خطوات عمليه لتعظيم البلد الحرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خطوات عملية للتعظيم د/ أميرة بنت علي الصاعدي (أستاذ مساعد بجامعة أم القرى)
تجاوباً مع المشروع المتميز والفريد ، مشروع تعظيم البلد الحرام ، ينبغي على كل
معني بهذا الأمر وكل ساكن لهذه الأرض المباركة ،
أن يساهم في تعظيم هذا البلد بالقول والفعل ،
ويسعى في نشر هذا الوعي الديني في نفوس أبناء هذا البلد ،
ويذكّر به تارة بعد تارة
، لأن كثرة المساس تقل الإحساس ،
ولا يعرف قدر النعمة إلا من يفقدها أو يبتعد عنها .
وإن من المؤسف حقاً ،أننا ننظر حولنا في أرجاء مكة المكرمة ،
فنجد خللاً كبيراً، وقصوراً واضحاً في تعظيم هذا البلد الحرام
من أهله الساكنين على أرضه ، والمتنعمين بنعمه ،
وإننا لنرى صوراً من هذا الخلل أفقدت البيت مهابته ،
وقللت من تعظيمه وتقديره .. من أبناءه الذين رضعوا الإسلام منذ نعومة أظفارهم ...
ولو نظرنا إلى تاريخ هذا البلد لوجدناه معظم منذ الجاهلية ،
مهاب على مر الأزمان ، حيث كانت قريش تعظمه وترعى حقه ومكانته ..
ثم جاء الإسلام ليؤكد للبيت حرمته، ويشرّع تعظيمه ، ويحفظ مكانته .
فضرب لنا الصحابة والتابعون ومن بعدهم أروع الأمثلة في تعظيم البيت وحفظ حرمته .
وفيما يلي سأعرض صوراً من هذا التعظيم في الجاهلية والإسلام ،
ويقابلها حال ساكني مكة في العصر الحاضر ،
ليتعظ الجاهل ، وينتبه الغافل ، وليعاد للبيت حرمته ومكانته .
صورة الماضي (خل ثياب الحل ) :
كان من تعظيم قريش للبيت أنهم فرضوا على العرب قاطبة
أن يطرحوا أزواد الحل إذا
دخلوا الحرم ، وأن يخلوا ثياب الحل ، ويستبدلوا بها ثياب الحرم ، إما شرىً وإما عارية وإما
هبة ، فإن وجدوا ذلك وإلا طافوا بالبيت عرايا . ( الفتح 5/214 )
صورة الحاضر ( البس ما شئت ) :
بنظرة سريعة في واقع من يقصد الحرم اليوم ، نرى عجباً ،
فالنساء متبرجات ، يلبسن العباءات الفاتنة
، حاسرات عن وجهوهن ، مبديات زينتهن ،
والرجال مسبلي ثيابهم ، إلا من رحم الله ، لم يراعوا حرمة البيت ،
بل ولا حرمة الزمان ، سواء كانوا في رمضان أو في الأشهر الحرم .
في الجاهلية خلوا ثياب الحل ، لأنها ليست من كسب طيب
أو ثياب عصوا الله فيها .
وأبناء وبنات الإسلام اليوم لا يتحرجن من ثياب المعصية ،
ولا من المعصية في بيت الله .
خطوة للعلاج :
وعلاجاً لهذه الظاهرة لابد من الاحتساب من النساء والرجال ،
وذلك بإعداد مراكز توعية حول الحرم ،توفر فيها العباءات البديلة ،
وتنصح الأخت المعتمرة أو الزائرة ،
بأن أهل الجاهلية كانوا يستبدلوا ثياب الحل بثياب الحرم ،
وأنت أولى منهم ، ويعطى لها الحجاب البديل مع الكتاب والشريط.
صورة الماضي { لا للثأر في مكة ):
من تعظيم أهل الجاهلية للبيت أن الرجل يرى فيه قاتل أبيه فلا يثأر منه ولا يزعجه .
قال القرطبي :" فكانوا في الجاهلية من دخله ولجأ إليه أمن من الغارة والقتل " الجامع 4/91 .
صورة الحاضر ( لا أرضى أن ينال مني أحد ):
العجيب أن يجهل كثير من المسلمين اليوم حقوق البلد الحرام ،
ويخف تعظيمه في قلوبهم ،
ويرتكب فيه ما لا يمكن أن يصدر من معظّم ومجلّ لأعظم بقعة على الأرض .
