كلمة جريدة اليوم لهذا اليوم
كشفت الأحداث الأخيرة، في بلدة العوامية، عن الوجه القبيح للسياسة الإيرانية، والذي لا تزال تنتهجه تحديداً ضد دول الخليج عموماً، متجاهلة تماماً أبسط حقوق الجوار التاريخية، والكلام عن الأخوة الإسلامية.
كان كثيرون منا، يعتقدون أن إيران ما بعد الشاه، تختلف عما قبلها، ولكن، تأكَّد بالدليل القاطع، أن تغيير الأقنعة لا يعني بالضرورة تغيّر القناعات، لذا فشلت كل محاولات التقارب الإيراني الخليجي، بتعمّد إيراني، وإصرار على ممارسة سياسات العنجهية وفرض القوة، حتى ولو ارتدت قميصاً دينياً لا ينفكّ المتطرف في طهران عن تصديره والتبشير به، في تصرّف سافر للتدخّل في الأمور الداخلية لدول جارة وذات سيادة.
ولهذا، لا يمكن فهم كل التصرّفات التحريضية الإيرانية، خلال العقود الثلاثة الماضية، أو وضعها إلا في إطار المتاجرة سواء بدغدغة مشاعر الناس العاديين، واللعب على الأوتار الطائفية، وفيما تحاول إيران الادعاء بتبني أقليات بعينها في بلدان عربية، تستنكر تماماً بل وترفض من يشير إلى حقوق الأقليات على أراضيها، عرب الأحواز مثل واضح على هذه الشيزوفرينيا السياسية!
ولو نظرنا بشكل خاطف على طبيعة المؤتمر الذي دعت اليه إيران اخيراً دعماً لما تسمّيه "الانتفاضة" الفلسطينية، لوجدنا أنه استمرار لما يُعرف بالمتاجرة بالشعب الفلسطيني لا اكثر ولا اقلّ. فليس هناك انتفاضة فلسطينية اصلاً.. بل هناك سعي لتحقيق ما يطمح إليه الفلسطينيون بالطرق السلمية؟! ثم من الذي أعطى إيران توكيلاً حصرياً بالحديث عن قضية، لا تشارك فيها برصاصة واحدة، ولم تقدّم إليها شهيداً واحداً، بل لم تتحمّل تكاليف علاج مصاب واحد؟
ككل السلوك الإيراني، لا تعدو المسألة مجرد مزايدة تجارية، في مزادٍ بالكلمات والحناجر، في وقت تدعم فيه مثلاً النظام السوري الذي سعى دائماً الى تكريس حال اللا حرب واللا سلم في المنطقة ومقاتلة اسرائيل حتى آخر لبناني وفلسطيني.. فيما جبهة الجولان هادئة، وحسب أحد المحللين، لا يعكّرها عبور عصفور لخط وقف النار القائم منذ العام 1974 احتراماً لاتفاق فصل القوات الذي توصّل إليه النظام السوري مع اسرائيل بفضل المساعي الحميدة لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسينجر؟
إيران التي صدّعت رؤوسنا بـ"الشيطان الأكبر" أمريكا، هي ذاتها التي جعلته "ملاكاً" في اتفاقهما على العراق، وإيران نفسها التي طبّلت كثيراً ضد "الشيطان الأصغر" إسرائيل، هي التي أوحت لعملائها في حزب الله، بالحفاظ على الهدنة في جنوب لبنان.
فعلاً.. أصبحنا لا ندري: أين يختبئ الشيطان بالضبط؟
|