وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ
{وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}
السؤال
يقول الله عز وجل
في سورة الأنفال:
{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}
ما معنى
{ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}
الجواب
هذه الآية في سياق ما ذكر الله سبحانه وتعالى
من مكيدة المشركين ومكرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم
حينما تآمروا على قتله وترصدوا له ينتظرون خروجه
فأخرجه الله من بينهم ولم يشعروا به
وذهب هو وأبو بكر الصديق رضي الله عنه
واختبيا في غار ثور قبيل الهجرة إلى المدينة
ثم إن الله سبحانه وتعالى صرف أنظارهم حينما وصلوا إلى الغار
والنبي صلى الله عليه وسلم مختبئ فيه هو وصاحبه
ووقفوا عليه ولم يروه
حتى إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه
قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لأبصرنا
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
(يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما)
رواه الإمام البخاري في "صحيحه"
فأنزل الله جل وعلا:
{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ
إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا
وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
هذا هو المكر الذي مكره الله جل وعلا لرسوله
بأن أخرجه من بين أعدائه
ولم يشعروا به مع حرصهم على قتله وإبادته
ثم إنهم خرجوا في طلبه ووقفوا على المكان الذي هو فيه
ولم يروه لأن الله صرفهم عنه
كما قال تعالى:
{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ
وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}
وهذا المكر المضاف إلى الله جل وعلا والمسند إليه
ليس كمكر المخلوقين
لأن مكر المخلوقين مذموم
وأما المكر المضاف إلى الله سبحانه وتعالى فإنه محمود
لأن مكر المخلوقين معناه
الخداع والتضليل وإيصال الأذى إلى من لا يستحقه
أما المكر من الله جل وعلا فإنه محمود
لأنه إيصال للعقوبة لمن يستحقها فهو عدل ورحمة
|