ليلى بنت عبدا لله بن الرحال من بني الأخيل من عامر كانت امرأة بارعة الجمال فصيحة خبيرة بشؤون الأحاديث ,تروي الأشعار وتحفظ أنساب العرب .
وكان توبة بن الحَميّر يهواها , وهو من بني عقيل من عامر أيضاً .فقال فيها الشعر , ثم خطبها إلى أبيها فرفض أن يزوجه بها ، لما اشتهر من حبه لها وقوله فيها الشعر , وزوجها رجل من بني الأدلع .
فكان ذلك الرجل شديد الغيرة عليها يكره أن يزوره أحد أو يضيف أحداً من أجلها .
إلا أن توبة لم ينقطع عن زيارتها . فغضب قوم زوجها وكمنوا له ليقتلوه . وعلمت بذلك ليلى فلما جاء في أحد الأيام لزيارتها خرجت إلية سافرة عابسة ، فعلم أن ذلك لأمر ٍ ما . فرجع إلى راحلته وفر منهم .
وكان توبة كثير الغزوات فقتل في إحدى غاراته , فرثته ليلى , وكانت ليلى تفد على الحجاج فتمدحه وتنال جوائزه .
ويروى أنها مرت بقبر توبة في أحد الأيام وهي في هودجها ومعها زوجها . فأرادت أن تسلم على توبة فأبى زوجها , فألحت وصعدت ، وهي في هودجها ، إلى أكمة فيها قبر توبة . فقالت : (السلام عليك يا توبة ) .
ثم حولت وجهها إلى القوم ، فقالت : ( ما عرفت له كذبةً قط قبل هذه ) . قالوا : (وكيف ؟) قالت : أليس هو القائل :
ولو أن ليلى الأخيلة سلمت = علي ودوني تربة وصفائح
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا = إليها صدى من جانب القبر صائح
قالت ليلى : (فما باله لا يسلم علي كما قال ؟).
فما أتمت كلامها حتى ثارت من جانب القبر بومة كامنة أخافها الهودج , فنفر الجمل , فوقعت ليلى على رأسها وماتت من وقتها , فدفنوها إلى جنبه .
وقد بكت توبة بعد موته , وطال بكاؤها ما طالت حياتها , ورثته بشعر هو أرق ما نظمت وأجمل ما قالت ، ومنه هذا البيت الذي أقسمت فيه ألا تنسى صاحبها :
فآليت لا أنفك أبكيك ما دعت = على فنن ٍ ورقاء أو طار طائرُ