غَيرِي بأكْثرِ هذا النّاسِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المتنبي
[poem=font="Simplified Arabic,5,#0000ff,bold,normal" bkcolor="" bkimage="" border="none,1," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,"]
غَيرِي بأكْثرِ هذا النّاسِ يَنْخَدِعُ=إنْ قاتَلُوا جَبُنوا أوْ حدّثوا شجُعُوا
أهلُ الحَفيظَةِ إلاّ أنْ تُجَرّبَهُمْ=وَفي التّجارِبِ بَعد الغَيّ ما يَزَعُ
وَما الحيَاةُ ونَفسي بَعدَمَا عَلِمَتْ=أنّ الحَياةَ كَما لا تَشتَهي طَبَعُ
لَيسَ الجَمالُ لِوَجْهٍ صَحّ مارِنُهُ،=أنْفُ العَزيزِ بقَطعِ العِزّ يُجْتَدَعُ
أأطرَحُ المَجْدَ عَنْ كِتْفي وَأطْلُبُهُ=وَأتْرُكُ الغَيثَ في غِمْدي وَأنْتَجعُ
وَالمَشْرَفِيّةُ لا زَالَتْ مُشَرَّفَةً=دَواءُ كلّ كَريمٍ أوْ هيَ الوَجَعُ
وفارِسُ الخَيْلِ مَن خَفّتْ فوَقّرَهَا=في الدّرْبِ والدّمُ في أعطافِهِ دُفَعُ
فَأوْحَدَتْهُ وَما في قَلْبِهِ قَلَقٌ=وَأغضَبَتْهُ وَمَا في لَفْظِهِ قَذَعُ
بالجَيْشِ تَمْتنعُ السّاداتُ كُلّهُمُ=وَالجَيشُ بابنِ أبي الهَيْجاءِ يَمتَنِعُ
قَادَ المَقانِبَ أقصَى شُرْبِها نَهَلٌ=على الشّكيمِ وَأدْنَى سَيْرِها سَرَعُ
لا يَعْتَقي بَلَدٌ مَسراهُ عَنْ بَلَدٍ=كالمَوْتِ لَيسَ لَهُ رِيٌّ وَلا شِبَعُ
حتى أقامَ عَلى أرْباضِ خَرْشَنَةٍ=تَشْقَى بهِ الرّومُ والصّلبانُ والبِيَعُ
مُخْلًى لَهُ المَرْجُ مَنْصُوباً بصارِخَةٍ=لَهُ المَنابِرُ مَشْهُوداً بهَا الجُمَعُ
يُطَمّعُ الطّيرَ فيهِمْ طُولُ أكْلِهِمِ=حتى تَكادَ على أحيَائِهِمْ تَقَعُ
وَلَوْ رَآهُ حَوَارِيّوهُمُ لَبَنَوْا=على مَحَبّتِهِ الشّرْعَ الذي شَرَعُوا
لامَ الدُّمُستُقُ عَينَيْهِ وَقَدْ طَلَعَتْ=سُودُ الغَمَامِ فَظَنّوا أنّها قَزَعُ
فيها الكُماةُ التي مَفطومُها رَجُلٌ=على الجِيادِ التي حَوْلِيُّهَا جَذَعُ
يَذري اللُّقَانُ غُباراً في مَنَاخِرِهَا=وَفي حَناجِرِهَا مِن آلِسٍ جُرَعُ
كَأنّهَا تَتَلَقّاهُمْ لِتَسْلُكَهُمْ=فالطّعْنُ يَفْتَحُ في الأجْوَافِ ما يسعُ
تَهْدِي نَواظِرَهَا وَالحَرْبُ مُظلِمَةٌ=مِنَ الأسِنّةِ نَارٌ وَالقَنَا شَمَعُ
دُونَ السَّهَامِ وَدُونَ القُرّ طَافِحَةٌ=عَلى نُفُوسِهِمِ المُقْوَرّةُ المُزُعُ
إذا دَعَا العِلْجُ عِلجاً حالَ بَيْنَهُمَا=أظْمَى تُفَارِقُ مِنهُ أُخْتَهَا الضِّلَعُ
