أقوال باطلة قيلت حول نسب لحيان
أقوال باطلة قيلت حول نسب لحيان
قيل أنهم من ثمود : وهذا القول لا يمتُّ للصحة بصلة لا من قريب ولا من بعيد لأنه يتنافى مع قوله تعالى حينما أخبر عن قوم ثمود وقوم عاد في سورة " الحاقة " وفي الآية رقم 8 إذْ يقول سـبحانه : ( فهل ترى لهم من باقية ) قال ابن كثير في تفسـير هذه الآية : أي هل تحس منهم من أحد من بقاياهم أو ممن ينتسـب إليهم ؟ بل بادوا عن آخرهم ولم يجعل الله لهم خَلَفَاً . أمَّا بنو لحيان لا زالوا موجودين حتى اليوم . وتقول " هتون الفاسـي " : إنَّ مثل هذا القول يحتاج إلى كثير من الإثباتات التاريخية . وأرى أنَّ صاحب هـذا القول لم يأتِ بشيءٍ منها .
وقيل أنهم من بقايا جرهم : وهـذا القول باطلٌ أيضاً ؛ لأن جرهم من العرب البائدة الذين لا يوجد اليوم على وجه الأرض أحد منهم . يقول المحقق النَّسَّابة صاحب كتاب " جمهرة أنساب العرب " : إنَّ جرهم وقطورا وطسم وجديس وعاد وثمود وأميم وإرم ، بادوا ؛ فليس على أديم الأرض أحد يصح أنه منهم ، إلاّ أنْ يَدَّعِيَ قوم ما لا يثبت . ( ويقول صاحب كتاب " معجم قبائل الحجاز " : ربما أنّ لحيان حالفت جرهم إبَّان سـيطرتها على مكة فظن البعض أنهم من جرهم .
وقيل أنهم من العرب الجنوبيين استناداً إلى نقشٍ وحيد نصه " أ ب يدع ذلحين " ومعناه " أُبَيْدَع ذو لحيان " : وهذا القول مردود أيضاً ، لأن تفسـير هذا النقش كما يراه المختصون " يثبت أن رجلاً من لحيان عاش مع الجنوبيين " فلا غرابة في ذلك فقد يكون تاجراً لحيانياً مقيماً هناك ، أو قد يكون نسـيباً لهم ومقيماً معهم . يقول د/ حسين بن علي أبو الحسن : إنّ ورود هذا الاسم في ذلك النقش ، لا يعني بالضرورة أنّ لحيان قبيلة جنوبية ؛ لأنّ ذِكْرهم لم يتكرر في غير هذا النقش ، فلو أخذنا بهذا القول لَعَدَدْنَا الأشخاص الجنوبيين الذين ذُكِرَتْ أسـماؤهم في النقوش الشمالية من قبائل الشمال . انتهى كلام أبو الحسن .
ولاشـك أنّ الذين أخذوا بظاهر هذا القول دون تمحيص قد أسـاؤا التقدير إذْ ربطوا بين الجهة التي قَدِمَ منها اللحيانيون وبين نسـبهم . فاعتقدوا أنّ اللحيانيين من قبائل الجنوب القحطانية ، وهم ليسـوا كذلك . بل هم بطنٌ من هـذيل إحدى القبائل العدنانية الشـهيرة كما أكَّد ذلك النَّسابون . قَدِمُوا إلى العلا من مكة التي تقع في جنوب العلا ، فأطلق عليهم المؤرِّخون " العرب الجنوبيين " نسـبة إلى الجهة التي قَدِمُوا منها . ومن هنا حصل اللبْسُ لدى البعض .
وقيل أنهم من لخم القحطانية : وهـذا القول لا صحة له ولا دليل عليه ، يقول صاحب كتاب " معجم ما استعجم " إنّ في هذا القول تحريف ؛ لأنّ بني لحيان من هذيل . ويقول د / عبـد الجواد الطَّيب : إنّ لحيان القدامى أصحاب الحضارة وذوي التاريخ العريق المعروف غير لحيان هذيل ، وإنما الرابط بينهما هو تشابه أسماء : وهذا القول غير صحيح جملةً وتفصيلاً للأسباب التالية :
أولاً : يبدو أنّ الدكتور / عبد الجواد الطّيب بَنَى تقديره هذا على أحد الأقوال الباطلة التي ذكرناها سابقاً ، وما بُنِيَ على باطل فهو باطل .
ثانياً : أنّ صاحب هذا القول لم يدعم قوله بدليل ، ولم يأتِ بقرينة واحدة بل ولم يُشر إلى دلالة توضّح ذلك كما يفعل الباحثون .
