عند ذكر كلمة البادية يتبادر للذهن عادة معنى الصحراء القاحلة الشديدة القسوة، وهي، اذ ذاك، اما سهوب شاسعة جرداء او كثبان رمال متحركة.. لا تكاد ترى فيها للنبات ظلاً ولا تسمع للحياة نفساً الا ما ندر ويطبق على فيافيها الواسعة الصمت لا تقطعه الا اصوات هزيز الرياح!
ودرجت العادة ايضا على القول ان الترحال والتنقل الدائم بحثا عن الماء والكلأ هي السمات الرئيسية المميزة لسكانها الذين يسمون البدو الرحل.
تعد صفات الكرم والنخوة والضيافة بعضاً من صفات البدوي الاصيل، بيد ان الكرم عند البدو لا يتمثل في عادات ولائم البذخ والاسراف التي يقيمها بعض أغنياء المدن طمعاً في منزلة اجتماعية لا يملكونها او ابتغاء خصال يفتقرون الى مقوماتها، وانما هي الاستعداد الفطري للفقير لتقديم آخر وجبة طعام يملكها لضيف حل عليه أو التخلي عن آخر ما يمتلكه لاغاثة محتاج. بينما تتجلى صفة النخوة في حماية الضعيف ونجدة المستغيث. ويتجسد خلق الضيافة في ابسط صوره: بتقديم التمر والقهوة العربية ، التي تعد اكثر من مجرد شراب وانما هي تعبير عن دفء الترحيب. ويشكل موقد النار تحت ظل شجرة غاف مجلساً للقاءات ومركزا لجمع الناس للتشاور في امور تجارية او سماع الاخبار او تسوية خلاف
ياكم شب من الغزو حنا جدعناه *** جدع الشمايل يوم عز الحصيدي
وياكم عايل فوق خشمه وشمناه *** يشهد لنا التاريخ والنواقيدي
وياكم شيخ في نص راسه ضربناه *** ببندق يلمع حديده جديدي
شقن عليه البيـض خواجن ثمينـاه *** اصبح وامسى بين ربعه فقيدي