مع التحاف الأفق الصباحي باللون الذهبي والوردي ، انطلق سرب من الحمائم مرفرفا كأعلام بيضاء ، منتشرا يرقص في دوائر وهمية في رحلة يومية للبحث عن الرزق ..
نهض المهرج صاحب الابتسامة الكبيرة عن كرسي الحديقة ملتقطا قبعته المخططة الملونة ، ليرقص خلف سرب الحمام مندفعا نحو الشارع ..
تضاءل الزمن في فوهة زوبعة..
و عندما تشتت السرب غسقا توقف كل شيء عن الرقص والدوران ، سرب الحمام ، السحاب، المشاة ، الطاحونة ،الهواء.. كلهم تحولوا إلى تماثيل بدأ لونها يخبو ليصبح رماديا..
نزع المهرج قبعته المخططة مصابا بالدوار بعد توقفه عن الرقص .. دلف إلى المسرح ، و صعد على الخشبة..
حاول أن يعيد استعراضه الراقص الذي أداه بالأمس .. لكنه لم يستطع ، فبالأمس كان (يؤديه) ، أما اليوم فهو (يكرره).. وقف عند حافة الخشبة فاتحا ذراعيه ، فابتسموا .. وضحك ، فضحكوا .. ثم قهقه فصفقوا .. وانتهى العرض ، فوقفوا مهللين .. نظر عاليا لبقعة الضوء وقال :إنهم لم يلاحظوا الفرق !
لم تزد بقعة الضوء على أن خفتت بهدوء متوعدة إياه ..
و لايزال العرض مستمرا