العودة   ::{ مجالس قبيلة هذيل }:: موقع يهتم بتراث القبيلة ومفاخرها > المجالس العامة > المجلس العام
 

المجلس العام لكافة المواضيع التي ليس لها قسم مُخصص

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 02-29-2008, 04:10 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
غازي الهذلي

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

هذلي قديم غير متواجد حالياً


افتراضي قراءة في مخ تركي الحمد

غزاة ٌ من الداخل ِ : قراءة ٌ في مخ ِ تركي الحمدِ

تركي الحمدُ شخصيةٌ قلقةٌ ، وحائرةٌ جدّاً ، ولا يعرفُ لنفسهِ هدفاً واضحَ المعالمِ ، ولا مشروعاً فكريّاً أو نهضوياً محدّدَ الأهدافِ ، وقد أقرّ على نفسهِ أنّهُ شخصيةٌ قلقةٌ ، وحيرتهُ وقلقهُ يصوّرها لنا بوضوحٍ وجلاءٍ اضطراباتُه الفكريةُ والحركيّةُ والانتمائيةُ ، والتي لم تعرفْ يوماً السكونَ والقرارَ والثباتَ ، فهو لا يتردّدُ في ركوبِ أي موجةٍ ، وتحتَ أي ظرفٍ .

وليسَ أدلَّ على حيرتهِ وقلقهِ وعدمِ ثباتهِ ، من كثرةِ تردّيهِ في الأفكارِ المعاصرةِ المنحلةِ ، وانخراطهِ في أحزابٍ فكريّةٍ وسياسيّةٍ متطرّفةٍ ، وتنقّلهِ من مذهبٍ إلى آخرَ ، لا لشيءٍ ، إلا بحثاً عن ضالّةِ السكينةِ والطمأنينةِ ، أو مداراتها ، وإخمادِ جذوةِ القلقِ المستعرةِ ، وإطفاءِ لهيبِ الحيرةِ .

وبالرغمِ من انحدارهِ إلى أحطَّ الأفكارِ ، وأكثرِها تطرّفاً وغلواً وأحاديّةً ، وهو الفكرُ الماركسيُّ الشيوعيُّ ، ثمّ بحثهُ عن ملاذٍ آمنٍ في الفكرِ الثوريِّ القوميِّ ، مروراً بالبعثيةِ ، وانتهاءً إلى العلمانيّةَ الغاليّةِ ، إلا أنّهُ لم يستفدْ من هذه التنقّلاتِ شيئاً ، ولم تزدهُ التجاربُ إلا انتكاساً وارتكاساً ، بل في كلِّ مرةٍ يأتي بطوامٍّ وأوابدَ ، يضحكُ منها أبسطُ العامّةِ ، إذْ كيفَ تصدرُ من مفكّرٍ سبرَ أغوارَ المذاهبِ المعاصرةِ ، وسلكَ فيها ، وعرفَ معايبها ومثالبها ! .

وعندما سُئلَ الحمدُ ، في لقاءٍ معهُ في جريدةِ البلادِ السعوديّةِ ، عن سببِ اعتناقهِ لتلكِ المذاهبِ والأفكارِ ، وسببِ كثرةِ تحوّلاتهِ الفكريّةِ والحركيّةِ ، أجابَ قائلاً : " عندما تعيشُ في أواخرِ الستينيّاتِ أو السبعينيّاتِ ، ولا تكونُ قوميّاً ، فيعني هذا أنّ هناكَ خللاً في تفاعلكَ مع محيطكَ " ! .

وعلى الرغمِ من هذا المبرّرِ السخيفِ ، واللاعلميّ ، لمسألةِ التنقّلِ وتشرّبِ الأفكارِ المنحرفةِ ، إلا أنّنا لم نُشاهدْ من تركي الحمدِ أي تفاعلٍ مع الإسلاميينَ أو الإسلامويينَ كما يحلو لهُ أن يسميهم - ، والإسلاميّونَ منذُ منتصفِ الثمانيناتِ الميلاديّةِ ، ونجمهم في ارتفاعٍ ، وطالعُ سعدهم في علوٍ ، وقد غزوا بفكرهم وتنظيماتهم العالمَ أجمعَ ، واستطاعوا في خلالِ فترةٍ وجيزةٍ أن يصلوا إلى سدّةِ الحكمِ في بعضِ البلدانِ العربيّةِ والإسلاميّةِ ، وأصبحتِ الجماعاتُ الإسلاميّةُ ، والمفكّرونَ الإسلاميّونَ ، هم حديثَ العالمِ والصحافةِ ، بل قال بوش الأب : العدوُّ القادمُ هو الإسلامُ .

