أهازيج على رصيف الفقر

أهازيج على رصيف الفقر



الفقر ذلك الإملاق الذي أذهب الحياء من الوجيه وقهر بجبروته الأماني واستحالت معه الراحة , فحول البسمة إلى نحيب تقرءاه في تعابير الوجوه وينتشر في أعماق النفوس , فكم من شجون أغار الفقر على خضراءه فأهلكها وكم من أماني جثى على أنفاسها فأزهقها وهاهو ذلك المارد المتسلط يسوم النفوس ذلاً فينتـزع منها بسمتها ويجردها من أمانيها وكأنه يبر بقسمه ويوفي بعهده بأن لا يترك ثغر باسماً ولا صوتاً ضاحكاً فقتل السرور بتجبر وعادى أهله بتكبر, نام على أحضانه تعساء الحياة وتدثرت عزائمهم منه عباءته السوداء , انتصر على الأمل بخداعه وأباده بمكره ولا يزال يحارب بقاياه في النفوس بكل ما أوتي من قوة وبجبروت المنتصر وسطوة الظالم , فأنشأ لكل صوت ألم ولكل ضحكة عَبرة فتتردد الشكوى منه بين الشفاه والمآقي ويتعاظم منه الألأم بين الجوارح والجنَان , لم يرعوي عن ساديته المقيتة بصوت الألأم ولا باستغاثة الانهزام يجني بتكبر ويقهر ويتجبر , لو أصغيت إليه لسمعت صوت ضحكاته مع انهمار دموع الفقراء وتتعالى قهقهاته بانكسارهم , أذل بجبروته الرقاب ومرغ الأنوف في التراب , استوحشت منه البسمة وتعاظمت منه النقمة وتخاذلت معه الهمة , ساد في الناس خسفاًحتى تأصل في النفوس أن السلامة منه بالركون إليه , استعبد وأستبد وأنكأ بلا حياء , لسان حاله من استطاع منكم أيها البشر في كل عصر ومِصر أن يقهر سلطاني أو يتجاوزه فليبادرني ولا ينذرني , طلعته مهيبة ونظراته مريبة وضحكاته كئيبة , كسانا بما يرغب وأطعمنا ما لا يستعذب يدغدغنا بالأمل ويباغتنا بالحضور حتى كان أمثلنا طريقة من يستبيحه عذراً إن أخطاءه ظلمه , صولاته متتابعة وأسلحته بإذلالنا متباهية وجنوده على حربنا متمرسة يدعونا فيسبقنا إليه انكسارنا له من رهبته ويدنونا منه تلذذاً واستمتاعاٍ بمشاهد علامات البؤس التي ارتسمت على محيا أسراه منه فيستطير بنا فتكاً تتبلد معه الأحاسيس عن التعبير وتُلجم ألسنتنا عن طلب الرأفة بنا منه ,سيمفونيته صوت عويلنا وأمانيه مسخ بقايا سعادتنا ومع كل ذلك فنحن لا سوانا قتلاه الذين لا نزال نمشي على الأرض بإقدامنا ونهرول بها إلى حتفنا ليس لنا من خياراً أو اقتدار غيره !!!

بقلمي