معلومات
العضو |
|
إحصائية
العضو |
|
اخر
مواضيعي |
|
|
قبيلة بني مسعود
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه ............. وبعد
فاستجابة لمن يعز عليَّ ويهمني أمره ويصعب عليَّ رده من أبناء عمومتي الذين ألحوا عليَّ بالإدلاء بدلوي فيما كثرت فيه الكتابة من أنساب القبيلة ومواطنها وتاريخها وتراثها فأحببت الكتابة والاختصار , لأن القصد هو البيان والإيضاح والتحقيق والتدقيق لا التأليف والإطالة , وأرجو إلا تخلو كلماتي هذه من فائدة , فأقول : عند التأمل في نسب قبيلة بني مسعود ومواطن بني مسعود وتاريخ بني مسعود , أجد نفسي بين زخات من الكلمات المتناثرة , وعبق من الزهر الفواح يعطر أجواء الدنيا , وسلسلة ذهبية يأخذ وهجها بالأبصار , ولعظم هذه القبيلة وُصراح نسبها صار كل يتسمى باسمها وينتسب إليها ويقول أنا ابن مسعود .
والحقيقة أنني أتوقف فيما خاض فيه البعض من إلحاق بعض المساعيد أو بني مسعود الجزيرة من يمنها إلى شامها ببني مسعود الحجاز لا لشيء وإنما لعدم اتصال السند أو النسب الحقيقي الموصل إلى مسعود المختلف فيه أيضاً بين بعض النُّسَّاب , فهل هو : مسعود بن جابر بن زيد بن قرد ـ بالتحريك في الكل ـ بن معاوية بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة ؟ أو هو : مسعود بن غافل ـ وقيل عاقل ـ بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صبح ـ وفي ذكره اختلاف ـ بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة ؟.
والذي تؤيده الأدلة وكتب الأنساب المعتمدة وكتب السيرة النبوية وكتب التراجم والرجال أنه مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ , وقد أبعد النَجْعَة من نسبهم إلى مسعود بن جابر بن زيد بن قرد .
كما أنني أتوقف في بعض الأنساب غير المسندة لمن حولنا فلا أجزم فيها بشيء ومن أراد أن يوصل نسبه كبني مسعود سولة وما حولها فليجتهد وليتحرَ ولا يفعل كما فعل حاطبوا الليل ممن اعتمد في الأنساب على السماع سواء في النسب أو المواضع والبلدان فانا اعتبر أن عمر رضا كحاله والجاسر والبلادي غير مدققين ولا متحرين ولا يرجعون الفروع إلى الأصول بل هم سماعيون من القبائل وكتبهم تحفل بالكثير من ذلك الخلط في الأنساب والمواضع .
لذلك أحببت أن أوثق نسبي ونسب قبيلتي بني مسعود ومن أراد أن يفعل كفعلي فليفعل .
أنا ابن دارةٍ معروفاً بها نسبي وهل بدارةٍ يا للناسِ من عار ِ
فأما نسب بني مسعود فهم أبناء مسعود والد الصحابي الجليل عبد لله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صبح بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة , ذكر ذلك السمعاني في الأنساب ج 12 صــ250ــــ الطبعة الأولى الهندية .
وقد جمعوا بين طيب الهواءين بين السراة وتهامة فمسعود وأبناؤه كانوا مع قومهم بني صاهلة المعروفين إلى اليوم في الشفا وما حولها فخرجوا لدم وحالفوا بني زهرة من قريش واجتووا شرائع النخل المسماة قديما ( حنين ) فسمي الجبل المحيط بهم إلى سولة جبل مسعود ونسب إليهم , وكان عبد الله بن مسعود يرعى غنماً لعقبة بن أبي معيط على قراريط يقول رضي الله عنه : " لقد رأيتني سادس ستة ما على الأرض مسلم غيرنا " ويقول : كنت غلاماً يافعاً أعمل راعياً في غنم لعقبة بن أبي معيط أرعاها واسرح بها خارج مكة في سهولها وجبالها , فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال : ياغلام هل معك من لبن ؟ فقلت : نعم , ولكنني مؤتمن , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أئتني بشاة لم ينزَ عليها الفحل , فأتيته بجذعه , فاعتقلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح الضرع ويدعو حتى أنزلت , فاتاه أبو بكر بصحوة ـ حجر مدور ـ فاحتلب فيها ثم قال لأبي بكر : اشرب , فشرب أبو بكر ثم شرب النبي بعده , ثم قال للضرع : أقلص , فقلص , فعاد كما كان , قال : ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله علمني من هذا الكلام الذي سمعته منك , فمسح رأسي وقال : إنك غلام ُمعَلَم , وببركة هذا الدعاء قال : فلقد أخذت من فيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة من القرآن ما نازعني فيها بشر " وهو أول من جهر بالقرآن قرأ سورة الرحمن في وسط أندية قريش , وهاجر الهجرتين وشهد المشاهد كلها ومناقبه أشهر من أن تذكر وأعظم من أن تحصى , وإنما القصد بيان نسبنا إليه والى أبيه وهذا مما لا جدال فيه .