ومعَ هذا الضجيجِ الصاخبِ للإسلاميينَ ، واستحواذهم على الواقعِ بكافّةِ أطيافهِ وفئاتهِ ، إلا أنّ المفكّرَ الورقيَّ تركي الحمد لم يفكّرْ يوماً ما في الانتماءِ إليهم ، أو حتّى إنصافهم ، بل على العكسِ من ذلكَ ، صبَّ جامَ غضبهِ وحقدهِ عليهم ، ونفثَ سمومَ فكرهِ العفنِ المنحرفِ في جسدِ الإسلاميينَ .

فلماذا هذا التناقضُ السافرُ في المواقفِ !؟ ، ولماذا يبيحُ لنفسهِ اعتناقَ الناصريّةِ والبعثيّةِ والقوميّةِ ، لانتشارها في المجتمعِ ، ومع ذلكَ لا يفكّرُ لحظةً واحدةً ، في الدفاعِ عن الإسلاميينَ ، أو التعريفِ بقضيّتهم ، فضلاً عن الانخراطِ فيهم ؟! ، أوَ ليسَ الموجبُ لاعتناقِ الفكرِ الإسلاميِّ ، هو نفسهُ الموجبُ لاعتناقِ الفكرِ القوميِّ أو الناصريِّ ؟! .

وثَمَّ أمرٌ هامٌ ، وهو أنّ الحمدَ شخصيّةٌ غيرُ واضحةِ المعالمِ ، فمرّاتٍ يتحوّلُ إلى يساريٍّ منحلٍّ ، يقفُ في وجهِ كلِّ دعوةٍ للحفاظِ على المجتمعِ وأمنهِ الفكريِّ أو العقديِّ ، ومراتٍ يتظاهرُ بالخوفِ على الثوابتِ والأسسِ المكوّنةِ للمجتمعِ ، ممّا يستيقنُ معهُ القاريءُ لفكرِ الحمدِ ، أنّ الرجلَ مجموعةُ متناقضاتٍ متحرّكةٍ .

والأمرُ الوحيدُ الذي أدّاهُ الحمدُ بإتقانٍ ، هو العداءُ للحركاتِ الإسلاميّةِ ، والوقوفُ في مواجهةِ الفكرِ الإسلاميِّ الأصيلِ ، الذي يُقاومُ كلَّ حركاتِ التغريبِ والغزو من الداخلِ والخارجِ ، وهجومُ الحمدِ على الإسلاميينَ ، طالَ الهجومَ على ثوابتهم ومظاهرِ تديّنهم ، وكذلكَ طالَ ثوابتَ الدينِ وشعائرهُ وأصولهُ المعروفةَ ، والتي يصفُها هو في كتابهِ ( الثقافةُ العربيّةُ أمامَ التغييرِ ) : بأنّها أسطوريّةٌ ويجبُ أن تُقابلَ بالواقعيّةِ ! .

وهذا الهجومُ العنيفُ على روحِ الإسلامِ ، وثوابتهِ وقيمهِ ، هي التي جعلتْ من تركي الحمدِ رجلاً وقحاً سفيهاً ، يطلقُ العنانَ لقلمهِ في أن يقدحَ في مسلّماتِ الدينِ ، وثوابتهِ ، ومقدّساتهِ ، ويكتبَ رواياتٍ تعجُّ بالتنقّصِ لمقامِ الربوبيّةِ والألوهيّةِ ، وممتلئةً كذلكَ بالوقائعِ الجنسيّةِ القذرةِ ، بأبشعِ الألفاظِ وأحطّها ، وأدقِّ التفاصيلِ وأحدّها ، إضافةً إلى تصويرهِ للمجتمعاتِ المحافظةِ كمجتمعنا على أنّهُ حانةُ خمرٍ ، ومأوى بناتِ الليلِ ، ومجمّعٌ للشواذِ والزناةِ .

وعندما سئلَ عن سببِ حشرِ هذه الفظائعِ والطوامِّ في روايتهِ ، قالَ : " الرّوايةُ تعبّرُ عن الحياةِ ، فيجبُ أن تكونَ معبّرةً عنها فعلاً ، وإلا لما أصبحتْ عملاً أدبيّاً ! ، عندما أكتبُ روايةً يجبُ أن تعبّرَ عن الواقعِ " .

الخلاصةُ التي يريدُ الحمدُ أن يوصلنا لها هي : أنّ مجتمعنا منحطٌ مليءٌ بالفواحشِ ، وأنّ الأدبَ لا علاقةَ لهُ بالدين ِ ، وأنّ أي عملٍ أدبيٍّ فلا بدّ من تجريدهِ من الوعظِ والإرشادِ ، وأن يكونَ واقعياً ، وأن ترفعَ عنهُ الرّقابةُ ، وأن تُزالَ الحصانةُ عن جميعِ القيمِ والثوابتِ ، وأن يُتركَ للأديبِ الحرّيةُ في طرقِ ما شاءَ ، متى شاءَ ! ، ونقدِ ما شاءَ كيفَ شاءَ .

