فلسفة الثعبان المقدس
للشابي
كان الربيع الحي روحاً حالماً * غض الشبابِ معطر الجلبابِ
يمشي على الدنيا بفكرة شاعرٍ * ويطوفها في موكبٍ خلابِ
والأفق يملأه الحنان كأنه * قلب الوجود المنتج الوهابِ
والشاعر الشحرور يرقص منشداً * للشمس فوق الورد والأعشابِ
شعر السعادة والسلام ونفسه * سكرى بسحر العالم الخابِ
ورآه ثعبان الجبال فغمهُ * ما فيه من مرحٍ وفيضِ شبابِ
فانقض مضطغناً عليه كأنه * سوط القضاءِ وفرية الكذابِ
بُغت الشقيّ فصاح من هول الردى * متلفتاً للصائل المنتابِ
وتدفق المسكين يضرخُ ثائراً * ماذا جنيتُ أنا فحقَ عقابي
لا شيء إلا أنني متغزلٌ * بالكائنات مغردٌ في غابي
ألقى من الدنيا حناناً طاهراً * وأبثها نجوى المحب الصابي
أيعّدُ هذا في الوجود جريمةً * أين العدالة يا رفاق شبابي
لا "أين" .. فالشرع المقدس ههنا * رأي القوي وفكرةُ الغلابِ
وسعادة الضعفاء جرمٌ ما لهُ * عند القوي سوى أشد عقابِ
ولتشهد الدنيا التي غنيتها * حلم الشباب وروعة الإعجابِ
أن السلام حقيقة مكذوبةٌ * والعدل فلسفة اللهيب الخابي
لا عدل إلا إن تعادلت القوى * وتصادم الإرهابُ بالإرهابِ
فتبسم الثعبان بسمةَ هازئٍ * وأجاب في سمتٍ وفرط إهاب
يا أيها الغر المثرثر إنني * أُرثي لثورة جهلك الثلابِ
والغر يعذره الحكيم إذا طغى * جهلُ والصِّبا في قلبه الوثابِ
فأكبح عواطفك الجوامح إنها * شردت بلبك واستمع لخطابي
إني إلهٌ طالما عبد الورى ظلّي * وخافوا لعنتي وعقابي
وتقربوا لي بالضحايا منهمُ * فرحين شأن العابد الأوّابِ
أفلا يسرك أن تكون ضحيتي * فتحل في لحمي وفي أعصابي
وتكون عزماً في دمي وتوهجاً * في ناظري وحدةً في نابي
فكر لتدرك ما أريد وإنه * أسمى من العيش القصير النابِ
فأجابه الشحرور في غصص الردى * والموت يخنقه إليك جوابي
لا رأي للحق الضعيف ولا صدى * والرأي رأي القاهر الغلابِ
فأصنع مشيئتك التي قد شئتها * وارحم جلالك من سماع خطابي
وشكرا
منقول ولست واثقا في المصدر
|