ولقد رأيت لبعض شباب قبيلة هذيل بعض الجداول والتشجير لقبيلة هذيل وهي لا تخلو من الخلط حيث نسب بعضهم بني مسعود إلى بني معاوية بينما هم ينتسبون إلى صاهلة ـ وكمن خلط أن بدالة و ضرعاء لبني مسعود وبني عمير ـ وهذا التشجير يحتاج إلى تحرير وتقرير وتأصيل علمي يربط الفروع بالأصول , وقد حررت نسب بني مسعود آنفا وها أنا أحرر مواطن القبيلة اعتماداً على المراجع الأصيلة والكتب القديمة , فأقول : مواطن بني مسعود السراة قديماً مع أبناء عمومتهم من صاهلة في الشفاء وما حولها , ثم استوطنوا الجبل الذي سمي باسم مسعود نسبة إليهم وامتد أبناء مسعود حوله شمالاً وجنوباً وشرقاً فاستوطنوا وادي يدعان غرباً وسولة وما حولها إلى المضيق إلى الجديدة المسماه قديماً بقرية التنضب الى جبالهم أراك وأبي سليمان والسودة وأوديتهم الكثيرة كوادي بدالة بأكمله ووادي ضرعاء بأكمله ووادي حورة وصفية والسليم ووادي المضيق شماليه وغربيه ووادي مَرّ إلى أن يحدهم أبناء عمومتهم المطارفة عند موضع أم ُطخُـر ثم تمتد ديارهم إلى الحرة فيحدهم السلفة من المقطة من عتيبة ثم غرباً جهة وادي مر يحدهم المعابيد من حرب
هذه الحدود والأنساب ثابتة بالنص كثبوت الشرع بالنص وكالشمس في السماء ومن أراد الاستيضاح فليرجع إلى المراجع الأصيلة والمصادر المعتمدة كالأنساب للسمعاني والمواضع والبلدان والأصقاع للبكري والحموي والهمداني والموسوعة الذهبية للشريفي ونهاية الارب للقلقشندي , وانساب العرب لسمير قطب , والقصد والأمم في التعريف بأصول انساب العرب والعجم ليوسف بن عبد الله مطبوع في القاهرة مكتبة القدس عام 1350 هـ , واللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير الجزري , وجمهرة انساب العرب لابن حزم , والمنتخب في ذكر قبائل العرب لعبدالرحمن بن زيد الطائي , وقلائد الذهب في معرفة انساب العرب لمصطفى الكردي البالوي , وهذيل في جاهليتها وإسلامها لعبدالجواد الطيب , وغيرها ...
وأقرب الناس لبني مسعود آل فضل ( الفضالية ) الذين يسكنون جبل كبكب الذي ليس بينه وبين جبل مسعود الآنف الذكر إلا جبل يُسمى " لَبَن " , فهم بنو الفضل بن عون بن عبد الله بن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة , انظر المراجع الآنفة .
وأما تاريخ بني مسعود فليس فيه اختلاف بحمد الله , فقد حفل تاريخهم القديم بالأعلام ومنهم :
1- عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وارضاه , وهو صاحب السر والسواك والطهور والنعلين والوساد لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وقد ذكرنا شيئاً من مختصر سيرته وانه سادس ستة وهاجر الهجرتين إلى الحبشة مع جعفر بن أبي طالب , وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , وبعثه عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الكوفة وولاه بيت مال المسلمين وكتب لأهل الكوفة : " بعثت إليكم عبد الله بن مسعود معلماً ووزيراً وآثرتكم به على نفسي فخذوا عنه "
وعن شقيق بن عبد الله البلخي قال : كنت قاعداً مع حذيفة فأقبل عبد الله بن مسعود , فقال حذيفة : إن أشبه الناس هدياً ودلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم من حين يخرج من بيته إلى أن يرجع ولا أدري ما يصنع في أهله لعبد الله بن مسعود , والله لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم انه من أقربهم عند الله وسيلة يوم القيامة , وعن علقمة قال : جاء رجل من الكوفة إلى عمر وهو بعرفة فقال :
جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة وتركت بها رجلاً يملي المصاحف عن ظهر قلبه , فغضب عمر وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتي الرحل , فقال : من هو ويحك ؟ قال : عبد الله بن مسعود , فما يزال يطفأ ويسرِ عنه الغضب حتى عاد إلى حاله التي كان عليها , ثم قال : ويحك والله ما أعلم بقي من الناس أحد هو أحق بذلك منه وسأحدثك عن ذلك ,كان رسولا لله صلى الله عليه وسلم لا يزال يسمر عند أبي بكر الليلة كذلك في أمر من أمور المسلمين وانه سمر عنده ذات ليلة وإنا معه فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجنا معه فإذا رجل قائم يصلي بالمسجد فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع قراءته , فلما كدنا نعرفه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سره أن يقرأ القرآن رطباً كما انزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد , قال : ثم جلس الرجل يدعو فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سل تعطه , سل تعطه , قال عمر : قلت :
والله لأغدون عليه فلأبشره , قال : فغدوت عليه فبشرته فوجدت أبا بكر قد سبقني إليه فبشره .
