الحقيقة توقفت كثراً لكي أقتحم جدران طالما نظرت إليها وهي تقوم بعمل جليل ألا وهو حماية ما بداخلها دون أن يعرف المار حولها ما الذي بداخل هذه الأسوار نعم هذا هو الواقع وكم من هذه الأسوار تحمل أشكال جمالية وأرتفاعات شاهقة ومع ذلك كله يبقى ما بداخلها محير لكثير من المارة ...
وهذا في الحقيقة شبيه بما سوف أقصه عليكم هذا اليوم والموفق من عرف المغزى واستفاد ومن لم يحرك فيه ساكن فلنقل على أمتنا السلام ..
يحكى أيها الأحبة أن زوج من العصافير يعيش حياته بكل بساطة في مرح وسعادة لا يفوقها سعادة وبينهما الألفة والمحبة والترابط ، فكم غردا بالجو وأنشدا ، وأدخلا السرور على الأخرين وخاصة في تلك الحديقة التي بداخلها ذلك القصر الجميل بجماله السحري وشرفاته التي إذا وقفت بها كأنك تملك جنان الدنيا كلها ، كل صباح يسمع صاحب القصر الأصوات الرائعة لتلك العصافير وخاصة ذلك الزوج الذي أتخذ من الحديقة تلك تواجدهما المستمر ، وبعد فترة من الزمن أرادى هذا الزوج من العصافير أن يكونا لهما أبناء فبحثا الأمر أين يكون السكن فإستقر الرأي أن يكون داخل ذلك القصر وفعلاً أخذا يجمعان كل ما يقابلهما من وسائل بناء المنزل لهما ، طال بهما الوقت وهما يجمعان ما يبني لهما منزلهما حتى كادا أن ينتهيا ولم يبقى سوا اللمسات الأخيرة ففرحا لهذا المجهود وهذا المنزل وبينما أحد الزوجين من العصافير يبحث على ما يكمل به بناء المنزل وقعت عيناه على عقب سجارة جميله فأسرع لكي يحملها يزين بها منزلهما ، فيظهر لهما ما لم يكن بالحسبات أتدروم ما هو ؟
حمل ذلك العصفور عقب السجارة وأسرع بها إلى القصر ودخل مسرعاً فرحاً ولم يكن يعرف ما الذي قد جناه على نفسه وعلى ذلك الفصر وصاحبه ، أتدرون ماذا حدث ؟
لقد كان عقب السجارة الذي أحضره العصفور لا يزال مشتعلاً بالنار ولم يكن العصفور يعرف وعندما وضعه في منزله ليحتفل مع شريكة بإنتهائه وإذا به يبدد الحلم إلى جحيم ، والأماني إلى سراب ، لقد أشتعلت النار في منزل زوج العصافير وياليته أنتهى الأمر على ذلك بل أمتد الأمر أن النار لم تكتفي بمنزل العصافير فأخذت تحرق كل ما حولها وتتساقط على الأرض وإذ بها تلتهم ذلك القصر الضخم وتحول ما بداخله إلى أكوام من فحم ولونه إلى ليل مظلم ، فيفيق أصحاب القصر على هذه الحادثة الفضيعة والتي لم تكن بالحسبان ويتضح لهم أن السبب هو من كان يأتي كل يوم أمام القصر ويمتعهم بالصوت الجميل أنه زوج العصافير .
الخاتمة أيها الأحبة أن القصر هو هذا المنتدى والعصافير هو كتاباتنا فيه ولكن شتان بين عصفور وعصفور ، فمن ينتقي بحذر يعيش ويسعد الأخرين وتتبعه أجيال على نفس المنهج ، ومن يكون على مثل هذا الزوج الذي ذكرنا فلا شك أن مداه قصير وسوف يخرب على نفسه وعلى غيره ولن يكون له في النهاية إلا التياه والسقوط .
هذا ما فاضت به قريحة محبكم ...............