البنات في شعر الآباء قديماً وحديثاً (1من 2)
البنات زينة الحياة، وبالرغم من هذا يتباين التعامل معهن من مجتمع إلى آخر،بل وفي البلد نفسه إن اختلف المذهب والمعتقد،ونظرة الأب تبقى مختلفة، فكيف إن كان شاعرا يعبر عن عواطفه ويرسم صورة جلية عن واقع مجتمعه حيال البنت ،وهنـــــــا نورد نماذج لصورة البنات في شعر الآباء قديما وحديثـــاً.
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::::::::::
أدى بغض البنات في العصر الجاهلي إلى تغلغل الوأد (هذا السلوك المشين)..في نفوس العرب في الجاهلية حتى من لم يئـــدكان الحزن يملأ قلبه..وما حال العربي الجاهلي الذي ولد له سبع بنات ومن خوفه من بنت ثامنة طاف بالكعبة وقبلها الأوثا ن وهو ينشد:
:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/:/
يارب حسبي من بنات حسبي
شيبن رأسي وأكلن كسبي
إن زدتني أخرى خلعت قلبي
وزدتني همـاً يـــدق صلبــــــي
ومن مأثور قولهم لمن رزق بأنثى منكم(أمنكم الله عارها وكفاكم مؤونتها و صاهرتم القبر)
وقال شاعرهم::
لكــــــل أبي بنت يرجى بقـأؤهـــــا
ثلاثة أصهـــــــار إذا ذكر الصهـــــر
فبيت يغطيهــــــا وبعـــــل يصونهــــا
وقبــــــر يواريهـــــا وخيرهـــم القبر
إني وإن سيق إلي المهر
ألـــف وعبـــــدان وذود عشـر
أحــب أمهـــــاري إلي القبــر
كمـا شـاع فيهــم القـول المــأثــــور (دفـن البنـــــات مـن الــــمـكرمـــات )ومع ذلك نرى أن وأد البنـــــات فـــي الجــــاهليــــة علـــى كثــــرة مــــا جـــــاء مــن أخباره عمـــــل فــــردي رفـضـه أولـــو الألـــــبــــاب وحـقـروا مقترفيه،
ويذكر أبو الفرج الأصفهانــــــي أن معن بن أوس الشاعر كان مئناثاً (يولد له بنات فقط) وكان له ثلاث بنات يؤثرهن ويحسن صحبتهن وكان يرى البنات أكثر وفــــاء على الأباء من الذكور فيقول :
:":":":":":":":":":":":":":":":":":":":":":":":":" :":":":":":":":":":":":"
رأيت رجالاً يكرهن بناتهم
وفيهن لايكذب نساء صوالح
وفيهن والأيام يعثرن بالفتى
عوائد لا يمللنه ونوائح :":":":":":":":":":":":":":":":":":":":":":":":":" :":":":":":":":":":":":"
وهذا لبيد يشفق على ابنتيه أن تحزنا عليه بعد موته وذلك بخمش الوجه وحلق الشعر فينصحهما بعدم التمادي في الحزن فيقول :
تمنى ابنتاي أن يعيش أبوهما
وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر
وفي ابن نزار أسوة إن جزعتما
وإن تسالاهم تخبرا منهم الخبر
فإن حان يوم أن يموت أبوكما
فلا تخمشا وجها ولا تحلقا شعرا
وقولا هو المرء الذي لاخليفة
أضاع ولا خان الصديق ولا غدر
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما
ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
كما كان موقف بعض الجاهلين من البنات كقول شاعرهم حطان بن المــعلى :
لولا بنيات كزغب القطا
رددن من بعض إلى بعض
لكان لي مضطرب واسع
في الأرض ذات الطول والعرض
وإنما أولادنا بيننا
أكبادنا تمشي على الأرض
لوهبت الريح على بعضهم
لامتنعت عيني عن الغمض
وقــال شاعرهم
لولا أميمة لم أجزع من العدم
ولم أقاس الدجى في حندس الظلم
وزادني رغبة في العيش معرفتي
ذل اليتيمة يجفوها ذوو الرحم
أخشى فظاظة عم أو جفاء أخ
وكنت أبكي عليها من أذى الكلم
إذا ذكرت بنتي حين تندبني
فاضت لعبرة بنتي عبرتي بدم
كما قال شاعرهم :
لقد زاد الحياة لي حباً
بناتي إنهن من الضعاف
مخافة أن يردن البؤس بعدي
وأن يشربن رنقا بعد صافي
وأن يعرين إن كسي الجواري
فيبدي الضر عن رمم عجاف
وأن يضطرهن الدهر بعدي
إلى قحم غليظ القلب جاف
ولولاهن قد أبصرت رشدي
وفي الرحمن للضعفاء كاف
أبـــــا نــــــا من لنا إن غبت عنا
وصار الحي بعد في اختلاف؟
."."."."."."."."."."."."."."."."."."."."."."."."." .".".".
ومن أخبار إعزاز الآباء لبناتهم في الجاهلية رغم أخبار الوأد المنتشرة وكراهة البنت أن كان بعضهم يكنى بأسماء بناته فكان ربيعة ابن رباح والد زهير الشاعر يكنى بأبي سلمى والنابغة الذبياني كان يكنى بأبي أمامة ، وحاتم الطائي بـــأبي سفانة ..ومن ذلك يدعى أبو حمزة الضبي ووضعت له زوجته أنثى فهجرها وأخذ يبيت عند جيرانه فمر بخبائها يومـاً فسمعها تقول لابنتها :
مـا لأبي حمزة لايأتينا
يظل في البيت الذي يلينا
غضبان أن لانلد البنينا
تالله ما ذلك في أيدينا
وإنما نأخذ ما أعطينا
فنحن كالأرض لزارعينا
ننبت ما قد زرع فينا
فأسف الرجل عند سماع هذا ، وأقبل إلى زوجته وصالحها بأن قبل رأس امرأته وابنتها وقال <ظلمتكما ورب الكعبة > ، وكثير من عرب الجاهلية لم يكن يرجو لابنته إلا أن تنمو فتصير حسناء طيبة الريح عذبة الفم كريمة النفس والخلق ترضي زوجها ، قال أحدهم وهو يرقص ابنته :
كريمة يحبها أبوها
مليحة العينين عذبا فوها
لاتحسن السب و إن سبوها
وقال الزبير بن عبد المطلب وهو يرقص ابنته أم الحكم فشبهها بالظبي :
******
ياحبذا أم الحكم
كأنها ريم أحم
يا بعلها ماذا يشم
ساهــم فيها فسهم
وقال عربي آخر في ابنته :
بيتي ريحانة أشمها
فديت ابنتي وفدتني أمهـا
والموضوع القادم سوف يكون عن البنات في شعر الآباء حديثاً
|