العودة   ::{ مجالس قبيلة هذيل }:: موقع يهتم بتراث القبيلة ومفاخرها > المجالس الخاصـــة > مجلس أمجاد و تاريخ هذيل
 

مجلس أمجاد و تاريخ هذيل للمواضيع التي تتحدث عن تاريخ و عادات و تقاليد القبيلة

 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 06-11-2008, 07:36 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

أبو العباس غير متواجد حالياً


افتراضي رد: بحث : مملكة لحيان ما قبل الميلاد

[align=right]في عصر ما قبل الميلاد قامت للحيان هذيل دولة وحضارة في ديدان العلا شمال الحجاز ، كانت تسمى دولة لحيان ، وفي فترات مختلفة ، واتخذت من خريبة العلا عاصمة لها ، وكانت لهم قوة ومنعة . وقد ساهمت حضارتهم بقدر وافر في حركة الفنون والكتابة والتجارة والمعمار ، ولا تزال آثارها باقية هناك حتى اليوم . ويمكننا تقسيم مملكة لحيان إلى ثلاث فترات هي :

أولاً : مملكة ديدان اللحيانية :

بعد أن استولى اللحيانيون على ديدان العلا من جالية التجار المعينيين الساكنين بها . أنشأُوا لهم بها مملكة صغيرة " مملكة مدينة " لا تتعدى سيطرتها حدود تلك المدينة ، وأسموها " مملكة ديدان " نسبة إلى تلك المدينة . مما جعل أكثر المؤرِّخين والباحثين يعتقدون خطأً أن مملكة ديدان غير مملكة لحيان لاختلاف الإسمين . وقد بدأت مملكة ديدان هذه في القرن 6 ق . م واستمرت حتى القرن 5 ق . م على رأي " وليام البرايت " Albright ( د/ عبد الله نصيف ، العلا دراسة في التراث الحضاري ..........، ط1 ، ص 12 ، 1995م )

أما كاسكل Caskel فيرى أنها قامت سنة 160 ق . م وانتهت سنة 115 ق . م . ( د/ جواد علي ، المفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام ، ط1 ، ص 243 ، 1970م )

يقول د/ عبد الرحمن الأنصاري : أعتقد أن مملكة ديدان هي المرحلة الأولى لمملكة لحيان . ( د/ حسين أبو الحسن ، قراءة لكتابات لحيانية من جبل عكمة بمنطقة العلا ، ص 7 ، 1997م ) ومن هنا يتضح أن الديدانيين هم اللحيانيون .

وحيث إنني لا أشـك في إنَّ هـذه الفترة تُعتبر فترة تأسيس لقيام مملكة لحيان الأولى ذات النفوذ الواسع ، وحيث أنه لم تُجْرَ في المنطقة حفريات أثرية جادَّة تزوّدنا بتفاصيل أكثر عن هذه الفترة إلاّ ما قام به العالمان الفرنسيان "جوسن" Jaussen و " سافيناك " Savignac من دراسـة لبعض نقوش المنطقة الظاهرة على سطح الأرض ثم تحليلها والتي لم تكشف لنا إلاَّ عن اسـمين فقط من ملوك هذه الفترة هما :

الملك " كبير إل بن متع إل " الذي ذكره النقش ( JS 138 L ) . ( د/ عبد الله نصيف ، العلا دراسة في التراث ............. ، ط1 ، ص 11 ، 1995م ) والملك " جشم بن شهر " الذي ذكره النقش ( JS 349 L ) . ( هتون الفاسي ، الحياة الاجتماعية في شمال غرب الجزبر ة العربية ، ط1 ، ص 72 ، 73 ، 1993م ) والذي لا يتنافى كونهما مَلِكَين ديدانيين مع كونـهما مَلِكَين لحيانيين ، لأن الديدانيين هم اللحيانيون كما رأينا .

وحيث أن المعلومات التي وصلتنا عن هـذه الفترة تعتبر ضئيلة جداً إذا ما قورنت بالمعلومات التي وصلتنا عن مملكة لحيان الأولى والثانية . لهـذا فإننا سنكتفي بهذه المعلومات إلى أن تُبْدي لنا الأيام القادمة ما خفي علينا من تاريخ مملكة ديدان اللحيانية خاصة عند إجراء الحفريات الأثرية الجادَّة والْمُنْتَظَر القيام بها في المنطقة .

ثم توقف العمل بهــذا المســـمى .( مملكة ديدان ) وبدأ العمل بالمســمى الجديد وهو ( مملكة لحيان ) وذلك بعد أن اتسعت الدولة وامتد نفوذها شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً .

ثانياً : مملكة لحيان الأولى :

تُعتبر مملكة لحيان الأولى امتداد لمملكة ديدان اللحيانية وقد بدأت مملكة لحيان الأولى في القرن 5 ق . م وانتهت في القرن 3 ق . م . على رأي " وينت " Winnett و " البرايت " Albright و " فان دن بران دن " Van den Branden . ( د/ حسين أبو الحسن ، قراءة لكتابات لحيانية من جبل عكمة بالعلا ، ص 35 ، 36 ، 1997م ) أما " كاسكل " Caskel فيري أنها بدأت سنة 115 ق . م وانتهت سنة 24 ق . م . ( د/ جواد علي ، المفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج/2 ، ط1 ، ص 243 ، 246 ، 247 ، 1970م )

ومن ملوك هذه الفترة :

الملك هنأس بن شهر ذَكَرَهُ النقش الموسوم بـ ( JS 53 ). والملك تخمي بن لذن الملقّب بـ " ذسفعن " ذَكَرَهُ النقش الموسوم بـ ( M 8 ). والملك شمت جشم بن لذن ذَكَرَهُ النقش الموسوم ب ( JS 85 ). والملك جلت قوس ذَكَرَهُ النقش الموسوم بـ ( JS 83 ). والملك منعي لذن بن هنأس ذَكَرَهُ النقش الموسوم بـ ( JS 82 ) .

