أولا:التعريف بالمقام:هو الحجر الذي كان إبراهيم عليه السلام يقف عليه عند بناء الكعبة وذلك حين ارتفع البناء شق عليه رفع الحجارة؛ فعند البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((فجعل إبراهيم يبني و إسماعيل يناوله الحجارة و يقولان:
(البقرة: الآية 127)
حتى ارتفع البناء و ضعف الشيخ عن نقل الحجارة فقام على حجر المقام فجعل إسماعيل يناوله الحجارة)).
وفي هذا الحجر أثر قدمي إبراهيم عليه السلام وتلك آية من آيات الله وعبرة للمؤمنين قال تعالى:
(آل عمران: الآية 97)
وذلك لأن هذا العمل -نعني بناء الكعبة- من أحب الأعمال إلى الله وأجّلها قال مجاهد بن جبر المكي في قوله تعالى:
(آل عمران: الآية 97)
أي قدمه في المقام آية بينة، أخرجه الطبري في تفسره، ويقع المقام في الجهة الشرقية من الكعبة، قبالة باب الكعبة المشرفة. ثانياً فضائله و خصائصه:
المقام من يواقيت الجنة فقد اخرج الحاكم و صححه ابن خزيمة و ابن حبان في صحيحهما عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الركن و المقام ياقوتتان من الجنة طمس الله نورهما ولولا ذلك لأضاءتا مابين المشرق و المغرب)).
وهو من مشاعر الحج و العمرة قال تعالى:
(البقرة: الآية 125)
ومما خص الله به المقام حفظه له من تدنيس المشركين بالعبادة مع ما دأبوا عليه من تعظيم الأحجار فلم يعبده أهل الجاهلية والله في هذا الحكمة البالغة لئلا يقال إن الإسلام أقر تعظيم بعض ما كانت الجاهلية تعظمه من الأصنام. ثالثا:أحكام المقام:
يشرع أن يصلي الطائف عقب طوافه ركعتين خلف المقام بحيث يكون المقام بينه و بين الكعبة، لقوله تعالى :
(البقرة: الآية 125)
وفي المتفق عليه عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((قدم النبي صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعاً وصلى خلف المقام ركعتين)) وفي حديث جابر في صفة حجه صلى الله عليه وسلم قال: ((ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ
فجعل المقام بينه و بين البيت)) (أخرجه مسلم).
ويشرع أن يقرأ في الركعتين مع الفاتحة في الأولى سورة الكافرون وفي الثانية سورة الإخلاص: لما جاء في حديث جابر الآنف الذكر: ((أنه صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين قل هو الله احد وقل يا أيها الكافرون)) (أخرجه مسلم).
ومن السنن التي يغفل عنها كثير من الناس قراءة الآية :
قبيل الركعتين؛ لما جاء في حديث جابر في صفة حجه صلى الله عليه وسلم وفيه انه صلى الله عليه وسلم نفذ إلى مقام إبراهيم -يعني بعد الطواف- فقرأ
وهاتان الركعتان تشرعان بعد كل طواف، في أي ساعة من الليل أو النهار لحديث جبير بن مطعم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يا بني عبد منف لا تمنعوا أحداً طاف بالبيت و صلى أية ساعة من ليل أو نهار)) أخرجه أحمد و النسائي وأبو داود و الترمذي و صححه. رابعاً:المخالفات المتعلقة بالمقام:
منها التمسح و التبرك و اعتقاد النفع و الضر فيه وكل ذلك لا يجوز بل هو من ذرائع الشرك أعظم الذنوب.
ومنها الوقوف بعد صلاة ركعتين للدعاء وذلك لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل ((خذو عني مناسككم)).
منها استقبال المقام دون الكعبة وذلك لا يجوز.
منها مزاحمة الناس لغرض الصلاة خلف المقام عند اشتداد الزحام، لاعتقاد وجوب ذلك وهو خطأ فصلاة هاتين الركعتين تجزئ في أي مكان خصوصاً عند الازدحام، وقد صلى عمر رضي الله عنه هاتين الركعتين بذي طوى كما ورده الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه.