(التلفزيون_أستاذ التربية الأول في العصر الحديث)
(التلفزيون_أستاذ التربية الأول في العصر الحديث)
تشغل وسائل الإعلام وأجهزتها المتنوعة حيزاً كبيراً في حياة الناس اليوم، فلا يكاد يخلو منها بيت أو مقهى، أو متجر، وذلك لما اشتملت عليه هذه الأجهزة من تقنية متطورة، وجاذبية فائقة.
ويعد جهاز التليفزيون من أكثر هذه الوسائل انتشاراً، وتأثيراً في الناس، فقد تعلقت قلوب الكبار به قبل الصغار، وأصبح يمثل عند كثير من الناس ضرورة عصرية لا غنى عنها.
ولكن الحقيقة أن قوى الشر بأنواعها المتمثلة في اليهودية العالمية والنصرانية الصليبية الحاقدة، وغيرهما من المعادين للحق والفضيلة: هم الذين يسيطرون على وسائل الإعلام المختلفة بما فيها هذا الجهاز؛ وذلك بطريق مباشر، أو غير مباشر، مما يتيح لهذه القوى الشريرة نشر باطلها، وانحرافاتها، على جميع المستويات والطبقات، لهذا فإن الملاحظ يجد أن وسائل الإعلام المختلفة من صحافة، وإذاعة، وتلفزيون، وسينما مسخرة اليوم لإشاعة الفاحشة، والإغراء بالجريمة، والسعي بالفساد في الأرض. أي أنهم يبثون وينشرون من خلال هذه الوسائل ما يكلفون به إفساد شباب العالم عامة، وشباب المسلمين خاصة.
وقد استغلت هذه القوى العالمية بعض أبناء المنطقة الإسلامية من الخائنين لدينهم، وأمتهم، أو سذّج الأغنياء في ترويج ونشر المواد الإعلامية المسمومة، لهذا أصبح الإعلام في المنطقة العربية الإسلامية أداة للهدم من خلال التشجيع على اقتراف الفاحشة ومقدماتها بطرق مباشرة، أو غير مباشرة، ولو لا وجود أمثال هؤلاء الخونة أو المغفلين: لما تمكن الأعداء من نشر باطلهم وترويجه.
وهذا يجعل مهمة الأب - بلا شك- أصعب وأشق؛ إذ إن الخطر المحدق بالأولاد لا يكمن فقط خارج البيت في الشارع، والسوق، والسينما والملهى، وبيوت الدعارة، بل إن الخطر قد دخل عليه في بيته، في سلطانه يشاركه في تربية أولاده، وينافسه على تمام ولائهم، وانقيادهم لأنماط السلوك، والمعتقدات التي يتبناها، ويرجو أن تتمثل في أولاده، ولا سيما في عصر الفضائيات والإنترنت، وخدمات الهاتف الجوال المتفوقة.
ويعد التلفزيون أحد المؤسسات الثقافية الهامة، وأهم وسائل الاتصال الجماهيرية، وأكثرها تأثيراً على الإنسان، ويقف هذا الجهاز بشاشته الصغيرة ليكون أخطر وأهم جهاز إعلامي في هذا العصر يمكنه التأثير في الكبار والصغار، وذلك لما شمله بناؤه التقني من الجمع بين الصورة والصوت؛ مما يجعل رسالته الإعلامية أسهل، وأقرب للاستيعاب والإدراك عند جميع الطبقات المثقفة منها وغير المثقفة. وقد شغف به الأطفال شغفاً شديداً لما فيه من جذب، وإمكانية فائقة على إشغال وقت الفراغ، إلى جانب سهولة تناوله، واستعماله.
وما كاد هذا الجهاز ليصل قبل سنوات إلى أسواق المنطقة الإسلامية ودول الخليج خاصة حتى أصبح بالنسبة لأكثر الناس ضرورة عصرية ملحة لابد منها، فملكت هذه الشاشة قلوب الكبار قبل الصغار، وأصبح الجميع يتابع برامجه طوال الإرسال دون تخطيط، أو نظام حتى أصبح زمن مشاهدته بالنسبة للأطفال العرب أطول من أي زمن يمكن أن يقضيه الأطفال في نشاط منفرد آخر، فزمن المشاهدة بالنسبة لهؤلاء الأطفال يتراوح ما بين ساعتين ونصف إلى ثلاث ساعات ونصف يومياً أما في الإجازات فعدد ساعات المشاهدة يرتفع ليصل إلى ثلاث ساعات، أو أربع ساعات يومياً وهذه النسب بلا شك عالية، وكبيرة خاصة إذا عرفت طبيعة هذه البرامج التي يشاهدها هؤلاء الصغار، ومدى صلاحيتها بالنسبة لسنهم، وقدراتهم العقلية، إلى جانب الأضرار الجسمية التي تترتب على طول الجلوس أمام هذا الجهاز، والتعرض للأشعة المنبعثة من شاشته.
وقد يصاب بعض الأطفال بالإدمان على مشاهدة التلفزيون، فلا يكاد أحدهم أن ينفك عنه، وهؤلاء في جاجة إلى الرعاية والعلاج، حيث دل البحث، والاستقصاء على أن أكثر هؤلاء المدمنين من قليلي الذكاء ومن الذين لا يشعرون بالاطمئنان والأمن، ومن الذين يجدون صعوبة في تكوين علاقات مع أقرانهم فيجدون في قربهم من هذا الجهاز شيئاً من الأمن، والصحبة.
|