كان لعلي بن زريق البغدادي ابنة عم يحبها اشد الحب وهي كذلك ,,,
فاضطر لفقره وقلة ذات اليد أن يرحل عنها إلى الأندلس طلبا للرزق ,,
فتشبثت به وحاولت منعه خوفا عليه ولكي لا تكتوي بألم الفراق
ولكنه ودعها وقلبه يكاد أن يتفطر
ثم يمم وجه شطر الأندلس قاصدا أحد أمرائها
ثم بلغ الأندلس وقصد أبا عبد الرحمن الأندلسي فمدحه بقصيدة بليغة ,,,
فأعجبت القصيدة الأمير ولكن الأمير أراد أن يبلوه ويختبره
فأعطاه شيئا قليلا ,,,
فقال البغدادي :
إنا لله وإنا إليه راجعون
سلكت البراري والقفار والمهامه والبحار إلى هذا الرجل فأعطاني هذا العطاء النزر
فانكسرت إليه نفسه فاعتل ومات
وشغل عنه الأندلسي أياما ....
ثم سأل عنه فخرجوا يطلبونه
فانتهوا إلى الخان الذي هو فيه وسألوا الخانية عنه
فقالت : إنه كان في هذا البيت ومنذ أمس لم أبصره
فصعدوا فدفعوا الباب فإذا هو ميت وعند رأسه رقعة مكتوب فيها قصيدة ومنها :
لا تَـعـذَلِـيــه فَـــــإِنَّ الــعَـــذلَ يُـولِــعُــهُ
قَــد قَـلـتِ حَـقـاً وَلَـكِـن لَـيـسَ يَسـمَـعُـهُ
فلما وقف أبو عبد الرحمن على هذه الأبيات بكى حتى خضب لحيته
وقال : وددت أن هذا الرجل حي وأشاطره نصف ملكي
وكان في الرقعة ( منزلي ببغداد في الموضعالفلاني المعروف بكذا والقوم يعرفون بكذا ) فحمل إليهم خمسة آلاف دينار وعرفهم موت الرجل
وروى الحافظ أبو سعد أن الإمام أبا محمد بن حزم قال : من تختمبالعقيق وقرأ لأبي عمرو وتفقه للشافعي وحفظ قصيدة ابن زريق فقد استكمل ظرفه .
وإليكم القصيدة كاملة
لا تَـعـذَلِـيــه فَـــــإِنَّ الــعَـــذلَ يُـولِــعُــهُ
قَــد قَـلـتِ حَـقـاً وَلَـكِـن لَـيـسَ يَسـمَـعُـهُ
جــاوَزتِ فِــي نـصـحـه حَـــداً أَضَـرَّبِــهِ
مِــن حَـيـثَ قَــدرتِ أَنَّ النـصـح يَنـفَـعُـهُ
فَاستَـعـمِـلِـي الــرِفـــق فِـــــي تَـأِنِـيـبِــهِ بَدَلاً
مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ
قَــد كــانَ مُضطَلَـعـاً بِالخَـطـبِ يَحـمِـلُـهُ
فَضُـيَّـقَـت بِـخُـطُـوبِ الــدهــرِ أَضـلُـعُــهُ
يَكفِـيـهِ مِــن لَـوعَـةِ التَشـتِـيـتِ أَنَّ لَـــهُ
مِــنَ الـنَـوى كُـــلَّ يَـــومٍ مـــا يُـروعُــهُ
مــــا آبَ مِــــن سَــفَـــرٍ إِلّا وَأَزعَــجَـــهُ
رَأيُ إِلــــى سَــفَــرٍ بِـالــعَــزمِ يَـزمَــعُــهُ
كَـأَنَّـمــا هُــــوَ فِــــي حِــــلِّ وَمُـرتـحــلٍ
مُــوَكَّـــلٍ بِــفَــضــاءِ الـــلَـــهِ يَـــذرَعُـــهُ
إِذا الـزَمــانَ أَراهُ فـــي الـرَحِـيـلِ غِـنــىً
وَلَـو إِلـى السَنـدّ أَضحـى وَهُــوَ يُزمَـعُـهُ
تــأبـــى الـمـطــامــعُ إلا أن تُـجَـشّــمــه
لـلــرزق كـــداً وكــــم مــمــن يــودعُــهُ
وَمــــا مُـجـاهَــدَةُ الإِنــســانِ تَـوصِـلُــهُ
رزقَــــاً وَلادَعَــــةُ الإِنــســانِ تَـقـطَـعُــهُ
قَـــد وَزَّع الـلَــهُ بَـيــنَ الـخَـلـقِ رزقَـهُــمُ
لَــم يَخـلُـق الـلَــهُ مِـــن خَـلــقٍ يُضَـيِّـعُـهُ
لَكِنَّـهُـم كُلِّـفُـوا حِـرصــاً فـلَـسـتَ تَـــرى
مُسـتَـرزِقـاً وَسِـــوى الـغـايـاتِ تُقـنُـعُـهُ
وَالـحِـرصُ فــي الـــرِزقِ وَالأَرزاقِ قَـــدقُسِمَت
بَغِيٌ أَلّا إِنَّ بَغـيَ المَـرءِ يَصرَعُـهُ
وَالدهـرُ يُعطِـي الفَتـى مِـن حَيـثُ يَمنَعُـه
إِرثـــاً وَيَمـنَـعُـهُ مِـــن حَـيــثِ يُـطـمِـعُـهُ