ثالثاً : أعتقد بل وأجزم إنّ الدكتور ومن سـار في ركابه -وهم بالطبع أقل من القليل - لم يطّلعوا على ما كتبه المؤرِّخون عن نزوح أبناء عدنان إلى أطراف بلاد العرب ، والتي تشير إلى نزوح قبيلة لحيان ضمن القبائل النازحة من مكة إلى تلك الأنحاء .
رابعاً : متى كان يؤخذ بالآراء المجرّدة في مثل هذه القضايا ، فالرأي يجب أنْ يُبْنى على قرائن وعلى دلالات وعلى استنتاجات وعلى ربطٍ بين الأحداث ، أمّا أنْ نُلْقِي بالقول على عواهنه دون تحقيق وتمحيص فلا شك تصرف مرفوض وطريقة خاطئة ، فلو تُرِكَتْ مثل هذه القضايا لكل من هب ودب ، ولو تُرِكَتْ مثل هـذه القضايا لإبداء الآراء دون دليل لحصل لَبْسٌ وخلط في الأنسـاب وأخذٌ ورد لا مبرر له .
خامساً : لو فرضنا جَدَلاً وأخذنا بهذا القول واعتبرنا توافق الأسـماء يُثْبِت وينفي الأنسـاب بلا قرائن وبلا دلالات لَحَصَلَتْ مشـاكل لا حصر لها ، ولَحَكَمْنَا على أنّ معينيي الشمال ليسـوا من معينيي الجنوب ، ولقلنا إنما ذلك تشابه أسماء . ولَحَكَمْنَا أيضاً على أنّ هـذيل مصر والعراق والمغرب ليسـوا من هذيل بن مدركة ، ولقلنا إنما ذلك تشابه أسماء . فهل هذا كلام منطقي ؟ لا شـك إنّ هذا خطأٌ فادح ، ومغالطة للواقع ، وتجنِّي على التاريخ . فأصل العرب ومنبعهم هو جزيرة العرب ، كما أنّ نزوح القبائل العربية من جزيرتهم سواء ما كان قبل الميلاد أو بعده أو بعد الإسلام وأثناء الفتوحات الإسلامية ، فإنّ ذلك لا ينفي نسبتهم إلى أصلهم أبداً ولم يقل أحدٌ بذلك .
وقيل أنهم دخلوا في حِلْفٍ مع هذيل : وهذا القول باطل لا يسـتند إلى دليل صحيح ؛ إذْ أنه من المعلوم أنَّ كل قبيلة تعرف كل من انضم إليها عن طريق الْحِلْف والولاء ، وبعد البحث الدقيق لم نجد أحداً من هذيل على مر العصور والأزمان وحتى وقتنا الحاضر من يقول أنّ لحيان انضمَّت إليهم حِلْفَاً ، بل وجدنا القول السـائد لديهم أنّ لحيان بطنٌ منهم ، وليسوا حلفاءً لهم ، بل هم أبناء عمومتهم ، فلحيان هو ابن هذيل . وهذا مما يؤكِّد لنا أيضاً هذلية لحيان مكة اليوم نَسَبَاً وليس حلفاً .
ويؤيِّد ذلك أيضاً أنّ بني لحيان اليوم " لحيان مكة " يؤكِّدون أنفسهم أنهم بطنٌ من هذيل وليسوا حلفاءً لهم ولا مستقلين نَسَبَاً عنهم ، وأنّ هذا ما توارثوهُ أباً عن جَد وخَلَفَاً عن سلف . ويؤيد ذلك ويؤكِّدهُ تسلسلهم النَّسَـبِي الذي ينسبهم إلى هذيل ، والذي أوضحه النسَّابون في مؤلفاتهم منذُ الْقِدَم .
ومما سبق يتبيَّن لنا بُطلان تلك الأقوال والروايات التي نَسَـبَتْ لحيان إلى غير هـذيل ، وعدم منطقيّة الاستدلال بها ؛ لأنها لا تسـتند إلى أدلّةٍ واقعيّة ولا نَسَبِيّة . ولهذا أجزم أنها بُنِيَتْ على اجتهادات وتقديرات شخصيّة *.
* أنظر كتاب " لحيان عَبْر التاريخ " : عميِّر بن عويمر السويدي اللحياني
منقول من منتدى إخوانكم ( منتدى قبيلة لحيان )
آخر تعديل اللحياني الهذلي يوم 09-09-2007 في 03:34 PM.
|