ولا والله ما سابقته إلى خير قط إلا وسبقني إليه , رواه الإمام احمد والحديث صحيح الإسناد .
وعن مسروق قال : قال عبد الله : والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا اعلم أين نزلت وفيم نزلت ولو اعلم أن أحدا اعلم بكتاب الله مني تناله المُطي لأتيته .
وقال مسروق أيضا : شَامَمْتُ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت علمهم انتهى إلى ستة نفر منهم : عمر وعلى وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وأبو الدر داء وزيد بن ثابت , ثم شَامَمْتُ هؤلاء الستة فوجدت علمهم انتهى إلى رجلين : علي وعبد الله .
وأصّـل الحنفية مذهبهم وفقههم على فقه ابن مسعود , ثم رجع إلى المدينة في عهد عثمان رضي الله عنه , وبقي بها إلى أن مات سنة ثنتين وثلاثين من الهجرة عن بضع وستين , وصلى عليه عثمان ودفن بالبقيع .
2- عتبة بن مسعود : اسلم مع أخيه عبد الله وأمه أم عبد بنت عبد ود بن سوىّ بن قريم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل , وأمها هند بنت عبد الحارث بن زهرة بن كلاب القرشية الزهرية , وهو أخو عبد الله بن مسعود لأمه وأبيه , هاجر الحبشة الهجرة الثانية ثم قدم المدينة فشهد أحداً وشهد بعد ذلك المشاهد كلها , ومات في خلافة عمر بن الخطاب وصلى عليه عمر وانتظر بالصلاة عليه حتى قدم أخوه عبد الله فدمعت عيناه .
3- عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود , توفي سنة تسع وسبعين للهجرة .
4- عبد الله بن عتبة بن مسعود , كان قاضياً لمصعب بن الزبير بالكوفة توفي سنة أربع وسبعين للهجرة
5- عون بن عبد الله بن مسعود , كان راوياً وكاتباً وشاعراً .
6- عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود المسعودي الكوفي , خرج له الأربعة في السنن , قال أبو حاتم : كان اعلم أهل زمانه بحديث عبد الله بن مسعود , توفي سنة مائة وستين , وهو أول من لقب بالمسعودي فيما يظهر لي .
7- أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن زيد بن عتبة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود المسعودي , صاحب التأريخ المشهور بمروج الذهب ومعادن الجوهر , توفي سنة345هـ .
8- عبد الله بن محمد بن الحسين بن علي بن عبيد الله المسعودي الهذلي , من سلالة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه , ولد بسجستان وقدم المدينة سنة ستمائة وعشرين من الهجرة فروى الأحاديث ودرس الفقه وبرع في القضاء والفتوى وأصبح إمام المسجد النبوي في عهد صلاح الدين الأيوبي , توفي عام ستمائة وثمان وخمسين من الهجرة .
ومشاهير بني مسعود وتاريخهم أكثر من أن يحصى وليس البيان هنا لذلك , وإنما استطردني الحديث عن تاريخ رجال بني مسعود قديماً وهم كُـثر , فهذا غيض من فيض , وقطر من بحر , وشذرة من شذرات نهر , وكأني بالناس وقد افترقوا فيما كتبت فرقا : فرقة قد أنصفت كعادة المنصفين وأهل الحق والعدل والدين , وفرقة قد انطوى الحسد على جنوبهم , ورامت إطفاء نور الله بأفواههم , وما هم ببالغيه
إلا أن تقطع قلوبهم , وكيف يقاس من نشأ في حجر العلم منذ كان في مهده , ودأب فيه غلاماً وشاباً وكهلاً , حتى وصل مقصده , بدخيل أقام سنوات في لهو ولعب , وقطع اوقاتاً يحترف فيها ويكتسب , على أننا لا نتكل على الاحتساب والأنساب , ولا نكلُّ عن طلب المعالي بالاكتساب والاكتتاب .
لسنا وإن كُنا ذوي حَسَبٍ يوماً على الاحسابِ َنتّكل
نبـنـي كـمـا كانـت أوائـلنا تبني ونفعلُ مثلَ ما فعلوا
وفرقة غلب عليها الجهل المركب , وبعد عنها طريق الخير وتنكب , لا تبرح جدالاً , ولا تعي مقالاً , ولا تحسن جواباً ولا سؤالاً , ليس لها دأب إلا أكل الحرام , والخوض في أعراض الأنام , فهذه لا تصلح لخطاب , ولا إذا غابت أن تعاب , فنمسك عنها الكلام , والحمد لله على التمام والسلام .
وكتبه الأستاذ الدكتور( professor ) : محمد بن رديد بن رده بن بطي المسعودي الهذلي
أستاذ الفقه والأصول بجامعة الطائف وعضو التوعية والإفتاء بالمسجد الحرام
|