وهذا الذي يذكرهُ الحمدُ ، ويدعو لهُ ، هو أساسُ مذهبِ الواقعيّةِ النقديّةِ ، وهو مذهبٌ فكريٌ أدبيٌ ماديٌ محضٌ ، يهتمُّ بنقدِ المجتمعِ من خلالِ التركيزِ على مشكلاتهِ ، ويركّزُ على جوانبِ الشرِّ والجريمةِ والفاحشةِ ، ويسلُكُ في ذلكَ طريقَ الرّوايةِ والأدبِ ، لكي يغطّي مآربهُ ونواياهُ الداخليّةَ ، ويصوّرُ هذا المذهبُ الإنسانَ على أنّهُ مجموعةٌ من الغرائزِ البهيميّةِ المنحطّةِ ، كما جسّدهُ تركي الحمدُ في رواياتهِ : ( أطيافُ الأزقّةِ المهجورةِ ) .

ونحنُ نتسائلُ هنا تبعاً للأستاذِ : أنورِ الجنديِّ رحمهُ اللهُ - : لماذا يُطلبُ من الرّوايةِ أن تصوّرَ فسادَ المجتمعِ ، وتُعيدَ مواقفهُ الخاطئةَ ، بصورةٍ أشدَّ جمالاً وتألقاً ، مع أنّ المجتمعَ يرفضُ ذلكَ وينكرهُ ، ويدعو إلى التخلصِ منهُ ؟ ، ولماذا تحوّلُ القصّةُ الحالةَ الفرديةَ إلى ظاهرةٍ عامّةٍ ، وتدخلُ فيها أهواءَ الكتّابِ ، ورغباتهم في تدميرِ المجتمعاتِ ، أو تحقيقِ شهواتِ خاصّةٍ ؟! .

وإذا كانتِ الواقعيّةُ مذهباً محبوباً لدى تركي الحمدِ ، ولا بدّ من تجريدِ الأدبِ من المثالياتِ والقيمِ ، ولا بدّ من الكلامِ عن الواقعِ بكلِّ تداعياتهِ ، فلماذا لا نجدُ منهُ جرأةً في الكلامِ عن المسئولينَ والحكّامِ في هذه البلادِ وغيرها ؟ ، أليسَ يوجدُ لديهم من الفسادِ والانحطاطِ أكثرَ ممّا يوجدُ لدى عامّةِ الناسِ ؟ ، ولماذا تكونُ الجرأةُ مسلّطةً على القيمِ والمباديءِ الإسلاميّةِ الصالحةِ ، بزعمِ الواقعيّةِ وانتشارها ، ولا نجدُ شيئاً من هذا في نقدِ الحكامِ أو تصويبِ السهامِ نحوهم !! .

أليسَ هذا دليلاً واضحاً ، على كرهِ الرّجلِ للدينِ ولثوابتهِ ، وتهجّمهُ بسببٍ أو بدونِ سببٍ على الدينِ ، مع تركهِ للأمورِ الأخرى التي تحملُ نفسَ الدواعي والدوافعِ ، ومع ذلك لا يحاربها ولا يُهاجمها !؟ .

وهنا سؤالٌ آخرُ : هل يرضى الدكتورُ ، أن يكتبَ رجلٌ من الرواةِ قصّةً ، أو روايةً ، ثم يذكرَ فيها أحد آباءِ تركي الحمدِ ، ويصوّرهم بصورةٍ بشعةٍ أو قذرةٍ ، ويضعهم في موضعِ الرذيلةِ والفاحشةِ ؟ .

فإذا رضي تركي الحمدُ ذلكَ ، فإنّهُ سيكونُ بلغَ من الانحطاطِ مبلغاً فاقَ جميعَ البهائمِ والحيواناتِ والجماداتِ ، إذ كيفَ يرضى لوالديهِ أن يوصما بالفاحشةِ والرذيلةِ ؟ ، وإن لم يرضَ ذلكَ وهذا هو الواقعُ فكيفَ يرضى أن يدنّسَ كتابهُ بالوقيعةِ في مقامِ الربوبيّةِ والخالقِ جلّ وعلا ؟ وكيفَ يكتبُ تلكَ الألفاظَ المرعبةَ في حقِّ اللهِ تباركَ وتعالى ، وهو يأبى أن يكتبَ أحدٌ أقلَّ منها في والديهِ أو عرضهِ وشرفهِ ، فهل مقامُ الربوبيّةِ أقلُّ شأناً وشأواً من مقامِ الأعراضِ ؟ ، وهل يتهاونُ في حقِّ اللهِ والأدبِ معهُ ، إلا رجلٌ مُلحدٌ زنديقٌ ، يكفرُ بكلِّ القيَمِ ، ولا يُقيمُ للربوبيّةِ وزناً ولا يعرفُ لها معنى !! .

