الشاعر عبدالله المسعودي (أسطورة الشعر الخالدة)
أبيات خالدة في أذهان الناس
لا تخلو المحاورة من أبيات تبقى عالقة في الذهن ، ويرددها المتابعون لهذا الفن بمختلف مستوياتهم ؛ والسبب في ذلك يعود إلى قوة هذه الأبيات ، أو لما تحويه من حكمة ، أو لما تتضمنه من تناسب الألفاظ وتلاؤمها .
والأبيات في هذا المجال لا يمكن حصرها ، وما قد أراه أنا جميلاً قد يراه غيري اعتيادياً لا جمال فيه ؛ وما هذا إلا لاختلاف أذواق الناس وتنوع ملكاتهم الفكرية .... ولسوف أعرض اليوم بعضاً من تلك الأبيات التي خلّدها تاريخ المحاورة من قديم الزمن لعلم من أعلام هذا الفن ... يعرفه أو على الأقل يسمع به الكثيرون .. إنه شاعر هذيل ( عبد الله المسعودي ) .
إن الناس لا زالت تردد إلى اليوم بيته المشهور الذي يقول فيه : ـ
أنا ما همّني فالوقت لا مطلق ولا مستور *** مركّبها على قمة جبل واتهزّ رجليها
سال مستور العصيمي في احدى المجلات عن هذا البيت لماذا وصلت شهرته وذياع صيته ولم ياتي له الرد الكفو من مطلق ....(( وقال العصيمي نعم هذا البيت من شاعر معروف وبمفهومي الشعري ان مطلق رد بالرد اللي فيه الكفايه ))
ولكن ما الذي جعل هذا البيت يخلد من أن قيل إلى يومنا هذا ؟؟؟
إن الأسباب التي خلّدت هذا البيت كثيرة ومنها : ـ
أولاً : ـ نبرة الفخر والتحدي الواضحة والتي أتت من بداية القاف حيث إن هذا البيت كان البيت الثاني في المحاورة .
ثانياً : ـ هذا التحدي لم يوجهه الشاعر لشاعر بعينه بل ترك المجال مفتوحاً ، ولكن بطريقة ذكية ، فإذا كان القائل لا يهمه ( مطلق الثبيتي أو مستور العصيمي ) وهما من عمالقة المحاورة آنذاك فمن يهمه إذن ... ؟؟
ثالثاً : ـ الغموض الفني الغريب لمقصود الشاعر في الشطر الثاني . (( مركبها على قمة جبل واتهز رجليها )) وهو الغموض الذي لا زال إلى اليوم حيث لم أجد أو أسمع أنه استطاع فك شفرة هذا الشطر .. وكل منْ تسأله عن المعنى يقول في بطن الشاعر ... فما هي أو من هي التي ركبها ( المسعودي ) على قمة الجبل ؟؟ ولماذا تهز رجليها ؟؟ وكيف يكون هز الرجلين ؟؟ وكيف تستطيع هز رجليها على قمة جبل ؟؟ وما مدى ارتفاع هذه القمة ؟؟ وأين يوجد هذا الجبل ؟؟ الله أعلم .
ومن الأبيات المشهورة والتي يرددها الناس لهذا الشاعر قوله : ـ
هلا يا مرحبا ترحيب وافي من صليب الراس** يسير اللعب وإلا ما يسير الهيل فالدلّة
وهو بيت رد به على رفيق دربه ( السواط ) حين قال له : ـ
سلام الله على الأشراف واللي حاضر من الناس** نبي صفين والا عذرونا يا هل الحلّة
وأسباب روعة وخلود بيت ( المسعودي ) كثيرة ومنها : ـ تناسب الألفاظ وتلاؤمها مع بعضها ، فلا تكاد تجد صعوبة في نطق البيت أو ترديده ، ومنها أيضاً : أنه لا زال يعتمد أسلوب التحدي والقوة من البداية فترحيبه ترحيبٌ من رأس قوي صلب يمتليء شعراً . وكذلك أنه في الشطر الثاني لا يهتم بوجود الصفوف ؛ لأنه إن وجد الصف أو لم يجده فدرره الشعرية موجودة . وإن كان الكثير يرى أن تفسير الشطر الثاني يعني أن الشاعر لا يهمه وجود الصفوف مادام قد قبض مقابل أتعابه في تلك الحفلة إلا أنني لا أرى ذلك حيث لم تكن المادة هي المطلب الوحيد لشعراء تلك الفترة .