( Caskel., Lihyan., p. 41, 1953 )

وقد وثق ملوك هذه الفترة علاقاتهم التجارية مع الدول المجاورة كالأنباط والبطالمة ولكن هذه العلاقة كانت أكثر عمقاً مع البطالمة حكام مصر .

حيث كان اللحيانيون يُصَدِّرُون لهم المواد العطرية والبهارات والخيول العربية الأصيلة . عبر ميناء ( أمبليوني ) Ampelone البطلمي المقام على السواحل اللحيانية باتفاق الدولتين ، وعبر الميناء اللحياني ( لويكي كومي ) Leuke Kome . ( سيِّد أحمد علي الناصري ، دراسات في تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام ، ك2 ، ص 413 ، 1984م )وبموجب هذه العلاقة والصداقة فقد وقف اللحيانيون مع البطالمة في حروبهم ضد السلوقين والسبئيين .

أما علاقتهم مع الأنباط فلم تكن حسنة إذ كانت بينهم مناوشات خاصة بعد أن ضعف نفوذ البطالمة حلفاء اللحيانيين وانحسر نفوذهم . فقد أخذ الأنباط يتطلعون إلى الاستيلاء على اللحيانيين والانتقام منهم لتحويلهم تجارة العطور والبهارات إلى مصر مباشرة دون المرور بعاصمتهم البتراء .مما أثَّر على اقتصادهم فأصبحوا يتحرَّشون باللحيانيين ويهاجمونهم .

وفي بادئ الأمر صمد اللحيانيون في وجه الأنباط وصدوا كثيراً من هجماتهم ولكن الأنباط تمكنوا فيما بعد من الاستيلاء على اللحيانيين والقضاء عليهم . (سيِّد أحمد علي الناصري ، دراسات في تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام ، ك2 ، ط1 ، ص 410 ــ 422 ، 1984م )

ثالثاً : مملكة لحيان الثانية :

حيث أن الرومان هم الذين قضوا على الأنباط سنة 106م . وللموقف الودِّي الذي وفَفَهُ اللحيانيون من الرومان أثناء حربهم مع الأنباط جعل الرومان يوقفون زحفهم عند مشارف الأرض اللحيانية ولم يستولوا عليها ، إذْ كان وقوفهم على بُعْد 10 كلم من " ديدان " العلا مملكة لحيان . ( كاسكل ، لحيان المملكة العربية القديمة ، ترجمة د/ منذر البكر ، مجلة كلية الآداب ، جامعة البصرة ، ص 192 ، 193 ، 1391 هـ/ 1971م )

ويبدو أن هذا كان تقديراً من الرومان لموقف اللحيانيين الودِّي منهم ، مما شجع اللحيانيون على الاستقلال بإدارة شئونهم وإعادة بناء دولتهم من جديد . وقد كان هذا الاستقلال برئاسة الملك ( هنأ س بن تلمي ) وهو من الأسرة الملكية السابقة التي كانت تحكمهم قبل استيلاء الأنباط عليهم . ( د/ جواد علي ، المفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج/2 ، ط1 ، ص 250 ، 1970م )

وبهذا يكون اللحيانيون قد عادوا الى الحكم مرة أخرى وأقاموا مملكتهم الثانية والتي بدأت سنة 106م. واســــتمرت حتى سنة 150م على رأي كاسكل ومن ملوك هذه الفترة :

الملك هنأس بن تلمي . ذَكَرَه النقش الموسوم بـ ( JS 75 ) و الملك تلمي بن هنأس . ذَكَرَه النقش الموسوم بـ ( JS 45 ) والملك تلمي بن هنأس الملقب بـ " سموي " . ذَكَرَه النقش الموسوم بـ ( JS 54 )والملك عبدن هنأس . ذَكَرَه النقش الموسوم بـ ( JS 72 ) والملك سلح . ذَكَرَه النقش الموسوم بـ ( JS 77 ) والملك فضج . ذَكَرَه النقش الموسوم بـ ( JS 63 ) والملك مسعود . ذَكَرَه النقش الموسوم بـ ( JS nad. 334 ) والملك شهر بن هنأس . ذَكَرَه النقش الموسوم بـ ( أبو الحسن 13 ) ( د/ حسين أبو الحسن ، قراءة لكتابات لحيانية من جبل عكمة بالعلا ، ص 370 ،373 ، 1997م )

ولكن ملوك هذه الفترة لم يكونوا على شاكلة ملوك الفترة الأولى من حيث القوة فقد تفشت السرقات في البلاد وكثرت حوادث القتل ,ولم يكن الحكم مستقراً حيث أصبح الحل والعقد في يد مجلس الشعب ( هجبل ) ( د/ جواد علي ، المفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج/2 ، ط1 ، ص 251 ، 252 ، 253 ، 1970م ) الذي استطاع أن يضيق على ملوك هذه الفترة .وقد انتهت مملكة لحيان الثانية ولكن لا نعلم كيف انتهت ومن الذي قضى عليها . وبعد انهيار دولتهم ذهب قسم منهم إلى الحيرة جنوب العراق والقسم الآخر عاد وسكن حول مكة وهم لا يزالون حولها حتى اليوم . ( أحمد عبد الله أحمد علي عبد الكريم ، هذه هي العلا بين الماضي والحاضر، ص 24 ، 1993م ) فمكة هي موطنهم الأصلي قبل انتقالهم إلى العلا ، فَهُمْ من بني هذيل سـكان هـذه الديار ، وقد نزلوا بعد عودتهم من العلا في موطنهم السـابق في شمال مكة ولا زالوا معروفين في هـذا الموقع حتى الآن ، وتعرف ديارهـم اليوم " باللحيانية " ، وقد كانوا على خلاف مع النبي صلى الله عليه وســلم في بداية الدعوة .