وراوياتهُ الثلاثيّةُ : ( أطيافُ الأزقةِ المهجورةِ ) هي في حقيقتها سيرةٌ ذاتيّةٌ لهُ ، وتجسيدٌ لماضيهِ ، هو بطلُ الرواياتِ ، وأحداثها عبارةٌ عن نسخةٍ كربونيّةٍ أو فيلمٍ مصغّرٍ لماضيهِ البائسِ التائهِ ، والذي امتلأ بالتمرّدِ على العفّةِ والقيَمِ والطهارةِ ، وانخرطَ فيها تركي الحمدُ في الجنسِ وحمأةِ الرذيلةِ ، وعاشَ حياةً ملؤها التنقّلُ والفاحشةُ والخمرُ ، والتمرّدُ على الدينِ ، وتركٍ لشعائرهِ .

والحمدُ برغمِ تقديسهِ الفاضحِ للغربِ ، واعتناقهِ للفكرِ العلمانيِّ الليبراليّ ، ودعوتهِ إلى التغريبِ في شتّى ميادينِ الحياةِ ، إلا أنّ شقوتهُ وشهوتهُ ، جعلتهُ يتمرّدُ ويكفرُ بقيَمِ الغربِ أيضاً في مسألةِ الأدبِ ، والمحافظةِ على الرموزِ الدينيّةِ والشعائرِ المحترمةِ ، وحتّى ولو كانتْ تلكَ الرموزُ محرّفةً ، أو ليسَ لها ذلكَ التأثيرُ .

فعندما صدرتْ روايةُ : غوايةِ المسيحِ ، قامتِ الدنيا ولا قعدتْ ، وانتفضتْ أوروبا وأمريكا ضدّ الكاتبِ ، وصودرَ الكتابُ ، ومنعَ من النشرِ في أمريكا ، وطالبوا بمحاكمةِ ومقاضاةِ المؤلفِ ، وذلكَ بسببِ تهجّمهِ على السيّدِ المسيحِ عليهِ السلامُ - ، هذا مع ما عليهِ الغربُ من التحرّرِ من جميعِ الثوابتِ والقيمِ الدينيّةِ ، إلا أنّهم لم يستطيعوا تحمّلَ إهانةِ المسيحِ عليهِ السلامُ - ، وأبتْ عليهم خصوصياتُ نبيّهم وإلاههم إلا أن يدافعوا عنهُ ، ويمنعوا تلكَ الرّوايةَ ويُصادروها .

فأينَ الحمدُ عن أحبابهِ ؟! ، ولمَ لا يكونُ غربيّاً في هذا ! .

ومن العجائبِ والعجائبُ جمّةٌ أنّ أي فضيحةٍ جنسيّةٍ في الغربِ ، حتّى لو كانتْ في أيّامِ الشبابِ وعنفوانِ الصّبا ، تحدثُ لأيِّ مسئولٍ غربيٍّ أو مفكّرٍ أو قائدٍ أو زعيمٍ ، تجعلهُ يقدّمُ استقالتهُ ، ويعتزلُ السّياسةَ والناسَ ، وربّما كانتْ تلكَ الفضحيةُ داعيةً لهُ إلى الانتحارِ ، وأفولِ نجمهِ وانخفاضِ أسهمهِ ، والحمدُ باتَ يسترهُ ربّهُ عن فضائحهِ الجنسيّةِ في شبابهِ ، ووقتِ حدّتهِ وشرتهِ ، إلا أنّ شقوتهُ أبتْ عليهِ إلا أن يُجاهرَ بماضيهِ ، ويفضحَ نفسهُ ، ويرفعَ عقيرتهُ بذكرِ علاقاتهِ العفنةِ ، وماضيهِ الأسودِ .

فهل بعدَ هذا الانسلاخِ من كلِّ المبادىءِ والقيمِ انسلاخٌ ؟! .