اِسـتَـودِعُ الـلَـهَ فِــي بَـغــدادَ لِـــي قَـمَــراً
بِـالـكَـرخِ مِـــن فَــلَــكِ الأَزرارَ مَـطـلَـعُـهُ
وَدَّعــتُــهُ وَبـــــوُدّي لَـــــو يُـوَدِّعُــنِــي
صَــفــوَ الـحَـيــاةِ وَأَنّـــــي لا أَودعُـــــهُ
وَكَـم تَشبَّـثَ بـي يَــومَ الرَحـيـلِ ضُـحَـىً
وَأَدمُـــعِـــي مُـســتَــهِــلّاتٍ وَأَدمُـــعُــــهُ
لا أَكُــذبُ الـلَـهَ ثــوبُ الصَـبـرِ مُـنـخَـرقٌ
عَـــنّـــي بِـفُـرقَــتِــهِ لَـــكِـــن أَرَقِّـــعُــــهُ
إِنّـــي أَوَسِّـــعُ عُـــذري فِــــي جَـنـايَـتِـهِ
بِالـبـيـنِ عِـنــهُ وَجُــرمــي لا يُـوَسِّـعُــهُ
رُزِقــتُ مُلـكـاً فَـلَــم أَحـسِــن سِيـاسَـتَـهُ
وَكُــلُّ مَــن لا يُـسُـوسُ المُـلـكَ يَخـلَـعُـهُ
وَمَــن غَــدا لابِـسـاً ثَــوبَ النَعِـيـم بِـــلا
شَــكــرٍ عَـلَـيــهِ فَــــإِنَّ الــلَــهَ يَـنــزَعُــهُ
اِعتَضـتُ مِـن وَجــهِ خِـلّـي بَـعـدَ فُرقَـتِـهِ
كَـأســاً أَجَـــرَّعُ مِـنـهــا مــــا أَجَــرَّعُــهُ
كَــم قـائِـلٍ لِــي ذُقــتُ البَـيـنَ قُـلـتُ لَـــهُ
الـذَنــبُ وَالـلَــهِ ذَنـبــي لَــســتُ أَدفَــعُــهُ
أَلا أَقــمــتَ فَــكــانَ الــرُشـــدُ أَجـمَــعُــهُ
لَــو أَنَّـنِـي يَـــومَ بـــانَ الـرُشــدُ اتـبَـعُـهُ
إِنّـــــي لَأَقــطَـــعُ أيّـــامِـــي وَأنـفـقُــهــا
بِـحَـسـرَةٍ مِـنــهُ فِـــي قَـلـبِــي تُـقَـطِّـعُـهُ
بِــمَــن إِذا هَــجَــعَ الــنُــوّامُ بِــــتُّ لَــــهُ
بِـلَـوعَـةٍ مِـنــهُ لَـيـلـى لَـســتُ أَهـجَـعُــهُ
لا يَطـمِـئـنُّ لِـجَـنـبـي مَـضـجَــعُ وَكَــــذا
لا يَطـمَـئِـنُّ لَـــهُ مُـــذ بِـنــتُ مَضـجَـعُـهُ
مــا كُـنـتُ أَحـسَـبُ أَنَّ الـدهـرَ يَفجَعُـنِـي
بِـــــهِ وَلا أَنَّ بِـــــي الأَيّـــــامَ تَـفـجـعُــهُ
حَـتّـى جَــرى البَـيـنُ فِيـمـا بَيـنَـنـا بِـيَــدٍ
عَـســراءَ تَمـنَـعُـنِـي حَــظّــي وَتَـمـنَـعُـهُ
قَد كُنـتُ مِـن رَيـبِ دهـرِي جازِعـاً فَرِقـاً
فَـلَــم أَوقَّ الَّـــذي قَـــد كُـنــتُ أَجــزَعُــهُ
بِاللَـهِ يـا مَـنـزِلَ العَـيـشِ الَّــذي دَرَســت
آثـــارُهُ وَعَــفَــت مُــــذ بِــنــتُ أَربُــعُــهُ
هَــــل الــزَمــانُ مَـعِـيــدُ فِــيــكَ لَـذَّتُـنــا
أَم اللَـيـالِـي الَّــتــي أَمـضَـتــهُ تُـرجِـعُــهُ
فِــي ذِمَّــةِ الـلَـهِ مِــن أَصـبَـحَـت مَـنـزلَـهُ
وَجــادَ غَـيــثٌ عَـلــى مَـغـنـاكَ يُـمـرِعُـهُ
مَـــن عِـنــدَهُ لِــــي عَــهــدُ لا يُـضـيّـعُـهُ
كَـمــا لَـــهُ عَـهــدُ صِــــدقٍ لا أُضَـيِّـعُــهُ
وَمَــــن يُــصَــدِّعُ قَـلــبــي ذِكـــــرَهُ وَإِذا
جَــرى عَـلــى قَـلـبِـهِ ذِكـــري يُـصَـدِّعُـهُ
لَأَصــبِــرَنَّ لدهــــر لا يُمَـتِّـعُـنِـي
بِــــهِ وَلا بِــــيَ فِــــي حـــــالٍ يُـمَـتِّـعُــهُ
عِلـمـاً بِــأَنَّ اِصطِـبـاري مُعـقِـبُ فَـرَجــاً
فَـأَضـيَـقُ الأَمـــرِ إِن فَــكَّــرتَ أَوسَــعُــهُ
عَسـى اللَيـالـي الَّـتـي أَضـنَـت بِفُرقَتَـنـا
جِسـمـي سَتَجمَـعُـنِـي يَـومــاً وَتَجـمَـعُـهُ
وَإِن تَـــغـل أَحَــــــدَاً مِـــنّـــا مَـنـيَّــتَــهُ
فَـمــا الَّـــذي بِـقَـضــاءِ الــلَــهِ يَـصـنَـعُـهُ