التعجيز بين العازمي و المسعودي
[align=center]التعجيز بين المسعودي والعازمي !
حينما يتقابل شعراء المحاورة فلا همّ لأحدهم ـ في الغالب ـ إلا تعجيز خصمه ؛ لذلك نجدهم أحياناً يأتون بألحان صعبة وأحياناً يأتون بقواف متعددة وصعبة لا يستطيع غير المتمرّس أن يستمر فيها ، وأيضاً يأتون بألغاز قد يصعب حلها في نفس اللحظة لا لشيء إلا بسبب ضيق الوقت وربما رداءة توضيح اللغز من قائله .
والحقيقة أنه كلما خلت المحاروة من روح المحبة والنقاش والطرفة فالأفضل عدم الاستمرار فيها ، وقد رأينا وسمعنا كثيراً عن أبيات ألقاها شعراء أعجزت في الغالب الآخرين .
وسأتناول اليوم ( اللغز وتعدد القوافي ) بين شاعرين كبيرين ، شاعرٌ قديم وآخر حديث . ولكل منهما بصماته التي لا يمكن إغفالها أو تجاهلها . الشاعران ( عبد الله المسعودي و حبيّب العازمي ) .
إنّ الألغاز في المحاورة كلما كانت جيدة وواضحة العبارات كلما كانت أدعى للبقاء . فهذا ( المسعودي ) مثلاً لم يجد من الشعراء من يستطيع حل لغزه مع سلامة ألفاظه ووضوحها وتحديده الجامع المانع لمقصده ، حيث إن حل هذا اللغز لا يحتمل أكثر من شيء واحد يقول : ـ
أنشدك عن بنت ليا منك دخلـت بنصهـاتحماك من تسعين متسلح وتسعين أعزلي
تثنّت الأرماح عنهـا والمقـص يقصهـاأكبر من الناقة واقل شوي من راس الطلي
و ( العازمي ) جاء بلغز جميل ، وألفاظ جيدة لا تخلو من الطرافة والنكتة ، ولكنه لم يحدد المطلوب جيدا ؛ لذلك تضاربت الآراء حول حل اللغز يقول ( موال ) : ـ
أنشدك عن رجل راكبته مـرهوإن دخل في بطنها جت بظهره=وإن ركب في ظهرها ما تقدره=..
وقد أجاب ( ابن طمحي ) إجابة قريبة حين قال : ـ
هذي الخيمة وتبنى بالعمـد ,,,, يالله إنك لا تضيع لي جهد
ولكنّ ( حبيباً ) لم يعتمد هذه الإجابة ، والسبب كان لأن اللغز يحتمل أكثر من حلّ .
أما في مجال تعدد القوافي وتعجيزها فلكل من الشاعرين بصمة في ذلك ، ولكل منهما باع طويل فيه .
يقول ( المسعودي ) : ـ
سـلام رديـة عجـلوأبطى عليه لين أشوف=بين الصفوف=لكل جمع الحاضرين=أثني سلام
الشام مالي فيـه اهـلوان ليا جيت امعروف=ياهل الزروف=اللي عليها كاتبين=الدرب شام
صعب جدا أن تجد من يتقن الرد على كل قافية ، ففي كل بيت خمس قوافي(عجل ، أشوف ، الصفوف ، الحاضرين ، سلام )
( أهل ، معروف ، الزروف ، كاتبين ، شام ) . وفي الأبيات نجد تعجيزاً آخر يتمثل في أن الكلمة الأولى في كل بيت تكون هي النهاية في نفس البيت ( سلام سلام ،، شام .. شام ) .
وبنفس الأسلوب تقريباً يقول ( حبيب ) :ـ
ســار الـقـدم حـسـب الطـلـب والدرب عيّا لا يشاف=متى يشاف الدرب واللي فيه يسري كيف=سار
صـار اخـتـلاف فــي الـعـرب والسالفة فيها اختلاف=فيها اختلاف ومشكلة لكن مدري ويش=صار
ففي كل بيت ثلاث قوافي ( الطلب ، يشاف ، سار ) ( العرب ، اختلاف ، صار ) وفي الأبيات تعجيز بأن ينتهي كل بيت بأول كلمة ( سار .. سار ،، صار .. صار ) وفيه تعجيز بأن يكون بداية الشطر الثاني بالفاظ نهاية الشطر الأول ( عيّا لا يشاف .. متى يشاف ،،، فيها اختلاف .. فيها اختلاف ) .
عموماً يبقى هذان الشاعران رمزين كبيرين في مجال المحاورة وإنْ كان
( المسعودي ) رحل إلى رحمة الله ـ إن شاء الله ـ إلا أن ( حبيباً ) ما زال يبدع ويبدع ، وننتظر منه المزيد .
وسلامتكم
وتقبلوا تحياتي
مــــــــنـــــــقـــــــ ــول[/align]
|