ومن الأبيات الخالدة لهذا العلم : ـ
أنته توصّيني نسيت انّي هذيلي من هذيل *** الناس عارفها واخاطبها بقدّ اعقولها
فهذا البيت قد حوى سؤال تعجب من الشاعر لخصمه الذي يبدو أنه تجاهل مَنْ يكون ( المسعودي ) ؟ وبعد السؤال أخبر الشاعر خصمه بمن يكون ؟ ثمّ افتخر الشاعر بنفسه وأنه على دراية بأحوال الناس وطبائعها وعاداتها وتقاليدها وتلك المعرفة جعلته يستطيع مخاطبة كل منهم بما يتناسب معه . (( خاطبوا الناس بما يعلمون)) .
ومن ذلك قوله أيضاً : ـ
المطية ما تقدّم رجلها قدّام يدها **** لوّ راعيها يخليها عشا حصني وذيبي
ما أجمل الحكمة في هذا البيت ، حيث إن كل شيء في هذه الحياة يسير على طبيعته ولا يستطيع التغيير ـ غالبا ـ مثل ( الدابة ) التي لا يمكن أن تقدم رجلها قبل يدها . ثم الحكمة الأخرى والمأخوذة من قوله عليه الصلاة والسلام : ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته )) فـ ( الدابة ) حينما يتركها صاحبها ولا يهتم بها تذهب فريسة كل ذي ناب ، وذلك مأخوذ من قوله عليه الصلاة والسلام أيضاً (( لك أو لأخيك أو للذئب ))
وكذلك ابيات التحدي
عندما عاد المسعودي الى منزله ذات يوم فوجد (كرت دعوه) مكتوب عليها ( الدرب شام ) وهي جملة معناها اعلان التحدي وتذكير الخصم بما سيلاقيه من صعوبات فذهب الى الحفل ووجد امامه مطلق الثبيتي ومستور العصيمي وجار الله السواط ومحمد بن تويم الثبيتي وهلال السيالي . فانشد كنوع من التعجيز والتباهي بموهبته رداً على الدرب شام
حيث يقول
سلام / رديه عجل / وابطي عليه لين اشوف ***بين الصفوف / لكل الحاضرين / اثني سلام
الشام / مالي فيه اهل / وانالياجيت معروف *** ياهل الظروف / اللي عليها كاتبين / الدرب شام
ومنذ تلك الليله وحتى تاريخه لم يسمع بشاعر استطاع الرد عليه .
إلاأنه بعد مضى 21 عام أرسل أحد الشعراء من قبيلة بني مالك رد نورده في مايلي.
كما ورد بقلم الاستاذ /هذلي قديم .*****
في احدى المناسبات دعي الشاعر عبدالله المسعودي الى احدى المناسبات وكتب له على الظرف عبارة (الدرب شام )فقال عندما وصل
سلام ردية عجل وابطا عليه لين اشوف بين الصفوف لكل جمع الحاضرين اضرب سلام
الشام مالي فيه أهل وأناليا جيت معروف يا أهل الظروف ياللي عليها كاتبين الدرب شام
ولم يستطيع أحد من الحاضرين الرد عليه في حينه فكان ان سمعها احد الاخوة من قبيلة بني مالك المقيمين في مكة وكان ذلك تقريبا في عام 1420 على ما اذكر فقال
بنظام أرحب بالرجل واثني التحية للضيوف رحب يحوف المؤمنين المسلمين أهل النظام
العام عايش في الجبل بين النموره في الكهوف عايش بخوف ولو تحسًب للسنين اليوم عام
وأرسلها الى الشاعر عمران بن مخضر الكبكبي الهذلي (رحمه الله )وكانت تربطه بالشاعر عبدالله المسعودي (رحمه الله )صداقة حميمة فقال على الفور
حرام ماشوف لك دخل لاتلحق الفايت حسوف الله يروف وهرجكم في الميتين اكبر حرام
حشام مانبغى الزعل حط النقط فوق الحروف واحنا وقوف وحاضرين ان جيت تلقانا حشام
في خيام عايش في السهل بين الصحاري والجروف مشلحك صوف في ديرة المسنين عندأهل الخيام
قوام ابا اضرب لك مثل الضيف نذبح له خروف رزق الضعوف نحد له سكين ونجيبه قوام
والشكر للإدارة الموقرة على المتابعة والاهتمام
آخر تعديل ماطر السويدي يوم 02-09-2010 في 09:32 AM.
|