تركي الحمدِ في كلامهِ عن الدينِ الإسلاميِّ ، يتحوّلُ إلى أشدِّ العلمانيينَ مغالاةً ، ويقفُ في صفِّ الذين يحصرونَ الدينَ فقط في الروحانيّاتِ ، وأنّهُ لا علاقةُ لهُ بالحياةِ ، بل هو روحانياتٌ بينَ العبدِ وربّهِ ، ولا تتعدّى قلبهُ ، وأنّ أي إقحامٍ للدينٍ في الواقعِ ، أو محاولةٍ لتحكّيمِ الشريعةِ ، فهو تسييسٌ للدينِ ، واستخدامٌ لهُ لنيلِ مآربِ السلطةِ والحكمِ ، يقولُ الحمدُ في ذلكَ : " عندما يأتي تيّارٌ ويطرحُ نفسهُ كتيّارٍ إسلاميٍّ أو غيرهِ ، فالهدفُ هو التأثيرُ على السلطةِ لاتخاذِ قرارٍ معيّنٍ " .

ولا أدري ما هو الفرقُ بينَ الإسلامِ أو الشنتويّةِ والطّاويّةِ والجينيّةِ والكونفوشيوسيّةِ والبوذيّةِ ، وغيرها من الأديانِ الرّوحيّةِ ، إذا كانَ الإسلامُ فقط ديناً روحيّاً ، ولا علاقةَ لهُ بالوجودِ ، أو الحياةِ ، أو الواقعِ ؟ ، وهل هناكَ دليلٌ على فشلِ أي دينٍ ، أقوى من عدمِ قدرتهِ على حلِّ مشاكلِ الحياةِ ؟ وأي ميزةٍ في دينٍ لا يقدرُ على تسييرِ الواقعِ ، ولا ضبطِ أمورهِ ، ولا رسمِ معالمِ هدوءهِ واستقرارهِ ؟ .

إنّ أيّ دينٍ لا يُقيمُ للواقعِ وزناً ، ولا للحياةِ قيمةً ، ولا يقدمُ أي مشروعٍ حضاريٍّ ، ولا يقيمُ مملكةً سياسيةً عادلةً ، ونظاماً اجتماعياً قويّاً ، واقتصاداً متيناً ، فهو دينٌ فاشلٌ ، وسيخمدُ أو يموتُ في مهدهِ .

وبناءً على كلامِ الحمدِ ، فليسَ بالضروريّ أن يختارَ الشخصُ الإسلامَ ديناً ، وإذا أرادَ تهذيبَ روحهِ ونفسهِ ، فلا بأسَ بساعاتٍ من رياضةِ اليوغا ، أو مجالسةِ شخصٍ هنديٍّ أو صينيٍّ خبيرٍ بالأرواحِ وعلاجها ، أو التحوّلُ إلى أي نحلةٍ مهدّأةٍ للأعصابِ ، أو زيارةُ أي عيادةٍ ، وما المانعُ من عبادةِ الموسيقى ، إذا كانتْ الموسيقى تعيدُ للرّوحِ توازنهُ ؟! ، ما دامَ أنّ الغرضَ من الأديانِ فقط تهذيبَ الرّوحِ ، ولا دخلَ لهُ بالواقعِ والحياةِ والمعاملاتِ !؟ .

يزعمُ تركي الحمدُ أنّ الإنسانَ هو محطّ كتاباتهِ ودراساتهِ ، وأنّهُ دائماً يبحثُ عن ما يجلبُ لهُ السعادةَ ، ويدفعُ عنهُ الشرّ والضررَ ، حتّى لو كانَ ذلكَ باسمِ الدينِ ! ، أو يُنسبُ للدينِ .

وهذه اللفتةُ الحانيةُ من تركي الحمدِ ، تجاهَ الإنسانيّةِ جمعاءَ ، تنكسرُ تماماً حينَ الكلامِ عن إسرائيلَ ، فهو في كلامهِ عن إسرائيلَ يتحوّلُ إلى شخصٍ هاديءٍ حانٍ مُسالمٍ ، ولا يرضى بالتهجّمِ على إسرائيلَ ، أو الدعوةِ لمقاومتها ، بل يدعو إلى احتواءِ إسرائيلَ ، ومسالمتها ، ويتحوّلُ الحمدُ بقدرةِ قادرٍ ، بعد الهجومِ الكاسحِ على الإسلاميينَ وعلى مشاريعهم ، يتحوّلُ إلى شخصٍ مسالمٍ يدعو للسلامِ مع إسرائيلَ وضرورةِ الأخذِ من التكنلوجيا الموجودةِ عندهم ، وكذلكَ احتوائهم واستيعابهم حضاريّاً ، يقولُ في هذا الحمدُ : " هذا كلامٌ سليمٌ ، ولكن عندما تصبحْ هناكَ تسويةٌ فإن التناطحَ قد يحيى هذا الجسمَ ، لأنّهُ لا يوجدُ بديلٌ آخرُ ، لأنّهُ لو استمرّينا في المقاومةِ فمن أينَ سنأتي بالأسلحةِ ؟ ..... أنتَ لستَ في موقفٍ لأن تقولَ لا ، وما يجري حالياً هو أنّنا ننعزلُ وتتقدمُ إسرائيلُ ، ولكن عندما نُجري التسويّةَ ، ونأخذُ نصيباً معيّناً لاحظوا كلمةَ معيّناً ! ومن خلالهِ نطمحُ لأشياءَ أخرى " .