ولا شك أن اللحيانيين يُعْتَبَرُون من الشعوب المتحضرة في ذلك الوقت إذْ كانوا يتعاملون في بيعهم وشرائهم بالعملة وليس بالمقايضة حيث كانت لهم عملة تشبه عملة الإسكندرية ولا يكاد يفرق بين العملتين إلا بوجود اسم الملك اللحياني مكتوباً عليها بالخط المسند والذي أشتق منه الخط اللحياني فيما بعد .

ومن مظاهر التحضر عندهم أنهم كانوا يمارسون العزف على الآلات الوترية كالسمسمية المعروفة اليوم فقد وُجِدَتْ منقوشة على إحدى الواجهات الصخرية لجبل عكمة وبأشكال وأحجام مختلفة . ( هتون الفاسي ، الحياة الاجتماعية في شمال غرب الجزيرة العربية ، ط1 ، ص 295 ، 1993م ) ومن مظاهر تحضرهم أيضاً معرفتهم لبعض المهن والحرف الدقيقة كالصياغة والتجارة والطبابة والنحت .

كما أعطى المجتمع اللحياني حُرِّية التملك للمرأة وقد ثبت هذا في نقوشهم . كما أنهم كانوا ينحتون مقابرهم في جبال الخريبة بالعلا لدفن موتاهم فيها . وتتميز مقابرهم في العلا عن المقابر في مدائن صالح بأنها شبة مربعة الشكل ، لا تزيد فتحتها عن متر مربع واحد ، وعمقها في داخل الصخر حوالي مترين . ( د/ عبد الرحمن الطيب الأنصاري ، لمحات عن بعض المدن القديمة في شمال الجزيرة العلابية ، ص 79 ، 19975م ) ومن أشهر مقابرهم" مقبرة الأسدين " .

وكانت ديانة المجتمع اللحياني في ذلك العصر الغابر ديانة وثنية شركية تقوم على تعدد الآلهة ومن أهم آلهتهم في ذلك العصر الإله " ذو غابة " الذي يقع في وسط " الخريبة " عاصمة المملكة اللحيانية وقد كان له فناء واسعاً به حوض للماء يغتسل منه كل من يريد أداء عبادته لهذا المعبود . ( كاسكل ، لحيان المملكة العربية القديمة ، ترجمة د/ منذر البكر ، مجلة كلية الآداب ، جامعة البصرة ، ص 185 ، 186 ، 1391 هـ/ 1971م )

واللحيانيون كانوا يتضرعون إليه بالدعاء وذبح النذر لكسب رضاه وتوسيع الرزق والتحصن من الأمراض وأن يحفظ لهم الحرث والنسل . وقد كانوا يشدون الرحال إليه في أيام معلومة من شهر معلوم . كما كانوا يقدمون له النذر والأضحيات فقد ذَكَرَتْ نقوشهم كثيراً من هذه التقدمات . وقد ورد اسمه في كثير من نقوشهم منها ( AS A 17 , 18 , 25 , 28 ) ( هتون الفاسي ، الحياة الاجتماعية في شمال غرب الجزيرة العربية ، ط1 ، ص 232 ، 1993م ) وهناك لهم معبودات أخرى مثل : الإله " ود " ، والإله " سلمان " والإله " بعل سمن " والإله " عجلبون " وغيرها .

أمَّا لغتهم في ذلك العصر فهي عربية شمالية وخطهم هو الخط اللحياني المشتق من الخط المسند الجنوبي ( نيلسون " وآخرون " ، التاريخ العربي القديم ، ص 43 ، ترجمة د/ فؤاد حسنين علي ، 1993م ) وقد كان عدد الحروف الهجائية عندهم 28حرفاً كما هي اليوم . ويدل انتشار الكتابات اللحيانية بهذا الحجم الكبير في العلا وما حولها على وجود مدارس لتعليم القراءة والكتابة . ( د/ عبد الله نصيف ، العلا دراسة في التراث الحضاري والاجتماعي ، ط1 ، ص 22 ، 1995م ) مما يؤكد إهتمامهم بالتعليم ونشره بين المواطنين .

وقد اعتمد اللحيانيون في كتابتهم على ثلاث طرق هي :

1ــ طريقة إبراز الحرف : وتتم هذه الطريقة بتفريغ ما حول الحرف وإبرازه ، وعادة ما تكون الحروف المكتوبة بهذه الطريقة منسقة في أسطر متوازية أكثر من غيرها ، وتوضع خطوط أفقية للفصل بين الأسطر ، ووجد عدد منها داخل براويز.

2ــ طريقة الحز : تتم هذه الطريقة بحز الأحرف على الصخرة بأداة حادة حيث تكون الأحرف فيها غائرة.

