أرى أثر الغـــيوم ولا رعودٌ
تقول أسىً ، فقلت لها حـريق ** بشـــدة ناره صدري يضيق
تسافر بي الجراح فليت شعري ** متى يحنو على قدمي الطريق
أخوض بزورقي بحر المآسي ** ودون مقاصدي بعدٌ سحــيق
يخادعني العدوُّ فما أبـــالي ** وأبكي حين يخـدعني الصديق
أفول لمن يعرقل سير شـعري ** ويحســــبني لمنحته أتوق
أرح يا صاحبي عقــلاً وقلباً ** فحــبل الدين في قلبي وثيق
ولا يغررك مظهر من يحـابي ** وفوق لســـــانه لفظٌ أنيق
فبعض المدح للإنســـان ذمٌ ** وبعض البر في الدنيا يعــوق
ترى الحشرات بالأزهار تلهـو ** وما يغري سوى النحل الرحيق
وشأن الناس في الطبع اختلافٌ ** هنالك ظــالمٌ وهنا شــفيق
فريقٌ لا يجامل أو يحـــابي ** ويغــــرق في تزلفه فريق
يحبُ المــاء ذو ظمأٍ ليروي ** ويكره لجـــة الماء الغريق
إذا مات الفؤاد فلا تســـلني ** عن الدم حــين تفقده العروق
- - - - - - -
جذوع النخل أشــباحٌ طوالٌ ** إذا لم تزدهي فيها العــذوق
لماذا حين أعلن قول صــدقٍ ** أرى بعض الصدور به تضيق
أحب بلادنا حباً عظــــيما ** له في خاطــري نسبٌ عريق
ولكني أعــــــاتبها إذا ما ** رأت عيني أمـــوراً لا تليق
وقد يشــفي غليظُ القول داءاً ** إذا لم يشـــفه القول الرقيق
أرى أثر الغـــيوم ولا رعودٌ ** تحــدثني ولا ومضت بروق
وأســمع ألف أغنيةٍ نشــازٍ ** فيزعجني التكســـر والنعيق
عبرت محــــيط آلامي فلما ** تجاوزت المحـيط بدأ المضيق
وكيف أريد ملء الكأس مــاءً ** إذا كانت يدي الأخـرى تريق
ألا يا مــــاكراً بالناس مهلاً ** فمكر الماكـــرين بهم يحيق
سألتك والســـؤال له جوابٌ ** أيُجــــمع حين ينتثر الدقيق
رأيت عـيون قومي في زماني ** يظللها عن الحــــق البريق
أراهم ينصتون إلى كـــذوبٍ ** ويزعجـهم إذا نطق الصدوق
تنوعت الجــراح فلا اصطبارٌ ** يواجهها ولا قلبٌ يطــــيق
(عبدالرحمن العشماوي).
|