التمام في تفسير اشعار هذيل ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعضاء وزوار مجالس هذيل .....اليوم نحاول أن نطلع على كتاب إبن جني وتفسير أشعار هذيل ..قمت بالبحث في الموقع فلم أجد الكتاب وأراه مهما أن يكون في الموقع لإربتاطه الوثيق بتراثنا الأدبي والثقافي ..
نحاول أن نقرأ الكتاب معا على شكل حلقات ..ومن لديه أفكار وتعليق ورؤية لنتعلم معا ..
(1)
(1) شعر قيس بن العيزارة قال (من الطويل):
لَعَمْرك أنْسى رَوْعَتي يَومَ أقتتُدٍ ... وَهل تتركنَ نَفسَ الأسيرِ الروائعُ
وفيها:
غداة تنادوا ثم قاموا وأجمعوا ... بقتلي سلكي ليس فيها تنازُعُ
لام " تنادوا " واو لأنه من الندوة وهو الاجتماع، ألا تراهم إنما يتنادون للاجتماع أو مع الاجتماع. ومنه قول الله سبحانه (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) ، وإنما ينادي للاجتماع.
وفيها:
وقُلْتُ لهم شاءٌ رَغيبٌ وجامِلٌ ... فكلكم من ذلك المال شابعُ
مذهب سيبويه في " شاء " أن عينها واو ولامها ياء، ومذهب البغداديين أن عينها واو ولامها هاء. وقد تقصيت هذا الأمر في كتابي في تفسير تصريف ابي عثمان وغيره من كلامي.
وفيها:
فويلٍ ببزًّ جَرّ شَملٌ على الحصا ... فَوقِّرَ بَزٌ ما هنالك ضائعُ
أما الرفع في " ويل " فلا نظر فيه، وأما الجر فعلى انه بناه على الكسر كقوله " من الرجز " : مهلاً فداءِ لك يا فضالة " أجره الرمح ولا تهاله " وقوله " من البسيط " :
" مهلا " فداءِ لك الأقوام كلهم ... " وما أثمر من مالٍ ومن ولدِ "
أراد لأفَدِك، وليَفْدِكَ الأقوام، فبنى الاسم كما يبنيه في نحو " صه " و " مه " و " إيه " و " رويدَ " ، فكأنه قال: ليلزمه الله الويل. وأصل بناء هذا الكلم الموضوعة للأمر عندي أنها تضمنت معنى لام الأمر، ألا ترى أنّ " صَهِ " بمعنى اسكت، وأصل اسكت لتسكت، وكذلك " حذار " معناه: إحذر، وأصل إحذر: لتحذر، وكذلك " رويدَ زيداً " ، هو اسم: انظر زيدا، وأصل انظر: لتنظر، فمعنى لام الأمر موجود في جميع ذلك، فهذه علة بنائها الصريحة. ولم يفصح أحد من أصحابنا بها هذا الإفصاح، وإنما أكثر ما يقولون أنها بنيت لوقوعها موقع فعل الأمر، وليست علة بناء ما بنى من الأسماء إلا مشابهتها للحرف أو تضمنها معناه، فأما وقوعها ما كان مبنيا للأمر فلا يوجب فيها بناء ولا إعرابا. قال سيبويه: " وأما الفتح والكسر والضم والوقف فللأسماء غير المتمكنة المضارعة عندهم ما ليس باسم ولا فعل مما جاء لمعنى ليس غير نحو سوف وقد " . فهذا تصريح كما تراه، ولا مذهب لمصنف ولا متعسف عنه. وأما من قال " ويل أم بز " فإنه أزاد: " ويلٌ لام بز " ، وكثر استعمال هذه الكلمة فحذفت لام الجر والهمزة تخفيفا وحذف التنوين كما حذف فيما حكاه أبو الحسن من قولهم: " سلامُ عليكم " ، وذلك لكثرة استعماله. ويجوز أن يكون أراد " ويلُ أم بز " فرفعه بالابتداء وحذف خبره أي: ويلُ أمه واجب أو حال عليه، ثم حذف همزة " أمّ " لكثرة الاستعمال، فبقي " ويلُ مَه " كما ترى. وأما " وَيْ لمّه " فأراد ويلٌ لأمه، ثم حذف لام " ويل " والتنوين لكثرة الاستعمال، وهمزة " أُم " لذلك، فبقى " وَ يْ لمه " . ويدل على أن المراد في جميع ذلك " ويلٌ لامه " قول الشاعر " من الوافر " :
لأمِ ويلٌ ما أجنَتْ ... غداةّ أضَرَّ بالحسنِ السبيلُ
وحكى الأصمعي: " رجلٌ ويلُمَه " ، وحكى غيره: " رجلٌ ويْلُمِّه " ، فويلمه على أنه اشتق من ذلك صفة كما ترى، و " يلمه " حكاية ما يقال في مثله أَي: هو داخيةٌ يقال فيه هذا القول. قال " من البسيط " .
ويْلُمِها في هواء الحق طالبةً ... ولا كهذا الذي في الأرض مطلوب
وأما وزن قوله " ويلمه " ، فإن حكيت أصله فوزنه " فَعْ لُ عْله " وإن وزنت على ما صار إليه بعد التركيب فمثالها " فَيْعُلِّة " ، فإن قلت فإن هذا مثال غير موجود، قيل: إنما ينكر هذا لو كان المثال أصلاً برأسه، فأما وإنما هو فرع أدى إليه التركيب شيئا بعد شيء فلا ينكر ذلك، ألا ترى إلى قولهم في زجر الفرس " هِجِدّم: للواحد والاثنين والجميع سواء. فمثال " هجدم " : إفِعّل، وهذا مثال غير موجود في الأصول وإنما أصار إليه التحريف والتركيب، وأصله من قوم: " أَ جْدَ مْت بالفرس " إذا قلتَ له " أجدم " أي أسرع. قال عدي بن الرقاع " من الخفيف " :
هُنَ عُجْمٌ وقد عَلِمنَ من القولِ ... هبى واجْدَمى ويايَ وقومي
ويجوز أن يكون قولهم " ويلمه " أصله: ويل لامه، ثم حذف حرف الجر والهمزة - التي هي فاء - والتنوين، أو لم ينون لأنه نوى المعرفة كغاقِ، فبقى ويلمه. أوس " من البسيط " .
ويلمهم معشراً جُماً بيونُهمُ ... لا العرفُ عرفٌ، ولا التنكير تنكيرُ
يتبع .....
|