الخليفة المنصور سنة من السنين فسمع رجلاً يقول في الطواف:
اللهم إني أشكوا إليك ظهور البغي والفساد في الأرض، وما يحول
بين الحق وأهله من الظلم والطمع! فاستدعاه فقال له: ما هذا
الذي تدعو به؟ ومن الذي دخله الطمع والظلم؟ فقال الرجل:
إن الذي دخله الطمع حتى حال بينه وبين الحق، وإصلاح ما ظهر
من البغي والفساد في الأرض هو أنت! قال المنصور: ويحك! وكيف
يدخلني الطمع، والصفراء والبيضاء في يدي والحلو والحامض
في قبضتي؟ قال: يا أمير المؤمنين إن الله استرعاك أمور رعيته
وأموالهم، فأغفلت أمورهم واهتممت بجمع أموالهم، وجعلت
بينك وبينهم حجابًا معهم السلاح واتخذت وزراء وأعوانًا ظلمة، إن نسيت
لم يذكروك، وإن ذكرت لم يعينوك، وقالوا هذا قد خان الله فما لنا لا
تخونه وقد سخر لنا؟ فأتمروا على أن لا يصل إليك من علم أخبار الناس
شيء إلا ما أرادوا، وألا يخرج لك عامل فيخالف لهم أمرًا إلا أقصوه
حتى تسقط منزلته ويصغر قدره، فما بقاء الإسلام وأهله على هذا؟
فقال المنصور: كيف أفعل ولم أر من الناس إلا خائنًا؟ قال الرجل:
الزم الحق يتبعك أهله، وانتصر للمظلوم من الظالم، وامنع المظالم،
وأنا ضامن على أن من هرب منك من أهل الخير أن يأتيك فيعاونك على
صلاح أمرك ورعيتك، فقال المنصور: اللهم وفقني لذلك.
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغيناالعزة في غيره أذلنا الله