عبد الله بن مسعود
هو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن سمح بن فارن بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث ابن تيم ابن سعيد بن هذيل بن مدركه بن إلياس بن مضر الهذلي .
كنيته : أبو عبد الرحمن .
مات أبوه في الجاهلية ، وأسلمت أمه ولها صحبة ، فلذلك كان ينسب إليها أحياناً فيقال : ابن أم عبد .
إسلامه :
أسلم قديما فلم يسبقه إلي الإسلام سو ستة نفر حتي كان يقول : لقد رأيتني سادس ستة علي الأرض مسلم غيرنا.
سبب إسلامه :
كان سبب إسلامه حين مر به رسول الله r وأبو بكر رضي الله عنه وهو يرعي غنماً فسألاه لبناً فقال : إني مؤتمن ، فأخذ
رسول الله r عناقاً وكان يحمل نعليه وسواكه ن ولها كان يقال صاحب السواك والوساد
فضائله ومناقبه :
من أوائل من أسلموا ؛ هاجر إلي الحبشة ثم عاد إلي مكة ، ثم هاجر إلي المدينة ، شهد بدراً وهو الذي قتل أبا جهل بعد أن أثبته ابنا عفراء ،وشهد بقية المشاهد مع رسول الله r .
قال أبو موسي : قدمت أنا وأخي من اليمن وما كنا نظن إلا أن ابن مسعود وأمه من أهل بيت النبي r لكثرة دخولهم بيت النبي r
وقال حذيفة : ما رأيت أحداً برسول الله r في هديه ودله
وفي الحديث : إن ابن مسعود صعد شجرة يجتني الكباث ، جعل الناس يعجبون من دقة ساقية ،فقال رسول الله r :" والذي نفسي بيده ، لهما في الميزان أثقل من أحد ) .
وقال عمر بن الخطاب عنه : هو كنيف ملء علماُ .
كان من أعلم الصحابة ، ومن نبلاء الفقهاء والمقرئين ؛ حفظ من في رسول الله r سبعين سورة ، وقال له رسول الله r يوماُ : اقرأ علي . فقال : أأقرأ عليك ، وعليك أُنزل ؟ فقال : إني أحب أن أسمعه من غيري ، فقرأ عليه من أول سورة النساء إلي قوله تعالي :" فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد ، وجئنا بك علي هؤلاء شهيداً " فكيف رسول الله r وقال : حسبك .
وعند أحمد عن عمر قال : قال رسول الله r :"من سره أن يقرأ القرآن غضباً كما أنزل فليقرأه علي قراءة ابن مسعود " وفي الحديث المرفوع عند البخاري :" استقرئوا القرآن من أربعة : عبد الله ابن مسعود ، وسالم مولي أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل " . عن علقمة عن عبد الله قال : عجباً للناس وتركهم قراءتي وأخذهم قراءة زيد وقد أخذت من في رسول الله r سبعين سورة ، وزيد بن ثابت صاحب ذؤاية غلام يجئ ويذهب بالمدينة .
قال القرطبي : قال أبو بكر الأنباري : ولم يكن الاختيار لزيد من جهة أبي بكر وعمرو وعثمان علي عبد الله بن مسعود في جمع القرآن وعد الله أفضل من زيد وأقدم في الإسلام وأكثر سوابق وأعظم فضائل إلا لأن زيداً كان أحفظ للقرآن من عبد الله ، إذ وعاه كله ورسول الله r حي ، والذي حفظ منه عبد الله في حياة رسول الله r حي أولي بجميع المصحف ، وأحق بالإيثار والاختيار ؛ ولا ينبغي أن يظن جاهل أن في هذا طعناً علي عبد الله بن مسعود ، ن زيداً إذا كان أحفظ للقرآن منه فليس ذلك موجباً لتقدمه عليه ، لأن أبا بكر وعمرو رضي الله
عنهما كان زيداً أحفظ منهما للقرآن وليس هو خيراً منهما ولا مساوياً لهما في الفضائل والمناقب ، قال أبو بكر : وما بدا من عبد الله بن مسعود من نكير ذلك فشيء نتيجة الغضي ولا يعمل به ولا يؤخذ به ، ولا يشك في أنه رضي الله عنه قد عرف بعد زوال غضبه عنه حسن اختيار عثمان ومن معه من أصحاب رسول الله r ، وبقي علي موافقتهم وترك الخلاف لهم .