3ــ طريقة النقر : تتم هذه الطريقة بنقر الأحرف على الصخر ، وعادة ما تكون الأحرف فيها سميكة. والنقوش المكتوبة بهذه الطريقة عادة ما تكون مخربشات غير مكتملة وناقصة وتفتقد إلى الأسلوب الجيد في الكتابة.

وهذه الطرق وهذه الحروف هي التي كتب بها اللحيانيون حضارتهم في ديدان العلا وآثار حضارتهم لا تزال باقية هناك حتى اليوم .

وهناك تفصيلات أكثر ومعلومات أوفر . أنظر ذلك في كتاب ( لحيان عَبْر التاريخ )

امتداد نفوذ مملكة لحيان:

قبل أن نتعرف على امتداد نفوذ مملكة لحيان يحسن بنا أولاً أن نتعرف على موقع العلا الاستراتيجي فنقول : تقع العـلا التي قامت على أرضها مملكة لحيان القديمة ، " في شـــــمال غرب الجزيرة العربية " في وادي القرى جنوب حرَّة عويرض في وادي ضيِّق بين سلسلة من الجبال في الشرق والغرب وعلى خطي الطــــول 36 ، 37 وخطوط الـعــرض من 20 إلى 27 وعلى بُعْد 22 كلم جنوب مدائن صالح " الحجر " .

وتقع العـلا على الطريق التجاري الذي يربط المحيط الهنـدي بالبحر الأبيض المتوسـط والمار بغرب الجزيرة العربية ، وتمتـد العلا من السور الجنوبي المعروف اليوم في المنطقة بجدار السـبعة ، وحتى السور الواقع شـمال جبل عكمة ، وهي محصورة بين الجبل الشرقي والجبل الغربي، ومما ساعد على هـذا التحديد انتشـار الكتابات اللحيانية في هـــذه المنطقة وترتفع العــــلا 674 م فوق ســـــــطح البحر .

وقد امتد نفــــوذ مملكة لحيـــان حتى وصــــل الحجر حســـــب ما تشـــير إليــه النقوش والمخربشات اللحيانية التي وُجِدَت في الحجر والتي تُؤَكِّدُ وجود لحيـاني فيها ســــــبق مجيء الأنباط . وقــــد أيَّد َ الوجـود اللحيـــاني في الحجر كل مــن " وينت " Winnett و " كاسكل " Caskel و " بلينـوس " و " موســــــيل " Musil كما وصل نفوذها إلى تيماء بدليل عثور الباحثين على قطعة كبيرة من تمثال آدمي ينســــب إلى الفن اللحيــاني ما بين القرن 4 و 3 ق . م والتي وُجِدت في قصر الأبلق بتيماء .وكذلك ما ذَكَرَتْهُ الْمَسَـــلَّة الآرامية عن وجــود الملك اللحيــاني بتيماء وقــد امتــد نفوذها إلى مدينـة " إســتريانا " التي ذكرها بطليموس في كتابه ، وشــــــملت أيضاً بلدة " العُــــــذَيب " الواقعـــة شــــمال العـلا غرب ســكة حديد الحجاز ، وذلك لوجود 40 نقشــاً لحيانياً بها يحمل أحدها اســــم الملك اللحياني " سلح " الموسـوم AS A12

ويقول الباحث حســين أبو الحسن إذا افترضنا أنَّ اسم المكان " ذوعمن" الذي ذكره النقش اللحيــاني " أبو الحســن 6 " هو مدينـة عَمَّان عاصـــمة الأردن حالياً ، والتي كانت تُسَـمَّى " رَبّة عمون " فتكون ســــــيطرة اللحيانيين قد وصلت حتى مدينة عَمَّان في الشـــــــمال . وقد كان خليج العقبــــــة الحالي يُسَـمَّى "خليج لحيان " نســـــبة لبني لحيان الذين كانوا يملكون جميع المنطقـة المجاورة منذ القرن الخامس حتى القرن الثالث قبل الميلاد . وهذا دليل آخر على امتداد نفوذها نحو الشمال .

وقد تحدَّثت بعض النقوش اللحيانية والتي منها النقش " أبو الحســــن 10 ، 18 ، 27 " عن أشـــــخاص قاموا بتقديم زكواتهم للإله " ذو غابة " عن ممتلكاتهم التي تقع في جنوب العـلا مما يَدُلُّ على اتســـــاع نفوذ اللحيانيين نحو الجنوب . أمَّا من ناحيـــــة الغرب فقد وصل نفوذهم إلى البحر الأحمر المتاخم لدولتهم وأَنْشَـأُوا لهم عليه ميناءً بحرياً أســــــموه " لويكي كومي " Leuke kome وقد ظَنَّ بعض المؤرِّخين أنَّ هذا الميناء نبطيٌ ، لكن " كاسكل " Caskel يرى أَنَّهُ لحيانيٌ ، استولى عليه الأنباط فيما بعــــد .

ويرى البعض أنَّ نفوذهم شــــــمل نجداً ووصل إلى الأحســـاء شرقاً . ويُؤَيِّدُ هذا الرأي وجود نقوش في شرق الجزيرة العربية أطلق عليها بعـض العلماء الأجانب نقوش أحسـائية ، ولكنها في الحقيقة نقوش لحيانية ويقول الدكتور عبـد الرحمن الأنصاري (*) على الباحثين والمؤرِّخين والآثاريين أنْ يعيدوا النظر في تاريخ مملكة لحيان وحضــــارتها . فالحضارة اللحيانية تسـتحق أنْ يُبْذَلَ من أجلها الكثـير وأنْ يتفرَّغَ لها الباحثـــــــون وأنْ يُجنَّدَ لَهـــا المنقِّبـــــُون .

