أهاجـك الوجـد أم شاقتـك آثـار(مصطفى السباعي رحمه الله)
مصطفى بن حسني السباعي، ولد في مدينة حمص في سوريا عام 1915. نشأ في أسرة علمية عريقة معروفة
بالعلم والعلماء منذ مئات السنين، وكان والده وأجداده يتولون الخطابة في الجامع الكبير بحمص جيلاً بعد جيل،
وقد تأثر بأبيه الشيخ حسني السباعي الذي كانت له مواقف معروفة ضد المستعمر الفرنسي.
شارك السباعي في مقاومة الاحتلال الفرنسي لسوريا وهو في السادسة عشرة من عمره، واعتقلوه أول
مرة عام 1931 بتهمة توزيع منشورات في حمص ضد السياسة الفرنسية، واعتقل مرة ثانية من قبل
الفرنسيين أيضا بسبب الخطب التي كان يلقيها ضد السياسة الفرنسية والاحتلال الفرنسي.
كما شارك السباعي في حرب فلسطين عام 1948 حيث قاد الكتيبة السورية
للسباعي مؤلفات كثيرة بعضها في علوم الشريعة الإسلامية التي اشتهر منها كتاب السنة ومكانتها في التشريع
الإسلامي، كما كتب مجموعة من الكتب التنظيمية والحركية الخاصة بفكر الإخوان المسلمين.
أصيب مصطفى السباعي في آخر عمره بالشلل النصفي حيث شل طرفه الأيسر وظل صابرا محتسبا مدة 8 سنوات
حتى توفي يوم السبت 3 أكتوبر/ تشرين الأول 1964 وصلي عليه في الجامع الأموي
أهاجـك الوجـد أم شاقتـك آثـار
كانت مغاني نعـم الأهـل والـدار
وما لعينيك تبكـي حرقـة وأسـى
وما لقلبك ما ضجـت بـه النـار؟
على الأحبة تبكي أم علـى طلـل
لـم يبـق فيـه أحبـاء وسمـار؟
وهل على الدهر تشكو سوء عشرته
لم يوف عهداً ولم يهدأ لـه ثـار؟
هيهات يا صاحبي آسي على زمن
ساد العبيـد بـه واقتيـد أحـرار
أو أذرف الدمع في حب يفارقنـي
أو فـي اللذائـذ والآمـال تنهـار
فما سبتنـي قبـل اليـوم غانيـة
ولا دعاني إلـى الفحشـاء فجـار
أمت فـي الله نفسـاً لا تطاوعنـي
في المكرمات لها في الشر إصرار
وبعت في الله دنيا لا يسـود بهـا
حق ولا قادها في الحكـم أبـرار
وإنما حزني من صبيةٍ درجوا
غفلٍ من الشرِّ لم توقد لهم نارُ
قد كنت أرجو زماناً أن أقودهُم
ُللمكرماتِ فلا ظلم ولا عارُ
والآن قد سارعت دربي إلى كفنٍ
يوما سيلبسه برٌّ وجبارُ
بالله يا صبيتي لا تهلكوا جزعاً
على أبيكم طريق الموتِ أقدارُ
تركتم في حمى الرحمن يكلؤكم
من يهدِهِ الله لا توبقه أوزارُ
وأنتمُ يا أهيلَ الحيِّ صبيتكم
أمانة عندكم هل يهمل الجارُ؟
أفدي بنفسيَ أمَّاً لا يفارقها
همٌّ وتنهارُ حزناً حين أنهارُ
فكيفَ تسكنُ بعد اليوم من شجنٍ
يا لوعةَ الثكلِ ما في الدار ديارُ
وزوجةً منحتني كلَّ ما ملكت
من صادق الودِّ : تحنانٌ وإيثارُ
عشنا زماناً هنيئاً من تواصلنا
فكم يؤرقُ بعد العزِّ إدبارُ
وإخوةً جعلوني بعد فقد أبي
أباً لآمالهم روضٌ وأزهارُ
أستودعُ الله صحبا كنت أذخرهم
للنائباتِ لنا أنس وأسمارُ
الملتقى في جنان الخلد إن قبلت
منا صلاةٌ وطاعاتٌ وأذكارُ