مجنون ليلى بين الحقيقه والاسطوره
الاخوه أعضاء شبكة مجالس هذيل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيرا ماترسخ امور في اذهان الناس حتى تصبح من المسلمات لديهم وهي في الاصل محل شك وعرضه للنسف في روايتها وربما تصل الامور الى إنكار وجودها اصلا
ومن هذه الامور - وهو محور حديثنا هنا - شاعر وقصته المشهوره لدى العامه قبل اهل الاختصاص تناقل أشعارها و اخبارها الاجيال تلو الاجيال
بل اصبحت مضرب للامثال في العشق والوفاء
هنا نتحدث عن ( المجنون ) او ( مجنون بني عامر ) او مايطلق عليه الاكثريه ( قيس بن الملوح )
ليس هنا مكان لذكر قصته - المنقوله - مع ابنة عمه ( ليلى العامريه ) وقصة عشقهما وزواجها من شخص اخر وهيامه بل وجنونه بها وقصائده التي تنقلها الروايات المتعدده حتى انه لم يعد يعرف الا بالمجنون
في هذا الموضوع انقل لكم رأي مهم من إحدى أهم كتب الادب العربي يحتوي على عدة أراء من علماء ومؤرخين لهم مكانتهم العلميه في مثل هذه الامور
ويتركز محور الموضوع على مصداقية وجود ( شاعر يدعى قيس بن الملوح العامري الملقب بالمجنون او مجنون ليلى ) وذلك نقلا عن كتاب ( الاغاني لأبي فرج الاصفهاني ) الجزء الثاني باب أخبار مجنون بني عامر ونسبه
نقل بداية نسبه وتصحيح اسمه في مانصه (( هو - على ما يقوله من صحح نسبه وحديثه - قيسٌ، وقيل: مهدي، والصحيح أنه قيس بن الملوح بن مزاحم بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة.))
نجده هنا ابتدا بقوله (على ما يقوله من صحح نسبه وحديثه ) أي ان امر حديثه ونسبه فيه نظر
وبعد ذلك وتحت عنوان ( اختلاف الرواة في وجوده ) وهو العنوان الاهم في موضوعنا
فقال المصنف (( وأخبرني حبيب بن نصر المهلبي وأحمد بن عبد العزيز الجوهري عن ابن شبة عن الحزامي قال حدثني أيوب بن عباية قال: سألت بني عامرٍ بطناً بطناً عن مجنون بني عامر فما وجدت أحداً يعرفه ))
ونقل ايضا (( وأخبرني عمي قال حدثنا أحمد بن الحارث عن المدائني عن ابن دأبٍ قال: قلت لرجل من بني عامر: أتعرف المجنون وتروي من شعره شيئاً؟ قال: أو قد فرغنا من شعر العقلاء حتى نروي أشعار المجانين! إنهم لكثيرٌ! فقلت: ليس هؤلاء أعني، إنما أعني مجنون بني عامر الشاعر الذي قتله العشق، فقال: هيهات! بنو عامر أغلظ أكباداً من ذاك، إنما يكون هذا في هذه اليمانية الضعاف قلوبها، السخيفة عقولها، الصعلة رؤوسها، فأما نزار فلا.))