ولا أستغربُ حقيقةً طريقةَ تعاملُ تركي الحمدِ مع إسرائيلَ ، فقد سبقهُ إلى ذلكَ الملحدِ الشهيرُ : عبدالله القصيمي ، والذي كان يرى في إسرائيلَ مثالاً أعلى للأخلاقِ والقيمِ والتطوّرِ ، وكانَ يقولُ : " إنّ بقاءَ إسرائيلَ ضرورةٌ " ! ، وممن سلكَ على هذا النهجِ ومشى عليهِ ، المفكّر الجزائري العلمانيّ المعروفُ : محمد أركون ، والذي ألقى محاضرةً حافلةً في المجتمعِ اليهوديّ في باريسَ ، في سنةِ 1986 م ، حيثُ أخذَ أركونُ يُعظّمُ من شأنِ اليهودِ ، ومدى تقدّمهم ، ودعى صراحةً إلى توثيقِ العلاقةِ معهم ، وضرورةِ التعايشِ معهم ، ونبذَ الجهادَ ، وأخذَ يصفهُ بأبشعِ الأوصافِ وأحطّها ! .

ولكَ أخي الكريمُ أن تتصوّرَ مدى ضررِ هذا المذهبِ وخطرهِ ، والذي يجعلُ التعاملَ مع المحتلِ من الضروراتِ الحضاريّةِ ، بل ويرى لزومَ التعايشِ معهُ واستيعابهُ ، وعدمَ مقاومتهِ ، ويا تُرى كيفَ سيكونُ حالُ تركي الحمدِ ، وأضرابهُ من علمانيِّ بلادنا ، فيما لو غزتْ أمريكا هذه البلادَ ، هل ستراهم يدعونَ للقتالِ ضدها ، ويقودونَ جحافلَ الغزاةِ والثوّارِ والمجاهدينَ ، أم سيكونونَ فرحينَ بقدومها ، ومعلنينَ لها الولاءَ التامَّ ، ومقدمينَ لها قرابينَ الطاعةِ ونُذرَ الولاءِ ؟.

ومن خلالِ تتبّعي لمقالاتِ الحمدِ وكتاباتهِ ، وكذلكَ نقدِ بعضِ المتابعينَ لهُ ولكتاباتهِ ، وجدتُ الرجلَ ينطبقُ عليهِ تماماً كما ذكرَ عوضٌ القرنيٌ مذهبُ الماديّةِ الليبراليّةِ ، فتركي الحمدُ ماديٌ حتّى النخاعِ ، ولا يجدُ القاريءُ في كتاباتهِ أي أثرٍ للديانةِ أو التديّنِ ، أو حتّى التأثّرِ العامِّ بمباديءِ الإسلامِ وشعائرهُ ، وهو يذكرني هنا بذلكَ الأحمقِ الذي هبّتْ على قومهِ وأهلهِ ريحٌ شديدةٌ ، فقاموا يجأرونَ إلى اللهِ بالدعاءِ ، ويطلبونَ منه الرّحمةَ ، فقالَ لهم ذلكَ الأحمقُ : يا قومُ لا تعجلوا بالتوبةِ ! ، فإنّما هي زوبعةٌ وتسكنُ ! .

ومن الصفاتِ الظاهرةِ بجلاءٍ لدى الحمدِ ، أنّ لديهِ إمساكاً معرفيّاً وإسهالاً فكريّاً ، فهو في المعرفةِ والعلمِ صفرُ اليدينِ تماماً ، ولكنّهُ في الكتابةِ والتنظيرِ مكثرٌ جدّاً ، ويكتبُ في كلِّ شيءٍ ، فمرّةً سياسيٌ ، ومرةً أديبٌ ، وأخرى محلّلٌ ، ورابعةٌ يكتبُ في نقدِ التراثِ ، وخامسةً في نقدِ العقلِ العربيِّ ، وسابعةً يحشرُ نفسهُ في طبقةِ نخبة النخبةِ ، وهذا الفضولُ والتخبّطُ وعدمِ الانضباطِ في الكتابةِ ، جعلَ كبارَ التغريبيينَ والعلمانيينَ ينتقدونَ تركي الحمدَ ، بل ويوسعونهُ ذمّاً ، حيثُ سمّاهُ : فؤاد زكرياء بـ " ثائر بلا قضيّةٍ " ، وغازي القصيبي نصحهُ بتركِ الرّوايةِ ، لأنّهُ لا يعرفُ أصولها ! ، وقال عنهُ الغذامي في أحد المجلاتِ : " لو مكثَ الحمدُ طولَ حياتهِ يكتبُ لما كتبَ روايةَ واحدةً جيدةً " ، وفي صنعاءَ لقيَ تركي الحمدُ انتقاداً عنيفاً جدّاً من المفكّر اليساري المعروفِ : حسن حنفي .

