذا شرب فدعوه فليس
بمفيتناً فأقبل يمشي حتى رمى برأسه في الحوض مدبراً عنهم بوجهه فلما روي أفرغ على
رأسه من الماء ثم أعاد نقابه ورجع في طريقه رويداً فصاح القوم بعبد لهم كان على
الماء: هل عرفت الرجل الذي صدر قال: لا فقالوا: فهل رأيت وجهه قال: نعم هو مشقوق
الشفة فقالوا: هذا الأعلم وقد صار بينه وبين الماء مقدار رمية سهم آخر فعدوا في
أثره وفيهم رجل يقال له: جذيمة ليس في القوم مثله عدواً فأغروه به وطردوه فأعجزهم
ومر على سيفه وقوسه ونبله فأخذه ثم مر بصاحبيه فصاح بهما فضبرا معه فأعجزوهم فقال
الأعلم في ذلك:
لمـا رأيـت القـوم بـالـ ـعـلياء دون قدى المناصب
وفريـت مـن فـزع فـلا أرمي ولا ودعت صاحـب
يغـرون صاحبهـم بـنـا جهدا وأغري غير كـاذب
أغري أبـا وهـب ليـعـ ـجزهم ومدوا بالحلائـب
مـد المجلجـل ذي العمـاء إذا يراح مـن الجنائـب
يغـرى جذيمـة والــــرداء كـــأنـه بـأقـب قــارب
خاظ كعرق السـدر يـســــــبق غارة الخوص النجائب
عنـت لـه سفعـاء لـكـكت بالبضيع لها الخبائـب
وخشيـت وقـع ضريبـة قد جربت كـل التجـارب
فأكـون صيـدهـم بـهـا وأصير للضبع السواغـب
جـزرا وللطيـر المـربـ ـة والذئـاب وللثعـالـب
وتجـر مجـريـة لـهـا لحمي إلى أجـر حواشـب
سـود سحالـيـل كــأنـجلودهــــــــــن ثيـاب راهـب
آذانـهـن إذا احـتـضـرن فريسـة مثـل المذانـب
ينزعن جلـد المـرء نـزع القين أخـلاق المذاهـب
حتـى إذا انتصـف النهـار وقلت يـوم حـق ئائـب
رفعـت عينـي بالحـجـاز إلـى أنـاس بالمناقـب
وذكـرت أهلـي بالـعـراء وحاجة الشعث التوالـب
المصرميـن مـن الـتـلاد اللامحين إلـى الأقـارب
وبجانبـي نعمـان قــلــت ألـن تبلغنـي مـآرب
دلجى إذا ما الليـل جـنــن على المقرنة الحباحب
والحنطئ الحنطـي يـمــثج بالعظيمة والرغائـب
ما شئـت مـن رجـل إذاما اكتظ من محض ورائب
حتـى إذا فقـد الصـبـوح يقول عيش ذو عقـارب
|