رحلة للمتنبي
المفتونون كثرٌ بشعر المتنبي، تتعدد مشاربهم فيأخذ كل منهم بقدر عمقه الشعري ومخزونه اللغوي.."فسالت أودية بقدرها". غير أن كل من أعجب بهذه الفلتة الزمانية والطفرة الشعرية لن يعدم أسباباً ومبررات ونماذج ومبتكرات من شعر أحمد بن الحسين.
من ضمن القصائد التي بخسها البعض حقها ربما لأنه - أعني المتنبي أورد فيها هجاء مقذعا لكافور الإخشيدي هذه القصيدة التي قالها أثناء سفره من مصر إلى الكوفة في شهر ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة.
[poem=font="arail,4,#00008b,bold,normal" bkcolor="" bkimage="backgrounds/8.gif" border="solid,1,#f2b7f0" type=1 line=0 align=center use=sp num="0,"]
الراحلة
ألا كُلُّ مَاشِيَةِ الخَيْزَلَى = فِدَى كلِّ ماشِيَةِ الهَيْذَبَى
وَكُلِّ نَجَاةٍ بُجَاوِيَّةٍ = خَنُوفٍ وَمَا بيَ حُسنُ المِشَى
وَلَكِنّهُنّ حِبَالُ الحَيَاةِ = وَكَيدُ العُداةِ وَمَيْطُ الأذَى
ضرَبْتُ بهَا التّيهَ ضَرْبَ القِمَا = رِ إمّا لهَذا وَإمّا لِذا
إذا فَزِعَتْ قَدّمَتْهَا الجِيَادُ = وَبِيضُ السّيُوفِ وَسُمْرُ القَنَا
،
الرحلة
فَمَرّتْ بِنَخْلٍ وَفي رَكْبِهَا = عَنِ العَالَمِينَ وَعَنْهُ غِنَى
وَأمْسَتْ تُخَيّرُنَا بِالنّقا = بِ وَادي المِيَاهِ وَوَادي القُرَى
وَقُلْنَا لهَا أينَ أرْضُ العِراقِ = فَقَالَتْ وَنحنُ بِتُرْبَانَ هَا
وَهَبّتْ بِحِسْمَى هُبُوبَ الدَّبُو = رِ مُستَقْبِلاتٍ مَهَبَّ الصَّبَا
رَوَامي الكِفَافِ وَكِبْدِ الوِهَادِ = وَجَارِ البُوَيْرَةِ وَادي الغَضَى
وَجَابَتْ بُسَيْطَةَ جَوْبَ الرِّدَا = ءِ بَينَ النّعَامِ وَبَينَ المَهَا
إلى عُقْدَةِ الجَوْفِ حتى شَفَتْ = بمَاءِ الجُرَاوِيّ بَعضَ الصّدَى
وَلاحَ لهَا صَوَرٌ وَالصّبَاحَ، = وَلاحَ الشَّغُورُ لهَا وَالضّحَى
وَمَسّى الجُمَيْعيَّ دِئْدَاؤهَا = وَغَادَى الأضَارِعَ ثمّ الدَّنَا
فَيَا لَكَ لَيْلاً على أعْكُشٍ = أحَمَّ البِلادِ خَفِيَّ الصُّوَى
وَرَدْنَا الرُّهَيْمَةَ في جَوْزِهِ = وَبَاقيهِ أكْثَرُ مِمّا مَضَى
،
الراحل
فَلَمّا أنَخْنَا رَكَزْنَا الرّمَا = حَ بَين مَكارِمِنَا وَالعُلَى
وَبِتْنَا نُقَبّلُ أسْيَافَنَا = وَنَمْسَحُهَا من دِماءِ العِدَى
لِتَعْلَمَ مِصْرُ وَمَنْ بالعِراقِ = ومَنْ بالعَوَاصِمِ أنّي الفَتى
وَأنّي وَفَيْتُ وَأنّي أبَيْتُ = وَأنّي عَتَوْتُ على مَنْ عَتَا
وَمَا كُلّ مَنْ قَالَ قَوْلاً وَفَى = وَلا كُلُّ مَنْ سِيمَ خَسْفاً أبَى
وَلا بُدَّ للقَلْبِ مِنْ آلَةٍ = وَرَأيٍ يُصَدِّعُ صُمَّ الصّفَا
وَمَنْ يَكُ قَلْبٌ كَقَلْبي لَهُ = يَشُقُّ إلى العِزِّ قَلْبَ التَّوَى
وَكُلُّ طَرِيقٍ أتَاهُ الفَتَى = على قَدَرِ الرِّجْلِ فيه الخُطَى
وَنَام الخُوَيْدِمُ عَنْ لَيْلِنَا = وَقَدْ نامَ قَبْلُ عَمًى لا كَرَى
وَكانَ عَلى قُرْبِنَا بَيْنَنَا = مَهَامِهُ مِنْ جَهْلِهِ وَالعَمَى
،
هجاء مقذع لكافور
،
المزيد من الهجاء
وَماذا بمِصْرَ مِنَ المُضْحِكاتِ = وَلَكِنّهُ ضَحِكٌ كالبُكَا
بهَا نَبَطيٌّ مِنَ أهْلِ السّوَادِ = يُدَرِّسُ أنْسَابَ أهْلِ الفَلا
وَأسْوَدُ مِشْفَرُهُ نِصْفُهُ = يُقَالُ لَهُ أنْتَ بَدْرُ الدّجَى
وَشِعْرٍ مَدَحتُ بهِ الكَرْكَدَنّ = بَينَ القَرِيضِ وَبَينَ الرُّقَى
فَمَا كانَ ذَلِكَ مَدْحاً لَهُ = وَلَكِنّهُ كانَ هَجْوَ الوَرَى
،
بيت يلخص قصيدة كاملة بل قصائد كثيرة
للمتنبي
وَمَنْ جَهِلَتْ نَفْسُهُ قَدْرَهُ = رَأى غَيرُهُ مِنْهُ مَا لا يَرَى[/poem]
|