بقيَ أن نعرفَ أنّ تركي الحمدَ ، يصوّرُ للعالمِ أجمع ، أنّ التعليمَ السعوديَّ يُخرّجُ الإرهابيينَ ، وأنّ نظامَ التعليمِ لدينا نظامٌ يحتاجُ إلى تعديلٍ ، واستدلَّ على ذلكَ بأنّ أحدَ أسئلةِ مادةِ الرياضياتِ فيها سؤالٌ ، يطلبُ ذكرَ عددِ المجاهدينَ في أحدِ الغزاوتِ ، وذلكَ في لقاءهِ المشهورِ مؤخراً في إذاعةِ Bbc ، وهو في كلِّ مناسبةٍ يتكلّمُ عن مجتمعنا على أنّهُ متأثّرٌ بالفكرِ الإقصائيِّ الأحاديِّ ، ووقعَ في يدي أثناءَ سماعي لكلامِ الحمدِ عن التعليمِ السعوديِّ ، عددٌ من مجلةِ المجلّةِ ، وكانت قد نشرتْ تقريراً مقتضباً ، عن تقريرٍ أعدتهُ لجنةٌ أمريكيّةٌ مخوّلةٌ بدارسةِ المناهجِ السعوديّةِ ، ثمّ قدمتهُ إلى الإدارةِ الأمريكيّةِ ، وممّا جاءَ في ذلكَ التقريرِ ، من العباراتِ التي عُدّتْ تطرفاً وغلواً وإرهاباً هذه العبارةُ : " التلميذُ حاتمٌ يتمنّى أن يُعطيهُ اللهُ الشجاعةَ والإيمانَ ، ليكونَ مجاهداً في سبيلِ اللهِ ، مثلَ سعدِ بنِ أبي وقّاصٍ " .

لاحظوا معي التشابهَ الكبيرَ جداً إلى حدِّ التطابقِ في فكرةِ التقريرِ الأمريكيِّ ، وفي نقدِ تركي الحمدِ للمناهجِ السعوديّةِ ، لكأنّهما واللهِ خرجا من زبالةٍ واحدةٍ ، وهذا يؤكّدُ للجميعِ أنّ تركي الحمدَ عدوٌ أمريكيٌ بثيابٍ سعوديّةٍ ، حيثُ أنّ كلامهُ وطرحهُ وافقَ تماماً الطرحَ الأمريكيَّ سواءً في الأهدافِ ، أو في المنتقداتِ .

ولعلّي هنا أنقلُ لكم كلامَ أحدِ التغريبيينَ التركيينَ ، وهو آغا أوغلي أحمد وهو من غلاةِ القوميين التركيينَ ، قالَ : " إنّنا عزمنا على أن نأخذَ كلّ ما عندَ الغربيينَ حتى الالتهاباتِ التي في رئيهم ، والنّجاساتِ التي في أمعائهم " ، وهذا الكلامُ ترجمةُ حرفيّةٌ لما يقومُ بهِ تركي الحمدِ ، وما يدعو إليهِ ، من ضرورةِ الذوبانِ في المجتمعِ الغربيِّ ، وضرورةِ التعايشِ معهُ ، وتقبّلهِ كما هو ، والتخلّي عن الخصوصياتِ والأصالةِ ، كما عبّرَ عن ذلكَ بوضوحٍ وجلاءٍ في : ( خصوصياتُنا والعولمةُ ) .

ظهرَ الآن لنا مدى تهافتِ طرحِ تركي الحمدِ ، ومدى ميلهِ بكلّيتهِ نحوَ الغربِ ، واستهتارهِ بجميعِ ثوابتِ المجتمعِ ، وحربهِ الضروسِ عليها ، وعلى المقدّساتِ الدينيّةِ ، ممّا يوجبُ على أهلِ الحلِّ والعقدِ وجوبَ الوقوفِ ضدّهِ ، والحجرِ عليهِ وعلى فكرهِ المنحرفِ ، ولا بأسَ بإقحامهِ في مستشفى للأمراضِ العقليّةِ ، حتى يُشفى من مرضِ التخبّطِ والقلقِ ، والذي جعلهُ يُظهرُ للجميعِ أنّ الإسلاميينَ يريدونَ تصفيتهُ وأنّهم يتآمرونَ ضدّهُ ، وأنّهم يقعدونَ لهُ بكلِّ مرصدٍ ، ممّا حداهُ إلى التظلّمِ لدى بعضِ المسئولينَ ، وكذلك شكايةَ حالهِ في الخارجِ ، لدى المتسكّعينَ من مثقفي العربِ الصعاليكِ ، وإظهارِ أنّهُ مضطهدٌ لفكرهِ ولعبقريتهِ !! .