فهــي جِــذْرٌ مــــن جـــذور حضــــــــارة الجزيرة العربية أسـهمت بقدرٍ وافرٍ في حركة الفنون والكتـابة والتجارة والمعْمَار . وقــد كانت " ديدان " عاصــــــمة المملكة اللحيـانية مـن أهم المحطَّـات التجــــارية بين الشــــــــمال والجنـوب أمَّا في الوقت الحاضـــــر فقـد تحوَّلت إلى أنقاض وخرائب لذلك يُعْرف موضعها اليوم بالخريبة . وتقع ديدان شــــمال مدينة العــــلا الحالية .

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ

(*) حتى عهدٍ قريب كُنَّا لا نعرف الكثير عن مملكة لحيـان وكُنَّا نأخذ معلوماتنا عن طريق دراستنا لنقوشها المحدودة التي نقلها لنا " جوسـن " Jaussen و " سـافيناك " Savignec في مطلع القرن العشرين الميلادي ، حتى بدأ النشاط الأثري في المملكة العربية السعودية منذ أكثر من عشرين سنة ، فلفت نظري الوجود اللحياني خارج نطاق " ديدان " المدينـة ، فقد رأيت التماثيل اللحيانية الضخمة الحجم في الحفرية التي تُسَـمّى حفرية الصعيدي في تيماء ، فعرفت أنَّ لحيان كانت هنا ، لأنَّ التماثيل اللحيـانية الضخمة لا يمكن أنْ توجد في مكان كهذا إلاَّ في إطار دور سـياسي للحيان . ثم يُرْدِف قائلاً : وتمرُّ الأيام والسـنون وإذا بنا نجد وجوداً واضحاً وقويّاً وفعَّالاً للحيان في قرية " الفاو " ، فازداد يقيني بأنَّ لحيان لم تكن محصورة بين جبلي العلا . وهكذا أصبح للحيان مدىً واسعاً يتناسب مع مركزها الإستراتيجي كعنق زجاجة بين الجنوب والشمال تسـكن " ديدان " العلا وتقودها قبيلة لحيان . باختصار .( عن كتاب قراءة لكتابات لحيانية من جبل عكمة بمنطقة العـلا ، ص 5 ، 6 ، 7 ، حسـين بن علي أبو الحسـن ، 1997م ، الرياض ) .

مقومات اقتصاد مملكة لحيان :

يقوم اقتصاد مملكة لحيان القديمة على عدَّة مقوِّمات وموارد تعتبر من الأهمية بمكان لإنعاش اقتصاد دولتهم ، ومن هذه المقوِّمات والموارد : الموقع ، التجارة ، الزراعة ، الرعي . وسنتحدَّث عن كلٍ منها بشيءٍ من التفصيل .

الموقع :

تُعَدُّ " ديدان " العلا من أهم المحطّات التجارية على طريق القوافل مما جعل هذا الموقع يقوم بدور مهم في الحالة الاقتصادية للمجتمع اللحياني . وتتميَّز العلا بقربها من ساحل البحر الأحمر فهي لا تبعد عنه أكثر من مسيرة خمسة أيَّام حيث يتوجَّه التجَّار إلى الموانئ القريبة لإجراء عمليات البيع والشراء مع التجَّار المصريين وغيرهم .

وتَحْتَلُّ ديدان العلا موقعاً اســـــتراتيجِيَّاً على الطريق التجاري القادم من جنوب الجزيرة العربية والمتَّجِهُ إلى بلاد الشـــام وسواحل البحر الأبيض المتوســـط شمالاً وإلى بلاد الرافدين في الشمال الشرقي .وربما كانت سيطرة اللحيانيين على خليج العقبة الذي كان معروفاً بخليج لحيان في ذلك الوقت راجِعَـةً إلى حاجتهم إلى تأمين تجار تهـم واقتصـادهم لأنَّ البحار تُعَدُّ من أهم المناطق التي تسـعى الدول إلى فرض النفوذ والسيطرة عليها وهناك بعض الموارد الاقتصادية للمملكة اللحيانية منها :

التجارة :

من المعروف أنَّ ديدان اللحيانية تقع على طريق تجاري مُهِم يصل بين الجنوب والشـمال تُنْقَلُ عَبْرَهُ البضائع المختلفة من بخور وعطور وبهارات وغيرها إلى بلاد الشام ومصر وسواحل البحر الأبيض المتوسط وإلى بلاد الرافدين ، مما أكسب اللحيانيين مكانة رفيعة في عالم التجارة ، فمرور القوافل بديدان العلا أعطاها حركة تجارية نشطة ، ولِتَوَفُّر المواد الغذائية بالمنطقة من حبوب وتمور وغيرها جعل أصحاب القوافل يتاجرون مع سكان هذه المدينة أثناء توقُّفِهِم بها مما جعل السكان يستفيدون من عائد الخدمات التي يقدِّمونها لتلك القوافل وأصحابها من طعامٍ وشرابِ وأعلافِ لدوابِّهم ، كما استفادت الحكومة اللحيانية أيضاً من المكوسِ والأعشار التي تأخذها من التجَّار المارِّين بأرضها مما أنعش اقتصاد الدولة وزاد في دخلها .

