الانتخابات البلدية لهذا العام
كم سمعنا من يعد أهالي المحافظة التي رشح نفسه لعضوية بلديتها،أنهم متى انتخبوه سيجعل منها (جنة خضراء)، وسرعان ما تذهب هذه الوعود أدراج الرياح ، وتصبح مواعيده (كمواعيد عرقوب)، وهو علم لكل ما لا يصح من المواعيد.(مجمع الأمثال للميداني).
كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلاً ... وَمَا مَوَاعِيدُهَا إِلاَّ الأبَاطِيلُ
أولا : أنه لا يجوز لأحدٍ كائناً من كان، أن يرشح من يعلم من نفسه أنه لا يصلح لتحمل المسئولية، محاباة لعصبية قبلية ،وصداقة وحمية، أو من أجل أغراض دنيوية،فصوتك أمانة،فلا تعطه إلا من يستحقه ديانة لله،يروى عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:{مَنِ اسْتَعْمَلَ رَجُلاً مِنْ عِصَابَةٍ وَفِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ مَنْ هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وخانَ رَسُولَهُ وخانَ الْمُؤْمِنِينَ} رواه العقيلي في الضعفاء (1/247) ولا يصح،وقال: (يروى من كلام عمر بن الخطاب) ،وصححه الحاكم في المستدرك (4 / 92).
قال الإمام ابن تيمية في السياسة الشرعية : {فَإِنَّ الرَّجُلَ لِحُبِّهِ لِوَلَدِهِ أَوْ لِعَتِيقِهِ قَدْ يُؤْثِرُهُ فِي بَعْضِ الْوِلَايَاتِ أَوْ يُعْطِيهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ ؛ فَيَكُونُ قَدْ خَانَ أَمَانَتَهُ }
وإذا كان السلف الصالح ينهون عن تزكية الرجل إلا بعد مخالطته،والسفر معه،ومعاملته بالدينار والدرهم، فقد سمع عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- رجلاً يثني على رجل فقال :{ أسافرت معه ؟ قال : لا، قال : أخالطته ؟ قال : لا، قال : والله الذي لا آله غيره ما تعرفه}رواه ابن أبي الدنيا في الصمت (274). فكيف يُزكى من يُعلم عدم أمانته وكفأته؟!وكيف ينتخب من يكون عدم نفعه- لعدم أهليته- لا يعود لنفسه،وإنما على المحافظة بأسرها ومن فيها؟!ومن المقرر في السنة النبوية أن من علامات قيام الساعة إضاعة الأمانة، وذلك بتوسيد الأمر لغير أهله.صحيح البخاري(1/42).
فلا يجوز لأحد أن ينتخب من هو أقل كفاءة وأمانة، وهو يجد الأكفاء الأمناء، ومن فعل ذلك فقد خان الأمانة ،وشهد شهادة الزور،وأعظم من ذلك بيع الذمم وشرائها بالمال وهو من الرشوة التي لُعن صاحبها.
ألا وإن انتخاب من ليس كفأ وأهلاً ،سيتضرر به الجميع، وستبقى المحافظة تراوح في مكانها، بل وتتأخر عن مواكبة غيرها في تطورها وازدهارها، ولا ننس أن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الشخصية الخاصة!
ثانيا : على أهالي المحافظات عموماً والنخبة المتعلمة خصوصاً أن يجتهدوا ويتفقوا فيما بينهم في انتخاب من يرون أن الذمة تبرأ به،وأن انتخابه سيعود بالنفع للمحافظة وأهلها، يجمع بين القوة والأمانة ، وتحصل به الكفاية {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} فإن قمنا بذلك،فسيرى كل منا ما تقر به عينه، ويسر به ناظره،وإن كان غير ذلك،كنا كمن قيل فيه: (يداك أوكتا وفوك نفخ) ،وسيزداد الأمر سوءاً وأشد مما كان عليه،وحينئذٍ لن تنفع المجاملات والفزعات غير المنضبطة!
هذا ما تيسر التنبيه عليه والتذكير به،وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
وصلى الله وسلم على خير الأنام وسيد ولد عدنان.
وكتب/
الداعية بوزارة الشؤون الإسلامية
سعد بن ضيدان السبيعي
26/6/1432هـ
|