أولا: ما المراد بمنكرات الصيف؟
1- تعريف المنكر لغة وشرعاً:
المنكر لغة: قال ابن فارس: "النون والكاف والراء أصلٌ صحيح يدل على خلاف المعرفة التي يسكن إليها القلب"[1]. والمنكر من الأمر: خلاف المعروف[2].
والمنكر شرعاً: هو كل ما لا يُعلم حسنُه من جهة الشرع، أو عُلِم قبحه من جهة الشرع[3].
2- تعريف الصيف:
الصيف واحد فصول السنة، وهو بعد الربيع الأول (الخريف) وقبل القيظ. وتصيّف من الصيف، كما يقال: تشتى من الشتاء. وأصاف القوم: دخلوا في الصيف. وصافوا بمكان كذا: أقاموا فيه صيفهم، فهم صائفون[4].
3- المراد بمنكرات الصيف:
والمراد بمنكرات الصيف: ما يصاحب الإجازة الصيفية من الأمور المستقبحة.
ثانيا: منكرات الأسواق:
الأسواق خلال الإجازة الصيفية تنشط لكثرة المناسبات السعيدة والأفراح عند الناس، ويصاحب هذا النشاط عادة منكرات عدّة، وبسبب الفراغ الذي يعانيه كثير من الشباب والشابات فإن الأسواق تصبح ميداناً نشطاً لتجمعاتهم. ولذلك جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها))[5]. فمن هذه المنكرات:
1- التبرج والسفور:
التبرج: مصدر تبرج، وتبرجت المرأة: أظهرت زينتها للرجال.
والسفور: هو الظهور، وسفرت المرأة عن وجهها: إذا كشفته.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا))[6].
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيّما امرأة استعطرت فمرّت على قومٍ ليجدوا من ريحها فهي زانية))[7].
2- اختلاط النساء بالرجال:
عن علي رضي الله عنه قال: (ألا تستحيون أو تغارون؟! فإنه قد بلغني أن نساءكم يخرجن في الأسواق يزاحمن العلوج)[8].
والعلوج: جمع عِلج، قال ابن الأثير: "الرجل من كفار العجم وغيرهم"[9].
3- إطلاق البصر في العورات:
قال الله تعالى: {قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَـٰرِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لّلْمُؤْمِنَـٰتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـٰرِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور:29، 30].
وعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: ((يا علي، لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة))[10].
قال ابن القيّم: "فأما اللحظات فهي رائدة الشهوة ورسولها، وحفظها أصل حفظ الفرج، فمن أطلق بصره أورد بصره موارد الهلكات"[11].
وقال: "والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان، فالنظرة تولد خطرة، ثم تولد الخطرة فكرة، ثم تولد الفكرة شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة تقوى فتصير جازمة، فيقع الفعل ولا بد، ما لم يمنع منه مانع. وفي هذا قيل: الصبر على غض البصر أيسر على ألم ما بعده، قال الشاعر:
كل الحوادث مبدؤها من النظـر *** ومعظم النار من مستصغر الشـرر
كم نظرة بلغت من قلب صاحبها *** كمبلغ السهم بين القوس والوتـر
والعبد مـا دام ذا طَرْفٍ يقلبـه *** في أعين الغيرِ موقـوف على الخطرِ
يسر مقلتـه مـا ضرّ مهجتـه *** لا مرحباً بسرورٍ عـاد بالضرر"[12]