والمكوس : جمع مكس . والمكس هو : الضريبة التي يأخذها الماكس من بائعي السلع في الأسواق من التُّجَّار . والماكس هو : الجابي والجامع للمكوس أي الضرائب . والأعشــــار : جمع عُشْــرٍ . والعُشْــرُ هو : واحد من عشــــرة من الأموال ، أي عُشْر ما يُباع . والعَشَّـارُ هو : الجابي للعُشْرِ والقابض له . يقول كاسكل Caskel : إنَّ اللحيانيين كانوا من أكثر الشـعوب تُجَّاراً فقد كانت تجارتهم في الدرجة الأولى مع مصر .

الزراعة :

مما لا شك فيه أنَّ الزراعة لا تقوم في مكانٍ ما إلاَّ إذا توفرت لها المياه سواءً كانت هذه المياه جوفية يتم استخراجها عن طريق حفر الآبار ، أو بناء السدود التي تحجز خلفها مياه السيول والأمطار ، وعلى هذا الأساس قامت الزراعة في مدن شمال الجزيرة العربية كديدان وما جاورها .

وتشير النقوش اللحيانية التي وُجِدَتْ في العلا عامة إلى وجود محاصيل زراعية أهمها ثمار النخيل كما ورد ذلك في النقش " أبو الحسن 18 " .

ويُعَد التمر مصدراً رئيسياً في الغذاء للحاضرة والبادية لاحتوائه على أهم العناصر الغذائية وكذلك لسهولة تخزينه وقابليته للتخزين لمدَّة طويلة وكذلك لســـهولة نقله من مكان إلى آخر . وللنخيــــل فوائد كثيرة فمن ســــعفه تُصْنــــَعُ البُسُــــــطُ ومــن ليفه تُصْنَــــعُ الحبال ومــن جذوعه تُسْـــــــقَفُ المنازل فالنخيــــــل كله فوائد لذلك نرى اللحيانيين اهتموا بزراعتـــــــه في ذلك الوقت . وللقيام بالأعمال الزراعية لابد من وجود بعض المعاملات التي لها صلة بالزراعة لم تتطرق لها النقوش اللحيانية ، فمن هذه المعاملات :

المحاقلة : أي اسـتئجار الأرض . والمزارعة : وهي اتفاق بين صاحب الأرض وشـــــخصٌ آخر يقوم بزراعة الأرض مقابل نســـــبة مُعَيَّنَة من الثمر ، كالثلث أو الربع مثلاً . والمساقاة : وهي أن يقوم شــــــخصٌ بتوصيل الماء إلى أرض المســـــتفيد مقابل حصّة مُعَيّنـة من نتاج الأرض . كما أنشـــــأت الدولة اللحيانية شـبكة كبيرة من القنوات لسـحب المياه المخزونة في باطن الأرض بطريقـة متقدِّمة تقنياً تُسَـــــمَّى في عصرنا الحاضر بالعيون .

ويقال أنَّ وادي العلا كان يجري به تسـعين عيناً للماء ، قنواتـها محفورة في جوف الأرض وتحت عُمق أكثر من عشـرة أمتار مطويَّة بالحجارة ، فقد أَكَّدَ كثيرٌ ممن قام بحفر الآبار في المنطقـة وجود قنوات لتلك العيون بعضها يجري فيـه الماء والبعض الآخر جافاً ، وقد أعاد منها أهالي العـلا الحاليون سـتاً وثلاثين عيناً أقاموا عليـها المزارع والحقول ، ويرى بعض الدارسـين إنَّ تلك العيون التســـــعين يعود إنشـــــاؤها إلى عصر اللحيانيين . وهـــــذا دليل على اهتمام اللحيـانيين بالزراعـة والري .

الرعي :

يُعْتَبَرُ الرَّعْيُ أحد روافد الاقتصاد في المجتمع اللحياني لتوفُّر مراعي لا بأس بها في منطقة العلا اللحيانية التي تنمو أعشابها في مواسم الأمطار،وحيث أنَّ اللحيانيين يمتلكون كثيراً من النعم كالأغنام والأبقار والإبل ، فإنَّ وجود مثل هذه النعم خاصة الإبل في هـذا المجتمع لها أهمية اقتصادية كبيرة ، حيث أنها تمدَّهم بالحليب واللحوم ، ويصنعون من أشعارها وأصوافها وأوبارها ما يحتاجونه من ملابسٍ وبُسُـطٍ يفترشونها ، والبدو منهم يصنعون منها بيوت الشَّـعْرِ التي يسكنون فيها ، وكذلك يسـتخدمون بَعْرَهَا في طهي الطعام والتدفئة .

وقد ذُكِرَت هذه النعم كثيراً في نقوشـهم مثل : النقش " أبو الحسن 10 ، 74 ، 76 " إضافة إلى ذلك تُعَدُّ الإبل في ذلك الوقت هي الوسيلة الوحيدة والأساسـية في المواصلات ونَقْل البضائع من مكان إلى آخر . وكانت ثروة الرجل في الجزيرة العربيـة تُقَدَّرُ بعدد ما يملكه من إبل . وقد ورَدَتْ لفظة " رع " والتي تأتي بمعنى " الرعي " في النقش " أبو الحسن 189 " ، وهـذا دليل على وجود حرفة الرعي عنـد ذلك المجتمع . وبهذه المقوِّمات من تجارة وزراعة ورعي ازدهر الاقتصاد اللحياني في ذلك الوقت .