فكثيراً ما نرى الخصام والتنازع والمشاجرات على أمور تافهة ربما لأجل كلمة بسيطة
خرجت من شخص ، أو فعل غير مقصود ، أو سلوك غير مرضي ، فتثور الثائرة وتمتد
الأيدي ، بل ربما تسقط الأعناق ، والجاهلي يرى قاتل أبيه
فلا يثأر منه ولا يزعجه .
خطوة للعلاج :
أن تكتب إرشادات جميلة على الشاشات الإعلانية
في الشوارع حول الحرم وفي أنحاء
مكة ، تذّكر وترشد وتعظ . مثال : انتبه أنت في مكة ...
لا للشجار ولا للنزاع في مكة ...
فالجاهلي يرى قاتل أبيه فلا يزعجه ...
وهذا أخوك المسلم فأعفوا واصفح وتجاوز .
صورة الماضي ( لا لسكنى مكة ) :
كان السلف الصالح يقدرون حرمة البيت
ويعظمونه في نفوسهم تعظيماً عجيباً ،
حتى إن منهم من تحرج من سكنى مكة
خشية الوقوع في المعاصي .
قال ابن رجب :" وكان جماعة من الصحابة يتقون سكنى الحرم خشية ارتكاب الذنوب "
وقال :
" روي عن عمر بن الخطاب قال : لأن أخطئ سبعين خطيئة يعني بغير مكة أحب إليّ
من أن أخطئ واحدة بمكة ." جامع العلوم والحكم 2/318
صورة الحاضر ( اسكن لا حرج ولا بأس ):
اليوم يتهافت المسلمون على مكة تعبداً وتقرباً ،
ويبذلون الغالي والنفيس من أجل أن
يجاور بمكة أياماً أو ساعات .
وللأسف أن بعض من يسكن حول الحرم ، ويدفع أموالاً
طائلة لذلك ، يعصي الله ولا يبالي إن كان في مكة
أو في الصين ، فلباسه لباس الإحرام
وبيده الدخان ، وهناك من يسكن حول الحرم
ومعه أشرطة الغناء والمعازف ، والنساء
حول الحرم يتسوقن في الأسواق متبرجات متعطرات ،
ناهيك عما يحصل بين الفتيات
والشباب من غزل وإعجاب ، فوا لله إنها لمصيبة أن ندفع أموالاً لنعصى الله عند الحرم !!
خطوة للعلاج :
الاحتساب في الأسواق والطرقات من الرجال والنساء ،
ووضع الملصقات على السيارات والمحلات والجدر ،
فيها ذكر مختصر لتعظيم السلف للبيت ،
ووضع عبارات أفعل كذا ولا تفعل كذا فأنت في مكة ..
صورة الماضي ( لا عتاب ولا عقاب في مكة ) :
عن مجاهد رحمه الله تعالى قال : كان لعبد الله بن عمرو بن العاص فسطاطان
أحدهما في الحل والآخر في الحرم ، فإذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الحل ،
وإذا أراد أن يصلي صلى في الحرم ، فقيل له في ذلك
فقال : كنا نتحدث أن من الإلحاد أن يقول : كلا والله ، وبلى والله . أخبار مكة للأزر قي 2/131-132
صورة الحاضر ( العقاب لابد منه والضرب لا حد له ) :
نحن في زمن قلّ فيه أن تجد من لديه ورع كورع عبد الله بن عمرو بن العاص ، وخوف
وخشية كخشية ابن عباس ، من حق الرجل أن يعاتب وأن يؤدب أهله بما يراه مناسباً ،
ولكن ليس من حقه أن يظلم ويتجاوز الحد في البلد الحرام ، فهناك من يعاقب بلا ذنب ،
ومن يضرب بلا حساب ، زوجات مظلومات مضروبات ، وأبناء مضطهدين معذبين ، عنف
أسري ، وشتات عائلي .. لم يراعوا للزوجة حقاً ... ولا للبيت حرمة .
خطوة للعلاج :
نشر الوعي الديني من خلال جميع وسائل الإعلام .. وإقامة الدورات والندوات
والمحاضرات في الأماكن العامة وفي مقر الأعمال ، للحث على نبذ العنف والوصية
بالأهل خيراً ... فأهل مكة ليس كغيرهم ... والذنب في مكة ليس كذنب في غيرها ..
. والظلم في مكة عظيم ، عرفه أهل الجاهلية قبل أهل الإسلام ..
. فهذه امرأة في الجاهلية توصي ابنها قائلة :
أبُني لا تظلم بمكة *** لا الصغير ولا الكبير
أبُني من يظلم بمكة *** يلق آفات الشــــرور
أبُني قد جربتها **** فوجدت ظالمها يبور
|