روائع من الشعر العربي

الرائعة الثانية

وعضت على العناب بالبرد

نعود إليكم اليوم برائعة جديدة لشاعر عريق في حسبه ونسبه ، فقد ولد في بيت الخلافة ، وكان أبوه أول خلفاء بني أمية ، اختلف الناس فيه اختلافاً كثيراً فمنهم من اتهمه باللهو والمجون والتصرفات غير المحسوبة ، ومنهم من أنكر عنه ذلك ، ولايهمنا هذا من قريب ولا بعيد فليس في مجال بحثنا ولكن شاعرنا اشتهر بعدد من قصائد الغزل ذات النوع الرفيع في الأدب سنذكر اليوم واحدة منها ولنا معه عودة أخرى في رائعة ثانية - بأذن الله - شاعرنا لهذه الرائعة هو الخليفة الأموي يزيد بن معاوية بن أبي سفيان .

القيمة الشعرية لقصيدته : وهب الله هذا الشعر قدرة عجيبة في صنع التشبيهات فكان يأتي بتشبيهات تعجب أحيانا من كونها قيلت في عصر لم تدخله الحضارة ، ولكن قد يكون في قول بعض المؤريخين تعليل لذلك حينما قالوا : ( أنه معاوية - رضي الله عنه - عندما مات لم يبقِ خلفه إلا قليل من الفتن ، فأتى يزيد وقضى على الباقي فاستتب الأمن للأمويين في دمشق أحاطت حياتهم رفاهية ونعيم ورغد يليق بسكان القصور مما أدى إلى ظهور ذلك النعيم في شعره ) وهذه القصيدة قد تكون أكبر شاهد على قولهم ، أما الآن فأترككم مع القصيدة :

نالت على يدها مالم تنله يدي
نقشاً على معصم واهت به جلدي

كأنه طرق نمل في أنا ملها

أو روضة رصعتها السحب بالبرد

خافت على يدها من نبل مقلتها

فألبست زندها درعاً من الزرد

مدت مواشطها في كفها شركاً

تصيد قلبي به من داخل الجسد

إنسية لو رأتها الشمس ماطلعت

من بعد رؤيتها يوم على أحد

سألتها الوصل قالت: لا تغربنا

من رام منا وصالاً مات بالكمد

فكم قتيل لنا بالحب مات جوى

من الغرام ولم يبدي ولم يعد

فقلت أستغفر الرحمن من زلل

إن المحب قليل الصبر والجلد

قد خلفتني طريحاً وهي قائلة:

تأملو كيف فعل الظبي بالأسد

فسترجعت سألت عني فقيل لها:

مافية من رمق،دقت يداً بيد

وأمطرت لؤلؤ من نرجس وسقت

ورداً وعضت على العناب بالبرد

والله ما حزنت أخت لفقدأخٍ

حزني علية ولا أم على ولد

هم يحسدوني على موتي فوأسفي

حتى على الموت لا أخلو من الحسد




وإلى الملتقى القريب في رائعة أخرى لكم مني كل تقديري واحترامي .











ودمتم لي بود