انتهي كلام القرطبي وقد قيل أن زيداً أخذ من النبي r عرضة جبريل عليه للقرآن وترتيبه فكان لذلك أولي بجمعه .
وروي الأعمش عن شقيق أبي وائل وقوله سمعت عبد الله بن مسعود يقول ك إني لأعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم ؛ وما في كتاب الله سورة ولا آية وإلا وأنا أعلم فيما نزلت ، قال : فما سمعت أحداً أتكر عليه ذلك وقد شهد ابن مسعود بعد النبي r مواقف كثيرة منها اليرموك وغيرها .
عبادته وخشيته لك :
كان ابن مسعود رضي الله عنه إذا أقبل الليل سمع له دوي كدوي النحل حتي يصبح وكان يؤثر الصلاة علي الصيام ، قال عنه أحد أصحابه : مررت بابن مسعود بسحر وهو يقول : اللهم دعوتني فأجبتك ،وأمرتني فأطعتم ، وهذا سحر فاغفر لي ، قال : فلما أصبحت غدوت عليه فقلت له ، فقال : إن يعقوب قاله لبنيه : سوف استغفر لكم أحرمهم إلي السحر .
وكان tيبكي حتي تجري دموعه علي خديه وتنحدر علي لحيته وتبل فراشه . قال له رجل ذات يوم أنا ما أحب أن أكون من أصحاب اليمين ؛ لأن أكون من المقربين أحب إلي ، فقال ابن مسعود ، لكن هاهنا رجل زد إنه إذا مات لا يبعث ، يعني نفسه t
حكمه ومواعظه وعلمه :
كان ابن مسعود tمن أعلم الصحابة وأغزرهم علماً وأعظمهم وعظاً ، لذا عاش زمناً طويلاً يعظ ويعلم الناس ، وولاه عمر القضاء بالكوفة .
أخبر مسورق رحمه الله تعالي أنه تعرف علي أصحاب النبي r فوجد علمهم ينتهي إلي ستة نفر ، منهم ، عمر ، وعلي ، وعبد الله ، وأبي بن كعب ، وأبو الدرداء ، وزيد بن ثابت ، ثم عاين هؤلاء الستة فوجد علمهم ينتهي إلي علي وعبد الله ؛ يعني ابن مسعود .
من مواعظه:
ما رواه أحمد عنه من قوله : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون ، وبنهاره إذا الناس مفطرون ، وبحزنه إذا الناس فرحون ، وببكائه إذا الناس يضحكون ، وبصمته إذا الناس يخلطون ، وبخشوعه إذا الناس يختالون ، وينبغي لحامل القرآن أن يكون باكياً محزوناً ، حليماً سكيناً ، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافياً ، ولا غافلاً ولا صخاباً ولا صياحاً .
وعنه أنه قال : كونوا ينابيع العلم ، مصابيح الهدي ، أجلاس البيوت ، سرج الليل ، جدد القلوب ، خلقان الثياب تُعرفون في أهل السماء وتخفون في أهل الأرض .
وعنه (t) قال : والله الذي لا إله إلا هو ، ليس شيء أحوج إلي طول سجن من اللسان ، ولا يقلدان أحدكم دينه رجلاً فإن أمن أمن ،وإن كفر كفر ، وإن كنتم لابد مقتدين فاقتدوا بالميت ، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ، ولا تكونوا إمعه . قالوا : وما الأمعة ؟ قال : يقول : أنا مع الناس إن اهتدوا اهتديت ، وإن ضلوا ضللت ؛ ألا ليوطنن أحدكم نفسه علي أنه إن كفر الناس أن لا يكفر .
قال الحافظ الذهبي في التذكرة : يمكن أن يجمع سيرة ابن مسعود في نصف مجلد ، فلقد كان من سادة الصحابة وأوعية العلم وأئمة الهدي ؛ ومع هذا فله قراءات وفتاوى ينفرد بها مذكورة في كتب العلم ، وكل إمام يؤخذ من قوله ويترك إلا إمام المتقين الصادق الأمين ، المعصوم صلوات الله وسلامه عليه .
وفاته (t):
تولي ابن مسعود القضاء وبيت المال لعمر رضي الله عنه بالكوفة وبقي عليها صدراً من خلافة عثمان ، وقدم من العراق حاجاً فمر بالربذة فشهد وفاة أبي ذر ودنه ، ثم قدم إلي المدينة فمرض بها وعاده عثمان ، ومات سنة 32 من الهجرة ودفن بالبقيع عن بضع وستين سنة
التوقيع |
|
|