الجرثومة والأرومة ؟
الجرثومة والأرومة :
تظل اللغة العربية وألفاظها بحراً زاخراً بالدرر النفيسة، والفرائد العجيبة، والجواهر النادرة، التي لطالما شدتنا إليها، وأبهرتنا بسحرها وعتقها.
وبين يدي كلمتان عربيتان مهجورتان، تم تناسيهما، فأصبحتا في دار غربة،ومفترق طرق، أبعد الناس عن استخدامها، فذوى مجدهما، وتداعت عليها الكلمات والمعاني والألفاظ، فأصبحت لهما معانٍ مستحدثة؛ كادت أن تنسينا وجهاً سائغاً أصيلاً لها.
وقد دفعني لكتابة الموضوع، أحد الأساتذة الفضلاء، إذ أوجس من هذه الكلمة خيفة، أو هكذا خُيّل إلي .. وهو من هو؛ مكانة ومنزلة لدي، وهو بموضع التقدير والإجلال والتوقير من نفسي، وهو كالروح إلى الجسد، وكالنسيم العليل، والماء البارد القراح، للعطش المتعب، ومثل ما أوجزت وأكثر ..
فالجُرْثُومة ؛ من معانيها في لسان العرب : الأصل؛ وجُرْثُومة كل شيء أَصلُه ومُجْتَمَعُه، وتَجَرْثَم الرجلُ: اجتمع. وروي عن بعضهم: الأَسْدُ جُرْثُومةُ العربِ فمن أَضَلَّ نَسَبه فليأْتهم؛ وتدعى بالأريمة (تصغير الأرمة، وأرومة الشيء: أصله)
والجرثومة : تقع في تصانيف النسابين مرادفة لبيت وحي ورهط وعقيلة وأرومة.
قال زهير:
له في الذاهبين أروم صدق ... وكان لكل ذي حسب أروم
وقال آخر :
حقاً إن كل الحسن في العرب ،،،،،، وأنهم جرثومة الفضل وأرومة الأدب
سليمان النحوي في كتابه اتفاق المباني وافتراق المعاني :
يقال في المدح فلان كريم المحتد أي الأصل والجمع المحاتد والمنصب والجمع المناصب والنصاب والمنبت والمغرس والجمع المغارس والعنصر والجمع العناصر والجذم والأرومة والضيضئ والمركب والجرثومة والعيص والمنتصى
قال أبو تمام الطائي يمدح المعتصم ويصفه بأنه جرثومة الدين والإسلام والحسب :
خليفةَ الله جَازَى اللهُ سَعْيــكَ عن ،،جُرثومةِ الدّينِ والإســـلام والحَسَبِ
نثر: صبح الأعشى :
وكان الأبوان في أهل الفخار من جرثومة بسقا وأرومة تفرقت فروعها ثم تلاقى منها غصنان واعتنقا من بيت ما حجبه إلا مواضي الصفاح ولا شبهه إلا طلائع الأسنة في رؤوس الرماح
شعر: التميمي في منصور بن زياد :
( كنا كغصنين في جرثومة سمقا ... حينا بأحسن ما يسمو له الشجر )
( حتى إذا قيل قد طالت فروعهما ... وطاب فيآهما واستنظر الثمر )
( أخنى على واحدي ريب الزمان وما ... يبقي الزمان على شيء ولا يذر )
( كنا كأنجم ليل بينها قمر ... يجلو الدجى فهوى من بينها القمر )
|