وإنّهُ ليذكرني بقصّةٍ تراثيّةٍ قديمةٍ ، تظهرُ حالَ من يُبالغُ في وصفِ عدوّهُ ، ليرفعَ من شأنِ نفسهِ ، وكيفَ أنّ عدوّهُ يُهاجمهُ دائماً ، ويرغبُ في وأدهِ ووأدِ فكرهِ وعلمهِ ، وذلكَ أنّ شيخاً مدينيّاً دخلَ على صديقهِ وهو مذعورٌ جدّاً ، فقالَ لهُ صيدقهُ : ما وراءكَ ؟ ، فقالَ المدينيُّ : في بيتي ذبابٌ أزرقُ كلّما دخلتُ عليهِ ثارَ في وجهي وهاجمني ، وطارَ حولي وطنّ في أذني ، فإذا وجدَ منّي غفلةً لم يُخطىء موقَ عيني ، هذا واللهِ دأبي ودأبهُ منذُ دهرٍ ، فقالَ لهُ صديقهُ : إنّ شبهَ الذبابِ بالذبابِ كشبهِ الغرابِ بالغرابِ ، فلعلَّ الذي آذاكَ اليومَ غيرُ الذي آذاكَ أمسِ ! ، فقالَ المدينيُّ : أعتِقُ ما أملكُ إن لم أكنْ أعرفهُ بعينهِ منذُ خمس عشرةَ سنة ! .

ولعلي أختمُ بمزحةٍ ثقيلةٍ جدّاً من تركي الحمدِ ، حينما سُئلَ عن موقفِ النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ ، من كتاباتهِ ورواياتهِ ، فيما لو كانَ حيّاً ورآها ، فأجابَ تركي الحمدُ قائلاً : " سيقرأها الرسولُ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم ولن يقولَ لي أكثرَ من : غفرَ اللهُ لكَ " . ! .

وحالُ تركي الحمدِ مثلُ حالِ ذلكَ الرّجلِ الذي زنى ، فحملتْ منهُ المرأةُ التي زنى بهِ ، فقيلَ لهُ : هلاّ عزلتَ عن المرأةِ حتى لا تحملَ ؟ فقالَ الزاني : العزلُ مكروهٌ ! ، والحمدُ كذلكَ يأتي إلى أصولِ الدينِ ليهدمها ، وشرائعِ الإسلامِ لينقضها ، ثمّ يقولُ في كلِّ براءةٍ : سيغفرُ لي رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ ! .

اللهمّ إنّا نعوذُ بكَ من شقوةِ هذا الرجلِ ، ونعوذُ بكَ أن تضلّنا بعدَ إذ هديتنا ، على اللهِ توكّلنا ، ربّنا افتحْ بيننا وبينَ تركي الحمدِ بالحقِّ ، وأنتَ خيرُ الفاتحينَ


منقوووووووووووووووووووووو ول






التوقيع

[

رد مع اقتباس
قديم 02-29-2008, 06:29 PM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو

 
إحصائية العضو






اخر مواضيعي
 

خالد الياسي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: قراءة في مخ تركي الحمد

والله ما يستحق الذكر حتى

وشكرا لك اخي هذلي قديم






التوقيع



عوده للذكريات

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
هل الإشراف على المنتدى أفضل أم قراءة القرآن وفعل الطاعات ؟ فهد الطلحي الهذلي المجلس العام 6 12-27-2007 04:48 PM
بعد قراءة هذا الموضوع لن تتوقف عن ذكر الله الهذلية المجلس العام 13 12-12-2007 02:33 PM
قراءة وتحليل للقاءات الجوله الخامسه من الدوري فـتى هذيل المجلس العام 5 09-25-2007 09:37 PM
الحكمه من قراءة سورة الكهف كل جمعه لاحق المطرفي المجلس العام 4 07-31-2007 04:28 AM
قراءة صادقة لسورة الفاتحة سلطان السويهري المجلس العام 1 12-14-2005 07:47 AM


الساعة الآن 11:25 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
الحقوق محفوظة لشبكة هذيل