أجَلُّ مِنْ وَلَدِ الفُقّاسِ مُنكَتِفٌ=إذْ فاتَهُنّ وَأمضَى منهُ مُنصَرِعُ
وَمَا نَجَا مِنْ شِفارِ البِيضِ مُنفَلِتٌ=نَجَا ومِنْهُنّ في أحْشَائِهِ فَزَعُ
يُبَاشِرُ الأمْنَ دَهْراً وَهْوَ مُختَبَلٌ=ويَشرَبُ الخَمْرَ حَوْلاً وهوَ ممتقَعُ
كَمْ مِنْ حُشاشَةِ بِطْرِيقٍ تضَمّنَها=للباتِراتِ أمِينٌ مَا لَهُ وَرَعُ
يُقاتِلُ الخَطْوَ عَنْهُ حِينَ يَطلُبُهُ=وَيَطرُدُ النّوْمَ عَنْهُ حينَ يَضْطَجعُ
تَغدو المَنَايا فَلا تَنْفَكّ وَاقِفَةً=حتى يَقُولَ لهَا عُودي فَتَنْدَفعُ
قُلْ للدُّمُسْتُقِ إنّ المُسْلَمينَ لَكُم=خانُوا الأميرَ فجازاهُمْ بما صَنَعُوا
وَجَدْتُمُوهُمْ نِيَاماً في دِمائِكُمُ=كأنّ قَتْلاكُمُ إيّاهُمُ فجَعُوا
ضَعْفَى تَعِفّ الأيَادي عَنْ مِثالِهِمِ=منَ الأعادي وَإنْ هَمّوا بهم نَزَعوا
لا تَحْسَبُوا مَن أسرْتم كانَ ذا رَمَقٍ=فَلَيْسَ يأكُلُ إلاّ المَيْتَةَ الضبُعُ
هَلاّ على عَقَبِ الوادي وقد طَلَعَتْ=أُسْدٌ تَمُرّ فُرادَى لَيسَ تجتَمعُ
تَشُقّكُمْ بفَتَاهَا كُلُّ سَلْهَبَةٍ=والضّرْبُ يأخذُ منكُم فوْقَ ما يدَعُ
وَإنّما عَرّضَ الله الجُنُودَ بِكُمْ=لكَيْ يَكونوا بلا فَسْلٍ إذا رَجعوا
فكُلّ غَزْوٍ إلَيكُمْ بَعدَ ذا فَلَهُ=وَكُلّ غازٍ لسَيْفِ الدّوْلةِ التّبَعُ
تَمْشِي الكِرامُ على آثارِ غَيرِهِمِ=وَأنتَ تَخْلُقُ ما تأتي وَتَبْتَدِعُ
وَهَلْ يَشينُكَ وَقتٌ كنتَ فَارِسَهُ=وَكانَ غيرَكَ فيهِ العاجِزُ الضَّرَعُ
مَن كانَ فوْقَ مَحلّ الشّمسِ موْضِعُه=فَلَيْسَ يَرْفَعُهُ شيءٌ وَلا يَضَعُ
لم يُسلِمِ الكرُّ في الأعقابِ مُهْجَتَهُ=إنْ كانَ أسلَمَها الأصْحابُ وَالشِّيَعُ
لَيتَ المُلُوكَ على الأقدارِ مُعْطِيَةٌ=فلَمْ يكُنْ لدَنيءٍ عندَهَا طَمَعُ
رَضِيتَ مِنهُمْ بأنْ زُرْتَ الوَغى فرَأوْا=وَأن قرَعتَ حَبِيكَ البَيضِ فاستَمَعوا
لَقد أباحَكَ غِشّاً في مُعامَلَةٍ=مَن كنتَ منهُ بغَيرِ الصّدقِ تَنتَفعُ
الدّهْرُ مُعتَذِرٌ والسّيفُ مُنْتَظِرٌ=وَأرْضُهُمْ لَكَ مُصْطافٌ وَمُرْتَبَعُ
وَمَا الجِبَالُ لنَصْرانٍ بحَامِيَةٍ=وَلَوْ تَنَصّرَ فيها الأعصَمُ الصَّدَعُ
وَمَا حَمِدْتُكَ في هَوْلٍ ثَبَتَّ بِهِ=حتى بَلَوْتُكَ وَالأبْطالُ تَمتَصِعُ
فَقَدْ يُظَنّ شُجاعاً مَنْ بِهِ خَرَقٌ=وَقَدْ يُظَنّ جَبَاناً مَنْ بِهِ زَمَعُ
إنّ السّلاحَ جَميعُ النّاسِ تَحْمِلُهُ=وَلَيسَ كلُّ ذواتِ المِخْلَبِ السَّبُعُ[/poem]
|