عُمْلة مملكة لحيان :
من المعلوم أنَّ كل دولة تَسُـكُّ لها عُمْلة ليتداولها مواطنوها أثناء معاملاتهم التجارية كالبيع والشراء ونحوها ، ولا شك أنَّ ملوك لحيان قد سَكُّوا لهم عُمْلة على نمط عملة مدينة الإسكندرية ولا يكاد يُفَرَّقُ بين العملتين إلاَّ بوجود اسم الملك اللحياني مكتوباً عليها بالخط المسـند . والذي اُشْـتُقَّ منه الخط اللحياني فيما بعد . وقد وَجَدَ الباحثون نقشاً لحيانياً يُشِـيرُ إلى " أنَّ رَجُلاً اشترى عشرة مناهل من المياه بـ 40 سلعت وقد وُسِمَ هـذا النقش بـ ( JS 177L ) .

وهـذا يدل على إنَّ اللحيانيين فعلاً كانوا يتعاملون في بيعهم وشرائهم بالعُمْلة وليس بالمقايضة ، وإنَّ عُمْلتهم كانت شبيهة بالعُمْلة النبطية " سلعين " ــ في بعض الأقوال وقد أشار الدكتور / عبد الرحمن الطيِّب الأنصاري إلى انه تم العثور على قطعة عُمْلة في العلا يَرَى إنها لحيانية . وقد وُجِدَ نقشٌ لحياني أيضاً من نقوش جبل عكمة وُسِـمَ بـ ( أبو الحسن 128) ذُكِرَ فيه اسم العُمْلة " سلع " ، وهي نقود قَدَّمها صاحب النقش زكاة عن نخله .

كما عُثِرَ في صنعاء على عُمْلَةٍ بها بعض العلامات والحروف اللحيانية لا زالت تُمَثِّلُ لُغْزَاً للعلماء . ويظهر لي أنها عُمْلة لحيانية حَمَلَهَا أحد التُّجَّارِ أثناء متاجرته فسقطت منه أو سُرِقَت ؛ لذا أرى أنَّ وجودها هناك لا يُسْـتَغْرَب . ويَرَى " تارن " أنَّ العُمْلة المعينية اللحيانية الموجودة الآن بجامعة " أبردين " في اسـكتلندا قد ضُرِبَتْ في العلا " مملكة لحيان " وإنَّ قطعة العُمْلة هذه تماثل العُمْلة الإسكندرية التي تساوي أربعة دراهم .

حقيقة مملكة ديدان :
لاشــك أنَّ وجود المعينيين في " ديدان " العــلا كان سـابقاً لوجود اللحيانيين ، ولا شـــك أنَّ وجودهم فيها كان وجوداً تجارياً بحتاً كما عرفنا ذلك ســابقاً .

وحيث أنَّ اللحيانيين بعد نزوحهم من مكة إلى منطقـة العلا شمال الحجاز ســـكنوا على الساحل بالقرب من " ديدان " على رأي كاسكل . ( د/ جواد علي ،المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام ، ط1، ص 244 ، 1970 م ) وهو الأقرب للصواب ، وبعـد أنْ قَوِيَتْ شـوكتهم هناك طمعوا فيها واستولوا عليها من جالية التجار المعينـيين ــ الساكنين بها ــ وأنشـأوا لهم بها مملكة صغيرة " مملكة مدينة " لا تتعدى ســــيطرتها حدود تلك المدينة ، وأســـــموها " مملكة ديدان " نسـبة إلى تلك المدينة مما جعل كثيراً من المؤرِّخين والباحثين يعتقدون خطأً أن هناك قبيلة تسمى قبيلة ديدان أنشـأت تلك المملكة .

وحيث إنه بعد البحث الدقيق لم نَجِدْ قبيلة عربية تُعْرف باسم " قبيلة ديدان " سكنت المنطقة في ذلك الوقت أو عَاصَرَتْه . وإن ما أعتـقده أولئك الباحثين والمؤرِّخين عن وجود مثل هـذه القبيلة لاصحة له مطلقاً . وحيث أنَّ عرب ديدان المشتغلين بالتجارة والذين تحدَّثت عنهم التّوراة ونسبتهم إلى سلالة إبراهيم عليه السلام من زوجته قطورا ، وذكرهم كاسكل وظنّهم معينيون . ( د/ عبد الله نصيف ، العلا دراسة في التراث ، ط1، ص 12، 1995م ) فإنني أرى أنَّ في هذا القول خلطٌ ولبسٌ وتحريف للأسباب التالية :

أولاً : فما دام أنهم عربٌ فإنهم لا يُنسبون إلى أحدٍ من أبناء إبراهيم من زوجته قطورا ، لآنَّ العرب لا يُنسبون إلاَّ إلى قحطان بن عابر وعندها يُطلق عليهم " قحطانيون "، وإلى عدنان بن أُدد وعندها يُطلق عليهم " عدنانيون " .

ثانياً : وما دام أنهم يُنسبون إلى سلالة إبراهيم ، فإنهم ليسوا معينيين ، كما ظنَّ ذلك كاسكل . لأنَّ المعينيين عربٌ قحطانيون يُنسبون إلى قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام. (عمر رضا كحالة ، معجم قبائل العرب ، ج / 3 ص 940 ، ط8 ) فهم ليسوا من سلالة إبراهيم عليه السلام . لذلك أرى أنهم لحيانيون ،فاللحيانيون عربٌ يُنسبون إلى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام ، فهم فعلاً من سلالة إبراهيم عليه السلام . ولكن ليس من زوجته قطورا بل من زوجته هاجَر لهذا أرى بل أجزم أن عرب ديدان الذين ذكرتهم التوراة هم اللحيانيون ، وأن مملكة ديدان الصغيرة هـذه ما هي إلاّ البذرة الأولى لمملكة لحيان الكبيرة ذات النفوذ الواسـع .