ونقل عن الاصمعي (( رجلان ما عرفا في الدنيا قط إلا بالاسم: مجنون بني عامر، وابن القرية، وإنما وضعهما الرواة ))
ونجده هنا ايضا ينقل لنا خبر يؤكد وجوده بقوله (( وأخبرنا أحمد بن عبد العزيز قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثني عبد الله بن أبي سعد عن الحزامي قال: ولم أسمعه من الحزامي فكتبته عن ابن أبي سعد قال أحمد: وحدثنا به ابن أبي سعد عن الحزامي قال حدثنا عبد الجبار بن سعيد بن سليمان بن نوفل بن مساحقٍ عن أبيه عن جده قال: سعيت على بني عامر فرأيت المجنون وأتيت به وأنشدني ))
وقال ايضا (( أخبرني الحسين بن يحيى وأبو الحسن الأسدي قالا: حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه قال: اسم المجنون قيس بن معاذ أحد بني جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ))
وقد اورد روايه اخرى جديده بقوله (( قيل إن فتى من أمية نحله شعره وأخبرني عمي عن الكراني قال حدثنا ابن أبي سعد عن علي بن الصباح عن ابن الكلبي قال: حدثت أن حديث المجنون وشعره وضعه فتىً من بني أمية كان يهوى ابنة عم له، وكان يكره أن يظهر ما بينه وبينها، فوضع حديث المجنون وقال الأشعار التي يرويها الناس للمجنون ونسبها إليه ))
وتحت عنوان ( لقب بالمجنون كثير غيره وكلهم كان يشبب بليلى )) نقل لنا هذه الروايه مانصها (( وأخبرني عمر بن عبد الله بن جميلٍ العتكي قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا الأصمعي قال: سألت أعرابياً من بني عامر بن صعصعة عن المجنون العامري فقال: عن أيهم تسألني؟ فقد كان فينا جماعةٌ رموا بالجنون، فعن أيهم تسأل؟ فقلت: عن الذي كان يشبب بليلى، فقال: كلهم كان يشبب بليلى، قلت: فأنشدني لبعضهم، فأنشدني لمزاحم بن الحارث المجنون:
ألا أيها القلب الذي لج هائمـاً
بليلى وليداً لم تقطع تمائمـه
أفق قد أفاق العاشقون وقد أنى
لك اليوم أن تلقى طبيباً تلائمه
أجدك لا تنسيك ليلى مـلـمةٌ
تلم ولا عهدٌ يطول تقـادمـه
قلت: فأنشدني لغيره منهم، فأنشدني لمعاذ بن كليبٍ المجنون:
ألا طالما لاعبت ليلى وقـادنـي
إلى اللهو قلبٌ للحسان تـبـوع
وطال امتراء الشوق عيني كلما
نزفت دموعاً تستـجـد دمـوع
فقد طال إمساكي على الكبد التي
بها من هوى ليلى الغداة صدوع
قلت: فأنشدني لغير هذين ممن ذكرت، فأنشدني لمهدي بن الملوح:
لو أن لك الدنيا وما عدلت به
سواها وليلى بائنٌ عنك بينها
لكنت إلى ليلى فقيراً وإنمـا
يقود إليها ود نفسك حينهـا
قلت له: فأنشدني لمن بقي من هؤلاء، فقال: حسبك! فوالله إن في واحد من هؤلاء لمن يوزن بعقلائكم اليوم.
أخبرني محمد بن خلفٍ وكيعٌ قال حدثنا أحمد بن الحارث الخراز قال قال ابن الأعرابي: كان معاذ بن كليب مجنوناً، وكان يحب ليلى، وشركه في حبها مزاحم بن الحارث العقيلي، فقال مزاحمٌ يوماً للمجنون:
كلانا يا معـاذ يحـب لـيلـى
بفي وفيك من ليلى الـتـراب
شركتك في هوى من كان حظي
وحظك من مودتها الـعـذاب
لقد خبلت فـؤادك ثـم ثـنـت
بقلبي فهو مخبـولٌ مـصـاب
قال فيقال: إنه لما سمع هذه الأبيات التبس وخولط في عقله.
وتحت عنوان (( انكار وجوده والقول بأن شعره مولد عليه ))
اورد لنا عدة روايات منها على سبيل المثال لا الحصر مارواه عن الجاحظ بقوله (( ما ترك الناس شعراً مجهول القائل قيل في ليلى إلا نسبوه إلى المجنون، ولا شعراً هذه سبيله قيل في لبنى إلا نسبوه إلى قيس بن ذريح ))
وهنا روايه اخرى مهمه ايضا (( أخبرني عيسى بن الحسين الوراق قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثني إسحاق قال: أنشدت أيوب بن عباية هذين البيتين:
وخبرتمانـي أن تـيمـاء مـنـزلٌ
لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا
فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت
فما للنوى ترمي بليلى المـرامـيا
وسألته عن قائلهما، فقال: جميلٌ، فقلت له: إن الناس يروونهما للمجنون، فقال: ومن هو المجنون؟ فأخبرته، فقال: ما لهذا حقيقةٌ ولا سمعت به ))
هذا ماتيسر لنا نقله من الكتاب ولو انه يسرد روايات اخرى وبطرق شتى ربما تبرهن على عدم وجود المجنون
والناظر للامر بزاويه عقلانيه يرى ماراه الاصفهاني او مايحاول ايصاله للقارئ الكريم
ولاغنى عن ردودكم ومداخلاتكم في الموضوع
والله من وراء القصد
اخوكم الفند الضبيبي
|