يقول الدكتور عبد الرحمن الأنصاري : أعتقد أن مملكـة ديدان هي المرحلة الأولى لمملكة لحيان ( د/ حسين أبو الحسن ،قراءة لكتابات لحيانية من جبل عكمة بمنطقة العلا ، ص 7 ، 1997 م ) ومن هنا نستنتج أنَّ الديدانيين هم اللحيانيون الذين استمرّوا في حكم المنطقة حتى جاءت رغبتهم في نســــــبة هذه المملكة إلى قبيلتهم فأسموها " مملكة لحيان " والتي علا شأنها واتَّسع ســــلطانها وقوي اقتصادها كما سنعرف ذلك لاحقاً .

ومن هنا يتَّضح أن مملكة ديدان هي مملكة لحيان ، وإن اعترض البعض على هذا وقال : كيف نفسِّـر إذاً اختلاف بعض الحروف التي كُتِبَت بِها النقوش في هـذه المنطقة ، فإننا نقول له : إن هـذا يُعتبر أمر طبيعي فهو تحوير وتطوير لتلك الحروف يحدث دائماً في معظم الحضارات . تقول الباحثة الأُسـتاذة " هتون الفاسي " : إنَّ اختـلاف علماء اللغة حول الخطوط أو التفرقة بين الخط الديداني والخط اللحياني ، إنما هي اختلافات أساؤا تقديرها تاريخياً ، إذْ جعلوا من الفروق التي يَفْرِضها تَقَدُّم الزمان والتطوُّر الطبيعي لأَيِّ كتابة فروقاً سياسية وَعِرْقِيَّة . ( هتون الفاسي ، الحياة الاجتماعية في شمال غرب الجزيرة العربية ، ط1 ، ص 76 ، 1993م )

الدور السياسي في (ديدان) :

اختلف الباحثون والمؤرِّخون فيمن حكم ددان أولاً هل هم الديدانيون كما أسـموهم أم المعينيون أم اللحيانيون ، ولكي نُفنِّد هـذا الخلاف الظاهري نقول : بعد الدراسات التي قام بها بعض الباحثـين لبعض نقوش المنطقة مؤخراً اتَّضح أن المعينيين لم يكن لهم أي دور سياسي فيها .

يقول الدكتور عبد الرحمن الأنصـاري : قد كان يُعْتقد أن للمعيـنيين دور سـياسـي في " ددان " العلا ، ولكن دراسـة علمية متأخرة للنقوش في المنطقـة أوضحت أن الوجود المعيـني في ددان لم يكن إلاّ وجوداً تجارياً ، حيث كانت جاليات معينية أخرى قد اسـتقرّت في أماكن أخرى متعددة لم يكن لـهم فيها سـلطة سياسـية ، بل كان وجودهم وتجمّعـهم فيها تجارياً بحتاً تحت رئاسـة كبيراً لـهم يكون مسـئولاً أمام الحاكم في تلك المنطقـة عن سـلوك التجّار المعيـنيين وجبـاية الضرائب منـهم سـواء كان ذلك في ددان أو في غـيرها . (د/ عبد الرحمن الأنصاري ، مواقع أثرية وصور من حضارة العرب في المملكة العربية السـعودية ، ط1 ، ص 13 ، 1984 م )

ويقول فان دن براندن Van den Branden : لم تُظْـهر النقـوش التي وُجِدَت في منطقـة العـلا أي تلميح الى سـيطرة المعيـنيين السياسية على " ددان " العلا وإنما السيطرة السياسية كانت للحيانيين بينما اســتقر المعينيون في ددان العـلا كتجّار . ( حسين أبو الحسن ، قراءة لكتابات لحيانية من جبل عكمة بمنطقة العلا ، ص 36 ، 1997 م )

وكذلك ذكر وينت Winnett في فترة لا حقـة أن وجود المعيـنيين في ددان العـلا كان وجوداً تجارياً بحتاً . ( هتون الفاسي ، الحياة الاجتماعية في شــــــمال غرب الجزيرة العربية ، ط1 ، ص 79 ، 1993 م ) وهذا دليل قاطع على أن المعينيين لم يحكموا " ددان " أبداً ، وإنما وجودهم فيها كان للتجارة فقط . وهذا فيه ردٌ على من يرى أن مملكة لحيان انتهت على يد المعيـنيين . وإن آثار المعينيين في المنطقة كالمقابر وبعض كتاباتهم القليلة لا تدل على دور سياسـي لهم . ويظهر أن المعينيين اندمجوا في اللحيانيين مع مرور الوقت فأصبحوا يُشْرفون على التجارة أمّا السيطرة السياسية فكانت للحيانيين ، لذلك نرى كثيراً من المؤرّخين حينما يتكلَّمون عن هذه الدولة يقولون : الدولة المعينيّة اللحيانية .[/align]






رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هدية عيد الميلاد شاكري المجلس العام 5 12-31-2007 01:02 AM
ترشيح اعضاء مملكة منتدى هذيل عبدالله السويهري المجلس العام 18 10-24-2007 07:23 PM
لحيان المراجل ابن لحيان مجلس الشعر الشعبي 7 03-07-2007 01:28 PM
نسب بني لحيان وأخبارهم ماهر الهذلي مجلس قبائل هذيل 4 07-17-2006 10:27 PM


الساعة الآن 12:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل